لا يخفى على أحد الخسارة الفادحة التي لحقت باليمن واليمنيين نتيجة لحروب صعدة الستة المشؤومة. خسارة مادية أثرت على لقمة العيش، وخسارة بشرية بفقدان آلاف اليمنيين حياتهم في حرب عبثية. خسارة وكارثة إلا إذا كنا لا نقيم وزناً للجندي اليمني فنذهب لنقامر بحياته في كل الاتجاهات دون أسف، ونرى أن لعبة الموت شيقة، طالما ونحن نرى أن استبدال جندي يقتل بجندي آخر أمراً سهلاً وميسوراً ورخيصاً وبدون تكلفة، على قاعدة "الحجر من القاع والدم من رأس المواطن"، فالرصاصة من الحوثي والجندي من عموم الشعب. وفي كل الأوطان حياة الجندي غالية واستقرار الشعب واجب وطني، والحوار هو البوابة الآمنة لهذا الاستقرار. أقول هذا وأنا أقرأ الصحف الرسمية وافتتاحيتها وهي تشن حملة تخوينية شعواء ضد أحزاب المشترك، لأنها تسعى لحوار شامل مع كل فئات الشعب ومن ضمنهم "الحوثيين"، لضمهم إلى مائدة الحوار المدني السياسي الذي يستبدل الرصاصة بالكلمة والدماء بالحوار وثقافة الإزاحة بعقيدة الإيمان بحق الجميع بالوطن، والاجتماع على القواسم المشتركة لنقيَ وطننا مزيداً من الانهيار، فما الذي أغضب السلطة من الحوار، وكان المفترض أن تشجع أي مبادرة تكرس ثقافة الحوار، بدلاً من هذا القصف الإعلامي ضد المشترك بجريرة الحوار. أعتقد أن ما يقوم به المشترك في الدعوة إلى الحوار مع كافة الفرقاء وإبعادهم عن دائرة العنف؛ هو عمل وطني يقدّره الشعب ويثمّنه، أما الإضرار بالوطن فهو ذاك المسلك المريب الذي يراهن على الأزمات والفتن والحروب بين أبناء الوطن، ويتساءل كتساؤل افتتاحية صحيفة "الثورة" بحزن شديد: كيف يجتمع "المتعوس على خائب الرجاء"، مع أن السلطة تدعو صباح مساء إلى الحوار. إنها حملة على ثقافة الحوار الجاد، ودعوة إلى استمرار التناقض المذهبي والأيديولوجي لتبقى الفتنة قائمة، ويخلو لها الجو لمزيد من البيض الفاسد والصفير الماجن.