الأبحاث تخبرنا أنه بإمكاننا التمتع بدماغ صحي في سن الشيخوخة، وذلك عبر تناول الطعام الجيد؛ فالدماغ يتطلب موادًا مغذِّية؛ للحفاظ على صحته، عبر إضافة بعض من هذه الأطعمة الذكية في نظامنا الغذائي يوميًا. فلنبطئ تلك الأطعمة السريعة! أظهرت دراسة أمريكية أن الوجبات السريعة تشكل إدمانًا مثيلًا للهيروين. فعلى ما يبدو أن هذه الوجبات الغنية بالدهون والكربوهيدرات تحفز مراكز السرور في الدماغ كالمخدرات. وهذا يمكن أن يفسر لنا لماذا لا يستطيع الكثيرون التوقف عن أكلها.
وعلى المدى الطويل يتسبب الاستهلاك المتكرر للسكر في تغيير الطريقة التي يستجيب لها الدماغ، ويدفع الجسم لطلب المزيد. فيصبح الأشخاص مدمنون على السكر بنفس الطريقة التي يدمنون بها على المخدرات.
ولمنع اشتهاء الدماغ لهذه المواد ينبغي التوقف عن تناول الأطعمة التي تتسبب في تكوينها. والبحث عن أنشطة أخرى؛ لتعزيز إفراز «الدوبامين» مثل: القراءة، وممارسة الرياضة، والأنشطة الاجتماعية.
الدماغ السليم في تدفق الدم السليم ارتفاع ضغط الدم أحد عوامل الخطر المؤدية لانخفاض القدرات المعرفية. وتساهم الدهون الأحادية غير المشبعة في ثمرة «الأفوكادو» بتقليل ضغط الدم وتعزيز تدفق الدم بشكل صحي.
وبما أن الدماغ يستهلك قرابة 20% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية؛ لذا فاتباع نظام غذائي صحي يوميًا يعد ضروريًا؛ للحفاظ على الذاكرة والوظائف العقلية، وكذلك الحفاظ على مزاج معتدل.
وذكر «د.ستيفن برات» ((Steven Pratt في كتابه الأطعمة الفائقة ((Superfoods تأثير أطعمة، مثل «البنجر والطماطم» على ضمان حصول الدماغ على الدم اللازم لبقاء مراكزه نشطة؛ إذ تشير الدراسات إلى أن زيادة تدفق الدم للدماغ من شأنه أن يعزز نمو الخلايا العصبية في منطقة الحصين (hippocampus) في المخ والمرتبطة بالتعلم والذاكرة. في حين انخفاض تدفق الدم للمخ يرتبط بانخفاض القدرات المعرفية.
مكافحة الالتهابات تساعد الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل: «زيت الزيتون»، و«الشاي الأخضر»، والخضروات الورقية مثل: «البروكلي، والسبانخ، واللفت» على محاربة الالتهابات التي تحدث، كاستجابة طبيعية للجسم عند حدوث إصابة ما. فإن لم يتم التحكم في هذه الالتهابات بمرور الوقت من الممكن أن تتسبب في حدوث تلف للدماغ. ولذلك يمكن للأطعمة المضادة للالتهابات أن تمنع موت الخلايا العصبية واستعادة وظائف المخ الطبيعية.
زيادة التركيز تعزيز التركيز يعتمد على سلاسة تدفق الرسائل العصبية بين خلايا المخ. والخطوة الأولى لضمان حصول هذه الخلايا على ما يلزمها من الأكسجين هي الحصول على كمية متوازنة من السعرات الحرارية على مدار اليوم. وحتى تنتقل هذه الإشارات العصبية بين الخلايا وبعضها يجب أن تكون معزولة داخل ألياف شبيهة بالأسلاك الكهربية. ولبناء الأغلفة التي تعزل هذه الألياف يحتاج الجسم لمادة دهنية تدعى «مايلين» (myelin). وهنا تأتي أهمية زيوت «أوميجا 3»، والتي توجد في الأسماك الزيتية مثل: «السالمون والسردين»؛ وكذلك في المكسرات مثل: «الجوز»، كما توجد في بذور «الكتان»؛ إذ تساعد هذه الزيوت على بناء، والحفاظ على، المايلين.
محاربة ألزهايمر يعمل «الرمان والمكسرات»، وخاصة «الجوز» على محاربة تكون لويحات «الأميلويد» (amyloid plaque). كما نشر المركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية بالولايات المتحدة National Center for Biotechnology) Information) دراسةتوضح تأثير «الكركم» في محاربة مرض «ألزهايمر» ومكافحة هذه اللويحات، وهي سمة مميزة من تشوهات المخ المرتبطة بمرض ألزهايمر. ورغم أن بروتين الأميلويد ضروري لتواصل خلايا المخ؛ إلا أن هذه اللويحات عندما تتراكم عدة آلاف من المرات بما يتجاوز المستويات الطبيعية فإنها تشكل لويحات. وهذه اللويحات المتكونة تقتل الخلايا العصبية؛ وتتسبب في حدوث التهاب يؤدي إلى موت المزيد من هذه الخلايا.
ويساعد عصير «الرمان والموالح»، وكذلك الخضروات الورقية بما تحتويه من مضادات أكسدة على مكافحة الشوارد الحرة، وهي جزيئات سامة.
التمتع بحالة مزاجية مرتفعة مشاعرنا وأحاسيسنا عبارة عن رسائل كهروكيميائية بين خلايا المخ. والنواقل العصبية التي تنقل هذه الرسائل تلعب دورًا أساسيًا في حالتك المزاجية.
أبرز هذه النواقل يدعى الدوبامين dopamine)). والمستويات المرتفعة منه تجعلك تشعر بالحماسة والدافعية والسرور. فيما تتسبب المستويات المنخفضة منه في الشعور بالخواء والحزن والتهيج والملل.
تمنح الأطعمة السكرية والدهنية دفعة سريعة وعالية من الدوبامين، إلا أن الارتفاع الكبير والسريع في مستواه يعقبه انخفاض حاد مماثل. ولذلك، للحفاظ على حالة مزاجية سارة على مدار اليوم من الأفضل تناول الأطعمة الغنية بالبروتين، والتي تضمن إطلاقًا بطيئًا ومستمرًا للدوبامين.
كذلك تناول الأطعمة التي تساعد على تكوين المواد التي تحفز إنتاج الدوبامين، مثل «الفينيل ألانين» (phenylalanine) والتي توجد في «البنجر، وفول الصويا، واللوز، والبيض، واللحوم، والحبوب».
أحد النواقل الأخرى وهو «السيروتونين» serotonin)) يساعد على الشعور بالسكينة والرضا ويحارب القلق. ورغم أن وجبة كربوهيدراتية خفيفة كافية لإمدادك بمستوى مرتفع من السيروتونين بسرعة؛ إلا أنها ستجعلك تشعر بالنعاس. لذلك فالأمثل هو الحفاظ على مستوى ثابت.
ولإنتاج السيروتونين نحتاج إلى «التريبتوفان» tryptophan))، وهو مادة توجد بشكل أساسي في البيض واللحوم.
فيما تتمتع الشيكولاتة الداكنة بخصائص قوية مضادة للأكسدة. وتحتوي على العديد من المنشطات الطبيعية، بما في ذلك الكافيين الذي يساعد على التركيز والانتباه؛ ويحفز إنتاج «الإندورفين» endorphins))، الذي يساعد على تحسين المزاج. ولكن يجب عدم الإكثار منها؛ فنصف أوقية، وحتى أوقية يوميًا توفر جميع المزايا المطلوبة للجسم.
عكس آثار الشيخوخة ذكرت دراسة أن «السمك والتوت والعنب والقهوة والشيكولاتة الداكنة» تتمتع بالقدرة على زيادة مستوى عامل مرتبط بالتغذية العصبية، يدعى BDNF)). وهذا البروتين لا يعكس فقط آثار الشيخوخة، ولكن يحفز نمو المزيد من الخلايا العصبية.
وتساعد المستويات المرتفعة من فيتامين E في تقليل التدهور المعرفي مع الكبر من خلال حماية الخلايا العصبية. فإضافة أوقية (28.3جرام) من المكسرات مثل: «الجوز، والبندق، واللوز، والكاجو، والفول السوداني». كذلك بذور «عباد الشمس وبذور السمسم وبذور الكتان وزبدة الفستق وزبدة الفول السوداني وزبدة اللوز والطحينة» يوفر الكمية اليومية المطلوبة من فيتامين E.
البقاء نشطًا كي تتمتع باليقظة وتتغلب على النعاس قد يكون كوب من القهوة مثاليًا لذلك، إلا أن الإكثار من الكافيين قد يحفز الغدة النخامية لإنتاج هرمون «الأدرينالين» adrenalin))، وبعدما كنت تشعر في البداية بالنشاط والتركيز؛ تجد نفسك تشعر بالقلق وتشوش الذهن. لذا فكوب واحد من القهوة كافِ لتعزيز تركيزك.
تعزيز الذاكرة يعد «الأستيل كولين» (acetylcholine) الناقل الرئيس الذي يحافظ على نشاط خلايا الدماغ، ويتكون من مادة «الكولين» (choline) المتوفرة في «البيض والكبد وفول الصويا». وتساهم هذه المادة في تعزيز الذاكرة لدى المصابين بألزهايمر. كذلك كشفت دراسة أنه يمكن منع 30% إلى 40% من أنواع السرطانات المختلفة من خلال تغييرات في الغذاء ونمط الحياة. وأن الخضروات مثل: «الكرنب والبروكلي والقرنبيط» تساعد الذاكرة، ومفيدة بشكل خاص في الحماية من السرطان. فقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتناولون هذه الخضروات أبلوا أفضل من نظرائهم في اختبارات الذاكرة.
كما يعتبر فيتامين «بي 12» (B12) أساسيًا لصحة الدماغ. ويعد «المحار» مصدرًا غنيًا به. بالإضافة لاحتوائه على الحديد والزنك المرتبطين بقدرة الدماغ على التركيز واستدعاء المعلومات.
التحكم في اشتهاء الأطعمة السريعة يتسبب التوتر في إفراز الجسم لهرمونات الإجهاد وتسمى ((glucocorticoids. وتحث هذه الهرمونات الدماغ على البحث عن سبل لتخفيف هذا التوتر عبر الأطعمة الدهنية والسكرية.
إلا أن الدراسات وجدت أن المستويات العالية من هرمون الإجهاد في الفئران تسببت في تطوير سلوك قهري نحو تناول كميات كبيرة من المشروبات السكرية، وتناول الأطعمة الغنية بالدهون. وعلى الرغم من أن هذا تمكن من خفض مستويات هرمون التوتر، ومساعدتهم على الاسترخاء، ولكن على المدى القصير؛ إلا أنه على المدى الطويل تسبب في إصابتهم بالبدانة. وأخيرًا أخبرنا أي من الأطعمة التي ستضمها لنظامك الغذائي؟