دمت.. جنوبموسكو، شمال عدن .. مدينة الكبريت واللهجة الطيبة.. المدينة التي تقاوم منذ بدء الخليقة، على كتفها الأيسر كان (الحميريون)، وفي الأيمن قلاع (الطاهريين).. دمت.. خاصرة اليمن، وقلب كل شيء.. وآخر رصاصة في جيب (سبتمبر)، وآخر المدن المستكينة. لم يغفروا لها ذلك، ولم تنساه.. فكانت أول المدن في (فبراير) دمت..
قبل هذه المرة.. دخلها الغزاة ألف مرة، غير أن أحداً منهم لم يعد إلى دياره مرة أخرى. قبل أيام كانت تضحك ساخرة من منظر الغزاة الجدد، وهم يجولون على ظهرها المقدس، بأشكالهم الرثة، وأسمائهم المتغطرسة..
لم يكونوا جدداً بمعنى الكلمة، فقد سبق أن مروا عليها ذات يوم، لنفس الهدف!! آباؤهم يتذكرون، أمهاتهم قد حكت لهم عن جن كان اسمهم "المخربين".. وفي لهجتنا نسميهم "المقاومين"، منذ أربعين عاماً.. لا يزال الجن "مقاومين".
كان السلاح معلقاً على جدار كل بيت، غير أنه لم يكن ليخرج إلا عندما يأتي الغزاة مرة أخرى.. وقد أتوا من ذات الطريق، كما في الألف مرة السابقة.
أتوا على حين غرة، فاعتقدوا أن دمت قد نست.. وكيف تنسى المدن ثاراتها؟! دمت لم تنسَ.. ذات يوم كانت النساء تلد (مقاوم)
ذات يوم كانت دمت مقسومة نصفين.. نصف يقاوم، ونصف في المنافي.. يقاوم ولم يكن فيها واحد يرتعش، أو يساوم. ليدخلها الغزاة الآن.. فهي أقصر طرقهم إلى الجحيم.