أتخيل الآن الطريقة الممكنة لنجاة الشعب من هذا العبث الحاصل في بلادنا، ميليشيا سحقت وما زالت تسحق البلاد، رواد حروب فاشيون، أحزاب سياسية مكتوفة اليدين، اقتصاد في علم الله. حدث ما حدث يبقى المهم كيف يصطف الجميع لمقاومة هذا الانهيار المسبوق بانهيار.. مقاومة تكفل نزع بلد يمكنه أن يكون للجميع وعلى حساب الجميع، ليس احتكارا فائضا عن الحاجة. ولقد مللنا مداراة العتمة وكوابيس من الدرجة الأولى التي تتمثل بالحوثي وعلي صالح، ئنائي الخراب والنكاية بالبلد، هؤلاء لا يفقهون إلا لغة العنف وما بدا بدينا عليه. تراهم يسعون إلى بعث القلق والتوتر في أوساط الشارع منه إلى العملية السياسية، غير مكترثين بمصير البلد المتمثل بالاحتياجات اليومية الضرورية هذا كأدنى تبعات هوسهم النكائي بخصومهم السياسيين. أضف إلى تشظي البنية المجتمعية وعودة القوميات الصغيرة.
أقول علينا جميعا الآن صد هذا الثنائي المتصلب عقلا وضميرا، نحن الشعب وليس غيرنا، مثقفين وحقوقيين ومشائخ وأحزابا. الجميع على خط واحد هو اليمن السعيد، اليمن التاريخي الواحد، هذا ضروري لكي ننجو إلى الأبد ولأنها الفرصة التاريخية الوحيدة يجب أن نسارع بعيدا عن التراشق بهزائم الماضي أو الولاءات المتقابلة ايديولوجية كانت أو قبلية.
صحيح أننا نرغب بأن يسدل إلينا الآخرين شيئا ما سريعا ووافر بالحظوظ، لكن ذلك يبدو في كل مرة شفهيا ليس إلا، وهذا لا يفي بالنجاة. مثل هذا ينفع في تشجيع صفوف اعدادية، أما في بناء بلدان لعب ومهزلة. يجب أن لا نصير شعبا مثيرا للشفقة، وأن نخرج عن الصمت، لا ميليشيا تصدنا عن النجاة ولا مصالح شخصية يخشى عليها الضياع. أحس أنني هنا اسهب تدريجيا في صناعة بلور كيمائي على عجل يمكنه فرض أقصى سرعة لمحو الانهيار والانفلات.. صحيح ليس بلورا كيميائيا من الفلزات، ولكن من الشعب وإلى الشعب هذا أقل تعبير.
يبقى المهم وإن كان فيه الكثير من الشك، توعدنا المستمر بالتسامح وحب الإنسان من بين كل هذه المغالطات الماثلة في خطابات السيد الانشائية والنطيحة علي صالح. قبل الذهاب أقول لمن يريد انهاك البلاد نكاية بخصوم لا صلة لهم بحاجة الشعب كما قال الكاتب اليمني خالد سلمان في مقال نشر سابقا. إلى ماذا تهفو نفسك ياهذا الشيء الحاكم؟ أتطلب الصفح؟ ليس من صوان عزاء هذه البلاد تبث تراتيل التوبة.. عن جرائم اسميتها أخطاءً.. وهي لنا ام الكبائر وخطيئه تستعصي على التبرير.. التسويف.. والمحو من متون وتخوم الذاكرة. ليس ما اقترفته ياهذا "الشيء" الحاكم.. خطأ.. بل مذبحة تتلوها مذبحة.. ليس ما ارتكبته يا هذا المستغفر.. المدجج بغطرسة المُلك.. هنة هنا.. سوء تدبير وتصريف هناك.. ليس حبراً ذاك الذي دلقته على وجه كل جدران البلاد.. ليس قرارات يمكن تصويبها.. ليس موازنة مختلة يمكن تسوية خانات أعدادها.. انه دم تطاول وطال كل زقاق ومنحنى. فارحل بعيداً عن ضحاياك.. ومن هناك من حيث الأرض المباركة.. من على يمين زين المستبدين.. اكتب وصيتك.. وأعلن جردة حسابك لضفتي حكمك الرمادي.. واطلب من الشعب الغفران .. من هناك من بيت الله.. من على يمين إبن علي قُل : غفرانك يا شعبي لقد اخطأت.. اليك الوذ.. ومنك أطلب الصفح.. وحسن الخاتمه. من هناك.. ليس من هنا.