بينما كنت أشاهد ابني الأصغر/ حسام, وهو يلقي بالدَّلو في قعر الخزان الأرضي للعمارة التي أسكنها, بهدف جلب الماء للمنزل, جراء الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي, وتفاقم أزمة المياه, كجزءٍ من المعاناة الشاملة التي تحاصر جميع اليمنيين؛ فإذا بفكرةٍ تحضرني, وتحرضني على تقديم توصيفٍ للدولة اليمنية, عبر الربط بين (الدَّلو) أو الإناء الذي بيد ابني, والمعاناة التي مصدرها حكام دولتنا, وحركاتنا , وأحزابنا العاجزة, الفاشلة! ولذا, فقد قررت هنا, الحديث عن مفهوم ما سميته ب(الدولة – الدَّلو) كمعضلة يمانية.
ورغم تضاد وظيفة (الدلو) الإيجابية لدى ابني/ حسام, مقارنة بمهام (الدلو أو الدِلاء : جمع دلو) السلبية عند حكامنا ومسئولينا العاجزين الفاسدين, والذين حولوا مواردنا, و ثرواتنا إلى أملاكٍ خاصةٍ لهم وذويهم ؛ فإنَّ مما شجعني على الربط بين مفهومَّي (الدلو) و(الدولة), تشابه حروفهما, وإن كان حرف الهاء زائدًا في كلمة الدولة, إلا أنَّ له دِلالة تبدو غاية في الرمزية, والخطورة؛ حيث إنَّ (الهاء) قد تعبر عن (آهات) وآلام شعبنا اليمني, واستمرار معاناته وقهره. وفي هذا الصدد, يمكن وسم الدولة في اليمن ب(الدولة – الدَّلو)؛ حيث يختزلها حكامها ومسئولوها إلى (دَّلو) وإناءٍ يملئون عبره جيوبهم, وأرصدتهم, وحساباتهم في البنوك الخارجية, بينما شعبنا مازال يعاني من الجوع والمرض والجهل والمهانة!
إننا نحتاج لوقف العدوان والحرب, وحضور سلطة الدولة التي تؤدي مهامها, ودورها في توفير شروط العيش الكريم. دولةٌ تُصان فيها الحقوق, ويُحتَرمُ فيها المواطن, وتتاحُ له الفرصة في أن (يدلو بدلوه), ورأيه في شئون مجتمعه. نعم, إننا نحتاج لحضور دولة العدل الحق وحكم القانون, لا (دولة – الدّلو), المختطفة بيد المستبدين والفاسدين وتجار الحروب!
دولةٌ تسترد سيطرتها على ثرواتها, و(آبارها) النفطية والغازية, وتحويلها من ملكية شخصية يستغلها الحاكمون وحاشيتهم وفاسديهم, إلى ملكية عامة, تعود بالنفع على اليمنيين, كل اليمنيين. اعلموا, ألا حل إلا بالانتقال من (دولة – الدَّلو), و(سلطة –الداء) إلى سلطة و(دولة – الدواء).