أعلن قائد ما تعرف ب"كتائب سرو حمير" المسلحة طاهر طماح تراجعه عن تهديده بقتل الجنديين المختطفين لديه منذ السبت الفائت، وأطلق سراحهم في هذه الأثناء لأسباب قال إنها "إنسانية بحته". وقال طماح في حديث ل"المصدر أونلاين" إنه أفرج عن الجنديين عصر اليوم الثلاثاء، وسلمهم إلى الضابط فضل غرامه مدير سلاح المهندسين في عدن، في مبادرة إنسانية وشخصية منه، ودون أي وساطات من أي طرف". وأكد أحد الجنديين ويدعى فيصل العماري، صحة الإفراج عنهما، واكتفى بالقول ل"المصدر أونلاين" إنهما في الطريق إلى تعز على متن السيارة". وإذ أشار طماح إلى أن تهديده في وقت سابق بقتل الجنديين كان مجرد جس نبض ما أسماها ب"سلطة الاحتلال"، فقد أكد أنه لم يتفاوض معه أحد بشأنهم من جانب السلطة وهو ما يوحي بأنها "كانت تنتظر حكم تنفيذ اعدامهم على أحر من الجمر حتى تلصق التهم بأبناء الجنوب". حسبما قال. وأردف "لكن حاشا لله أن نفعل ذلك". وأضاف طماح ل"المصدر أونلاين" وجدنا أنه لا يوجد أحد سيتفاوض عنهم، ومن جانب إنساني فضلنا أن نطلق سراحهم، ونحن راعينا ظروف أسرهم". وأوضح "رأينا أنه من غير المنطقي أن نربطهم بأسرانا من أبناء الجنوب حيث سيطيل بقاءهم عندنا". وتابع قوله "بالنسبة لأسرانا كلما مرت ساعة وهم في زنازين الاحتلال زاد رصيدهم النضالي وزاد حب أبناء الجنوب لهم، في حين أن هؤلاء الجنود كل ما مر يوم سيعانون أكثر، وسيزيدهم الإهمال من قبل قياداتهم أكثر". ونفى طماح أن يكون قد أخذ من الجنديين أي تعهدات بعدم عودتهم إلى معسكراتهم. طماح، والذي يتحدث بصوت ذو نبرة هادئة ووقورة، على عكس الصورة الاستعلائية التي قد تتبادر إلى الذهن لأول وهلة عن الرجل، أكد أيضاً أنه رفض السماح لصحافيين إجراء حوار صحفي مع الجنديين الأسيرين، وعزا ذلك إلى "تفادي قولهم لأي كلام يزعج السلطات تحت وطأة "الإحراج" أثناء وجودهم رهن الاحتجاز الأمر الذي قد يتسبب في فصلهم من وظائفهم". وهو بهذا الحديث يشير إلى "الإنسانية العالية" التي تعامل بها مع الجنديين، وزاد القول "أكرمناهم ووفرنا لهم كل وسائل الراحة والغذاء، حتى القات والدخان، ولم نمسهم بأي سوء". وأردف قائلاً ل"المصدر أونلاين" قلنا لهم سنفرج عنكم ومن ثم أنتم احرار في الإدلاء بأي تصريحات صحفية". وكانت عناصر مسلحة تابعة لكتائب "سرو حمير" التي يتزعمها طاهر طماح، قد اعترضت السبت الماضي، جنديين من محافظة تعز في منطقة تقع بين حبيل حبر ويهر في محافظة لحج (جنوب اليمن) أثناء عودتهما لقضاء إجازة بين أهلهما في تعز. وقد اقتادوهما إلى معقل طماح كرهائن للضغط على الحكومة للإفراج عن معتقلين. وأمهلت "الكتائب" المسلحة السلطات اليمنية 48 ساعة لإطلاق سراح معتقلين اثنين لديها على ذمة قضايا جنائية، وهما بسام السيد وهاني المشوشي، ما لم "فإنها غير مسؤولة عن حياة الجنديين". ربما كان يعتقد طماح أن هذه الوسيلة هي الأجدى نفعا لإطلاق سراح "السيد والمشوشي" وهما عضوان في كتائبه المسلحة. لكن المهلة التي أعطاها قائد الحركة المسلحة للسلطات انقضت أمس، ولم يمس الجنديين بأذى، فيما كان مرور الوقت يضغط على أعصاب الكثير من وصول اللحظة الحاسمة لإعدام الجنديين، وما قد تؤول إليه الأمور إثر القيام بمثل هذه العملية. وحاول طماح أن يرفع وتيرة الدهشة التي انتابت الكثيرين خوفاً على حياة الجنديين، من خلال التصريحات التي أطلقها عبر المصدر أونلاين أمس الأول، ودعا خلالها أسرتي الجنديين إلى زيارتهما قبل انقضاء المهلة وقتلهما. لكن النهاية، كانت مطمئنة، وعلى هذا النحو: لقد قرر طماح أن يطلق سراح الجنديين الأسيرين حينما لم يجد أي تجاوب من قبل السلطة. وفي المقابل عمدت السلطة إلى إلتزام الصمت عن القضية، باستثناء خبر مقتضب عن حادثة الاختطاف تناولته المواقع الرسمية السبت الفائت.
واللافت أن الصمت هذا انقشع للتو، فحينما قرر طماح إطلاق سراح الجنديين "بمبادرة شخصية"، أرادت السلطة أن تستغل هذا الموقف "الإنساني" لطماح لتسقط واجبها من خلال خبر قصير نقله المركز الإعلامي لوزارة الداخلية مفاده: إن الأجهزة الأمنية بمحافظة لحج تبذل جهودا كبيره للإفراج عن الشخصين الذين اختطفهما طاهر سالم طماح مطلع شهر مايو الجاري .
وأضافت القول "إن هناك مساعي حميدة تبذل من قبل مشائخ واعيان المنطقة وأفراد أسرة طماح للإفراج عن المخطوفين".
والراجح أن الداخلية قد بلغها نبأ إطلاق سراح الجنديين، فأرادت أن تحصد إنجازاً افتراضياً، ولكن في الوقت الضائع. ومن المؤكد أنها تستعد الآن لتعلن عن: نجاح المساعي الحميدة في إطلاق سراح الجنديين!.