أثار قرار إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المتمثل في تفويض وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) قتل المواطن المتهم "بالإرهاب" أنور العولقي، جدلا بشأن القيود القانونية والسياسية التي تحكم استخدام الطائرات بدون طيار في شن هجمات لتنفيذ اغتيالات بدعوى مكافحة "الإرهاب". وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن الاعتقاد المتمثل في أن بمقدور الحكومة الأميركية القيام بتنفيذ القتل بحق أحد مواطنيها بعيدا عن ميادين القتال، ودون محاكمة، واعتمادا فقط على معلومات استخبارية، يثير مخاوف كبيرة لدى السلطات القانونية في البلاد. وأكدت نيويورك تايمز ضرورة حصول الدوائر الاستخبارية على مذكرة قضائية قبل الشروع في التجسس على العولقي أو الأميركي المتخفي في بلاده الأصلية اليمن بدعوى اتهامه "بالإرهاب". وانتقدت المحامية السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية والمحاضرة الحالية في الأكاديمية البحرية فيكي دايفول ما وصفته بتوفير الكونغرس الحماية للهاتف النقال للعولقي، دون تأمين أي حماية لحياته. ونسبت الصحيفة لمسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إنه لا توجد أي حقوق دستورية من شأنها حماية العولقي المتهم بالتحريض على شن هجمات ضد الولاياتالمتحدة، والذي تتهمه سي آي أي بكونه وراء محاولة التفجير في ميدان تايمز بنيويورك بداية الشهر الجاري، وبكون أكثر من عشرة مخططات لشن هجمات في الغرب كانت مستلهمة من خطاباته. وقال مسؤول في مجال مكافحة "الإرهاب" إن الجنسية الأميركية لا تخول صاحبها شن هجمات ضد بلاده، مضيفا أن من يضع نفسه بين صفوف الأعداء فلا بد أن يشاركهم نفس المصير. وبينما يرى بعض أفراد الجالية الإسلامية في الولاياتالمتحدة أنه من الأفضل دعم السلطات اليمنية كي تتمكن من اعتقال العولقي، يشكك مسؤولون أميركيون في إمكانية الاعتقال. ويتساءل المسؤولون عن كيفية التصرف إزاء من وصفوه بكونه "إرهابيا خطيرا" في حال كونه مختفيا بعيدا عن متناول أيدي القوات الأميركية أو نفوذ السلطات القضائية أو الحكومية؟، متسائلين عما إذا كان ينبغي لهم أن يغلقوا آذانهم وينتظروا تفجيرا حقيقيا مدمرا في ميدان تايمز؟. وأشارت نيويورك تايمز إلى أن المواطن الأميركي العولقي (39 عاما) والمولود في نيومكسيكو، يفترض أن يتمتع بحقه في الحياة والحرية والتملك بموجب القانون الأميركي، وأنه ليس من حق أي جهة حرمانه من أي منها دون إجراءات قضائية باستثناء التحالف مع الأعداء إبان الحروب، مضيفة أنه موجود في اليمن التي ليست في حالة حرب مع الولاياتالمتحدة.
على الصعيد ذاته، اتهم بيان وقعه نخبة من الممثلين والمثقفين من اليسار الأمريكي الرئيس باراك أوباما بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب، وانتهاكات لحقوق الإنسان، مؤكدين أن "الجريمة جريمة أياً كان مرتكبها".
وندد البيان الذي سينشر اليوم في مجلس "نيويورك ريفيو أوف بوكس" بالضوء الأخضر الذي أعطاه أوباما لتصفية الشيخ الأمريكي من أصل يمني أنور العولقي، المشتبه في علاقته بتنظيم القاعدة.
واتهموا أوباما بمواصل مقاربة سلفه جورج بوش في ما يتعلق بسياسة الأمن في الولاياتالمتحدة وحقوق الإنسان في العراق وأفغانستان.
واعتبر البيان أن ما قام به أوباما يعد أسوأ مما فعله بوش "لأن أوباما اتخذ لنفسه الحق في تصفية مواطنين أميركيين يشتبه في أنهم إرهابيون لمجرد استناده إلى شكوكه الشخصية أو شكوك وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي)"، بينما "لم يتبنّ بوش أبداً" مثل هذا النوع من الممارسات "علناً".
وحمل البيان صورة الرئيسين بوش وأوباما بالشكل الذي يستخدمه عادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) للإعلان عن المطلوبين أمام القضاء، وضم إلى جانب تواقيع عدد من الممثلين والمثقفين تواقيع نحو ألفي شخص على الإنترنت أمس الخميس.
يأتي هذا بعد أيام من نشر صحيفة "الصنداي تلغراف" البريطانية خبراً يقول إن السلطات الأميركية نشرت طائرات بدون طيار مزودة بصواريخ لتعقب أنور العولقي، بعد تقارير عن صلته بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها السفير البريطاني في اليمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعطى الشهر الماضي الضوء الأخضر لاستهداف العولقي على خلفية صلته بالمحاولة التي قام بها النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب لتفجير طائرة فوق مدينة ديترويت الأميركية وصلته المزعومة أيضا بإطلاق النار في قاعدة فورت هود العام الماضي.