تحررت محافظة شبوة أو بالأصح الأجزاء التي سقطت بيد الحوثي ولم يبق إلا بيحان وعسيلان وهي على الجهة الغربية. وللعلم فإن المحافظة لم تسقط بالكامل تحت سيطرة مليشيات الانقلابيين، بل إن ما يقارب نصفها لم تسيطر عليه المليشيات، ويتميز هذا الجزء بساحل ممتد على البحر العربي وبه منشأة بلحاف لتصدير الغاز. وهذه المناطق تمتلك عدة موانئ وأهمها البيضاءوقنا والحرة.
وللتذكير فميناء قنا "بير علي" تم إرسال بلاغ تخريب بشأنه بتاريخ 23 ديسمبر الماضي من مدير عام فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف إلى محافظ المحافظة .. وذكر فيه عمليات نبش وإزالة وحفر بالمعدات لمباني تاريخية وأثرية هناك حول الميناء وللأسف لم يستجب أحد لذلك.
تذكروا جيداً أن المناطق هذه لم تسقط والسلطة المحلية التابعة للشرعية هي التي تدير المحافظة.
منطقة الموانئ أصبحت معزولة وخطرة تقتصر على نوع من تجار الحروب الذين يظهرون مع الحرب دوماً .. عصابة من المهربين.
وحين تفكر في زيارة هذه المناطق فإن تلك الزيارة قد تكلفك حياتك.. هكذا تم إبلاغ بعض الصحفيين بعد أن أعربوا عن اعتزامهم زيارة تلك المواقع،
فقد أصبحت الموانئ عبارة عن مراسي لسفن التهريب ومركز للإستلام والتسليم. تبدأ الرحلة من هذه الموانئ بالتحميل عبر الناقلات الكبيرة المنتشرة هناك التي لا نعلم من تتبع ولكن بالتأكيد قيادة المحافظة والمحور والأمن تعلم ذلك.
كل ما يقال عن التهريب ويستحب قوله وينتشر في أوساط الناس هو عن تهريب الديزل فقط ليقتنع المواطن بضرورة هذه العملية، وأنها الوسيلة المتوفرة حالياً بالمحافظة لتوفير احتياجات الناس من مادة الديزل.
ما وراء هذا الديزل المهرب وعمليات تهريبه.. شحنات سلاح وشحنات ذخائر ومتفجرات، وشحنات ممنوعات وخمور، وغيرها من الكوارث التي تغذي حالة العنف والفوضى في البلد.. هذه هي الحقيقة.
لست من النوع المتشائم، فأنا دائماً متفائل.. يقال إنه يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر، ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل. ولكن يبدو أن التشاؤم سيد الموقف هنا فالتشاؤم هو ما يقول عنه أوغست "هو علامة العجز فنحن نصبح متشائمين عندما نشعر بعجزنا عن السيطرة" فأكبر القتلة قاتل الأمل هكذا يقال.
شحنات تصل لمليشيات الحوثي وصالح في بيحان وعسيلان ليتمكنوا من إيصالها بعد ذلك لمحافظة البيضاء وتوزيعها للمناطق الأخرى التي تخوض فيها معارك ضد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
تنطلق الناقلات الكبيرة من مراسي التهريب وتقطع عشرات الكيلومترات إلى عاصمة المحافظة عتق. وتمر الناقلات المحملة بمواد مهربة بعدة نقاط بعضها لمسلحين من أهالي المناطق الواقعة على الطريق، وفيها يدفع سائقو الناقلات الأتاوات ليشقوا بعد ذلك طريقهم إلى مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة بسلاسة.
بعض من النقاط الممتدة على طريق الناقلات تتبع السلطة المحلية ويتم الدفع لها بسند ويكتب فيه بدون خجل في خانة رقم السيارة: بدون.
تدخل الناقلات مدينة عتق بالقرب من مكتب المحافظ وقائد المحور، ويتم في بعض الأوقات بصورة فردية من بعض رجال الأمن احتجاز بعض القاطرات ليوم أو يومين وتأتي أوامر عليا بالإفراج عنها .. وعندما نتساءل عن "الجهات العليا" التي أصدرت أوامر بإطلاق سراح الناقلات فلا نجد إجابة .. هل هناك أوامر خطيه؟ الإجابة لا.. فقط مكالمة يتلقى فيها الجنود أوامر شفهية بالإفراج بعد التأكد من سلامتها .. ربما يكون المهرب الكبير بجانب "الأعلى" الذي يقع على الطرف الآخر من الهاتف.
نتساءل عن قيادة الأمن وقيادة المحور أين هم من هذا كله .. لا نسمع إلا صدى صوتنا.. ونحن نعلم أنهم يعلمون .. ويعلمون أننا نعلم وغيرنا يعلم .. ولكن هكذا هي اليمن.
يتم بيع الديزل للمحطات بسعر 2500 ريال للدبة ويتم بيعه للمواطن ب 4 آلاف ريال. أما السلاح والمهربات الأخرى فيتم تفريغها وتهريبها بشحنات صغيرة وحملها في سيارات أخرى متخصصة لتنطلق إلى جبهات الإنقلاب عن طريق، بيحان، البيضاء، ومرخه، ومسورة أيضاً.
تنطلق شحنات السلاح من الأراضي التي نفترض أنها محرره .. لتستلمها مليشيات الإنقلاب وتستخدمها في ضرب وقتل أبناء المناطق التي لم تتحرر بعد .. أن يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي، ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هي الكارثة.
ربما عملية تحرير المحافظة التي تمت بنوع من الإنسحاب والتسليم هو ما تدفع ضريبته الآن.. فأن تبقى هذه المحافظة نقطة للتهريب هذا أفضل لأصحاب الإنقلاب ولعل ذلك كان أحد شروط الانسحاب الغامض.
على المحافظ والسلطة المحلية وقيادة الأمن أن يدركوا أنه لا يمكن أن تكون شبوة في قائمة الخيانة، إطلاقاً لن نرضى ذلك .. وأنهم هم وحدهم من يتحمل مسؤولية هذا العبث بتاريخ شبوة ونضالها .. فإما أن يعملوا وفق متطلبات وتطلعات الشعب أو أن يتنحوا جانباً في الحال، فهذه القضية تعتبر من الأولويات والأساسيات الآن وربما أهم من تحرير بقية المناطق.
نناشد الرئاسة المتمثلة في الرئيس المشير عبدربه منصور والحكومة برئاسة الأستاذ خالد بحاح التدخل في إنهاء هذا الوضع الخطير وبسط هيبة الدولة في هذه المناطق ومحاسبة المتورطين في هذا الجرم.
نناشد أيضاً قوات التحالف بالتدخل في تأمين السواحل والموانئ بما أنهم قائمون على الحصار البحري وأن يدركوا حقيقة ما يحصل في تلك المناطق والسواحل.