شن حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في اليمن هجوماً حاداً على أحزاب اللقاء المشترك المعارض، في ظل تصاعد المواجهة بين الطرفين، وتبادل الاتهامات بشأن تعطيل الحوار، وذلك بعد يوم من عقد قادة أحزاب المعارضة لمؤتمر صحفي. وأبدى مصدر مسئول في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام استغرابه لما وصفها ب"حالة الهزل" التي وصلت إليها قيادات أحزاب اللقاء المشترك، وأنها أصبحت تعيش في حالة يائسة، واصفاً المؤتمر الصحفي للمعارضة ب"العبثي والمتكرر".
وكانت قيادة أحزاب اللقاء المشترك والحوار الوطني نظمت مؤتمراً صحفياً أمس الاثنين، اتهمت فيه السلطة بإنتاج مزيد من المشكلات والأزمات في البلد، والنكث بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وأبرزها اتفاق فبراير، والذي تم بموجبه تأجيل الانتخابات البرلمانية لسنتين، والاتفاق على مواصلة الحوار، وإجراء تعديلات دستورية وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات.
وقال المصدر المسؤول في حزب المؤتمر الشعبي العام في بيان حصل "المصدر أونلاين" على نسخة منه "إن هذه القيادات قد وصلت للأسف حد الإفلاس ولم تعد تستشعر بمسئولياتها ولا احترامها للدستور والقانون وواجبات المواطنة الصالحة أما الاتفاقات فلم يعد خافٍ على أحد أن هذه القيادات لم تخجل في يوم من الأيام من تنكرها للاتفاقات والنكث بها وهي تعتبرها مجرد إلهاء ومضيعة للوقت من أجل افتعال الأزمات للإضرار بمصالح الوطن والتكسب من وراء ذلك".
وأضاف المصدر "لم يكن اتفاق فبراير وحده من تنكرت له قيادات أحزاب اللقاء المشترك ولن يكون أخر الاتفاقات التي سوف تتنكر (...) وهي تضع العراقيل والشروط التعجيزية لإعاقة تنفيذه في إطار مخطط مكشوف لعرقلة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد وإدخال البلاد في متاهات الفراغ الدستوري (...)".
واتهم أحزاب اللقاء المشترك بأنها "تعاقر الكذب" وأن أمناء عموم الأحزاب السياسية رفضوا التأكيد على إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد في أبريل 2011م، وأنهم رفضوا تدوين ذلك في المحاضر أو الصيغة التي سيوقع عليها".
ونصح المصدر رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك الدكتور عبدالوهاب محمود "بقول الحق ولو لمرة واحدة" بشأن بندين أعاقا الاتفاق بين الطرفين، وهما "الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وحيادية الإعلام الرسمي"، مؤكداً أن الأمين العام المساعد للمؤتمر سلطان البركاني أبلغ محمود بالموافقة على ترتيب لقاء مع الرئيس صالح، إلا أن الأخير لم يرد حتى اللحظة.
وكان محمود قد استعرض أمس الرسائل التي تبادلها المشترك والحزب الحاكم خلال الفترة الماضية، ومنها رسالة من المؤتمر تعلن تراجعه عن وثيقة اتفاق كان أبرمه نائب رئيس المؤتمر الدكتور عبدالكريم الإرياني مع المشترك، لمواصلة الحوار، بعد تحفظ رئيس المؤتمر (علي عبدالله صالح) على بندين في الوثيقة، تقضي الأولى بإطلاق المعتقلين السياسيين، والأخرى بتحييد الإعلام الرسمي.
وقال المصدر المسؤول في المؤتمر إنه من العار على قيادات أحزاب المشترك أن تدعي التزامها باتفاق فبراير وهي التي تعمل بكل ما أوتيت من قوة على إجهاضه والتنصل منه وعدم تنفيذه، فمرة تختلق قصة المجرمين وقطاع الطرق والخارجين عن الدستور والنظام والقانون من العناصر التخريبية والانفصالية الذين تحالفت معهم ومرة تختلق قضية حلفائها من المتمردين والخارجين على الشرعية من العناصر الحوثية التي أشعلت الفتنة في صعدة ومرة تضع في طريق تنفيذه الإدعاءات الباطلة والشروط التعجيزية التي لا تنتهي"، وسخر قائلاً: "ولا غريب أن نسمع خلال الأسابيع القادمة أن تتحول المزيد من سيارات الخدمات والزوجات والأبناء إلى شروط جديدة لتنفيذ اتفاق فبراير".
واستنكر المصدر اعتبار المعارضة لاتفاق فبراير بأنه مرجعية، مؤكداً أنه ليس سوى واحد من الأسس، وليس أصل الحوار وجوهره وذروة سنامه" مضيفا أن "ذلك الاتفاق مفهوم وواضح ولا يحتاج إلى جهابذة المشترك أن يفسروه أو يحوروه كيفما يريدون من أجل الالتفاف عليه لتأجيل الانتخابات مرات ومرات".
وكان الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، قد أكد أمس أن اتفاق فبراير الموقع بين الطرفين هو المرجعية للحوار الوطني، معتبراً إياه الأول من نوعه في التاريخ السياسي اليمني، وعزا تهرب حزب المؤتمر الحاكم إلى تأكيد الاتفاق على مشاركة كافة القوى السياسية الفاعلة في اليمن في الحوار.
وقال المصدر: "إن قناعاتنا الراسخة بل وقناعة كل المراقبين والمهتمين المتتبعين والأشقاء والأصدقاء أن (المشترك) يهدف إلى عدم إجراء الانتخابات في موعدها وإلغاء الهيئات والمؤسسات والوصول إلى حالة الفراغ الدستوري والفوضى حتى يتمكن من تحقيق مآربه".
وأقسم المصدر المسؤول قائلاً: "يشهد الله أننا نؤكد للجميع أن المشترك بقياداته المتنفذة جمعا وفرادى أبعد ما يكونون عن مصالح الوطن والمواطنين وعن احترام الدستور والقانون والممارسة الديمقراطية وأقدر ما يكونون على لي عنق الحقيقة والافتراء والتضليل، ونحن في المؤتمر نعترف لهم بأنهم فرسان في هذا المجال وجهابذة في الجحود والنكران وأساتذة في نكث العهود والمواثيق وعدم احترام الاتفاقات وأن ذلك الخليط من مخلفات أفكار المنظومة الشيوعية والقومية والأسلمة وأدواتها وسلوكها الدعائي وتفننها بالإشاعات والكذب صارت سمة من سمات المشترك لا نستطيع نحن في المؤتمر أو غيرنا على مجاراتهم فيها". حد تعبيره.
وقال إن أحزاب اللقاء المشترك حريصة على الفتنة والتمرد، وقطع الطرقات، وعلى النيل من النظام والقانون والوحدة الوطنية، عن طريق تحالفهم ودعمهم للخارجين على القانون والمتمردين ودعاة المشاريع الصغيرة والإرهابيين من عناصر تنظيم القاعدة، والساعين إلى تجزئة الوطن وإعلان تأييدهم المطلق لكل ما من شأنه الإضرار بالوطن وسيادته ونظامه الجمهوري ووحدته. حد قوله.
وكان بيان المشترك الصادر أمس دافع عن توقيع تحضيرية الحوار الوطني لمذكرة تفاهم مع جماعة الحوثي، وقال إن الاتفاق معهم ينص على نبذ العنف واعتماد النضال السياسي السلمي ومؤتمر الحوار الوطني ووثيقة الإنقاذ كطريق لحل قضية صعدة، وتداعياتها وآثارها والتمسك بالتسامح والتعدد والمواطنة المتساوية والوحدة الوطنية والدستور والقانون، متهماً من أسماهم ب"أمراء الحرب" بالدفع نحو اندلاع حرب سابعة في صعدة.