أكد المؤتمر الدولي السابع للوسطية الإسلامية الذي أختتم أعماله اليوم بصنعاء أن منهج الوسطية يمثل مشروعاً حضارياً للأمة يسري في العقول والوجدان بنور الإسلام السمح والسيرة النبوية العطرة. وشدد المشاركون من كبار علماء العالم الإسلامي ومفكريه في المؤتمر الذي نظمه ليومين المنتدى العالمي للوسطية بالتعاون مع وزارة الأوقاف والإرشاد على ضرورة استكمال النموذج الوحدوي العربي والإسلامي، من خلال مشروع يجمع ولا يفرق، يعترف بالخصوصيات ولا يختلف في العموميات والمقاصد، وذلك لأن الغلو لا يولد إلا تطرفاً، كما أن الجفاء والانفلات يولد النتيجة ذاتها، وأسوأ أنواع التطرف هو الاستبداد بالرأي والاعتقاد باحتكار الحقيقة من طرفٍ دون آخر، والسبيل الصحيح للعلاج يتمثل بإتباع منهج الوسطية الذي نادى به الإسلام.
ودعا المشاركون في البيان الصادر عن المؤتمر، القيادات العربية والإسلامية إلى دعم وحدة اليمن والوقوف معه ضد كل محاولات النيل منها، وكذا الدعوة لجميع أبناء الشعب اليمني إلى التلاحم والتراحم والمحافظة على وحدتهم التي جعلت من اليمن بلداً كبيراً في نظر العالم يحظى باحترام البعيد والقريب، وأي تفريط في الوحدة لن يؤدي إلا إلى الفتن والتمزق والضعف وذهاب الريح.
كما دعاء المشاركون في بيانهم الذي أطلق عليه " إعلان صنعاء للوسطية " إلى تجميع الصفوف بين كل مكونات الأمة مهما اختلفت الرؤى على تنوع توجهاتها الفكرية باعتبار أن هذه الأمة يجب أن تتهيأ لبناء مشروعها النهضوي الحضاري، وإصلاح النظام التعليمي والأجهزة الإعلامية لتقوم على أسس قويمة تتضمن توطين المعرفة وإنتاجها، وتربية الأجيال على ثقافة الحوار والتسامح والتعايش مع الآخر القريب والبعيد من منطلق أن مفهوم الوسطية يعزز الجوامع المشتركة للأمة، ويبني الشخصية الإسلامية القويمة المتوازنة على مستوى الفرد والجماعة.
وشددوا على دور الأسرة - على نحو خاص- في تعميق مفاهيم الوسطية والاعتدال في نفوس الأبناء وحب الآخرين والتعاون معهم. إلى جانب حرمة دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين، وأموالهم وأعراضهم مصانة بأمر الله ورسوله، وهذا ما تتحمل مسؤوليته جميع مكونات المجتمع.
وحث المشاركون في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان (الوسطية الإسلامية: المفهوم- التحديات - الأدوار) القيادات العربية لتوجيه جهودها وتجميع قواها في منظومة اتحادية سياسية واقتصادية لتحقيق هدف الوحدة التي تشكل أساس النهضة لمواجهة استحقاقات القرن الميلادي الحالي.
وفي حفل اختتام المؤتمر أعرب وزير الأوقاف والإرشاد حمود عبدالحميد الهتار عن تهاني رئيس الجمهورية بنجاح المؤتمر، الذي أعتبره نجاح للشراكة بين وزارة الأوقاف والإرشاد والمنتدى العالمي للوسطية.
وثمن في هذا الصدد جهود المنظمين والمشاركين والتي كان لها الأثر الطيب في نجاح المؤتمر وماسينتج عنه من إسهام فكري مستنير على المستوى العربي والإسلامي.
وقال " إن المؤتمر حقق أهدافه من خلال إبراز مفهوم الوسطية وتحدياتها وآليات تحديدها وتعزيزها في الواقع من خلال ماتضمنه إعلان صنعاء للوسطية الذي نعتبره مكسبا لنا في الجمهورية اليمنية".
ودعا جميع المسلمين والحكومات الإسلامية لتجسيد مضامين الوسطية والاعتدال وترسيخها في كافة مناحي الحياة، والقيام بالمراجعة الشاملة للعمل وفق منهج الوسطية والاعتدال ومراجعة الخطاب الديني ومضامينه في الحياة وفق كتاب الله الكريم والسنة النبوية المطهرة.
كما وجه الدعوة لأصحاب كافة الأديان الأخرى للإطلاع والتعرف على وسطية الإسلام التي تستوعب جميع بني الإنسان".
ووجه وزير الأوقاف والإرشاد بتوفير مقر خاص لفرع المنتدى العالمي للوسطية لتمكينه من القيام برسالته وتحقيق أهدافه.
إلى ذلك قال رئيس المنتدى العالمي للوسطية الصادق المهدي أن المؤتمر كان مثمرا وجادا وناجحا وشكل إضافة نوعية إلى الأفكار والرؤى المتجهة نحو المستقبل.
وأضاف " إننا وضعنا أسسا في هذا المؤتمر نرجوا أن تمكن المنتدى من تحقيق أهدافه في خدمة قضايا الأمة.
وأكد أهمية العمل الجاد من قبل كل أبناء الأمة بالمناصحة التي تجمع الشمل وتسير بالأمة نحو تجاوز حالة الافتراق، وكذا العمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية في كافة البلدان الإسلامية عبر الحوار الصادق والمخلص.
كما دعا إلى السعي من خلال كافة الوسائل لتطوير الجامعة العربية نحو الوحدة العربية، وتطوير منظمة العمل الإسلامي إلى وحدة إسلامية تكون أكثر تضامنا وفاعلية.
وعبر الصادق المهدي عن التهاني للشعب اليمني بمناسبة احتفالاته بالعيد الوطني ال 20 للجمهورية اليمنية 22 مايو.. سائلا الله العلي القدير أن يحفظ اليمن ووحدته المباركة.
وكان المؤتمر قد ناقش من خلال خمس جلسات عمل مجموعة من أوراق العمل والبحوث العلمية التي تضمنت مدخل إلى الوسطية قراءة حضارية، ومفهوم الوسطية وملامحها في الفكر الإسلامي، ومفاهم الفكر الوسطي في مواجهة طرائق التفكير المتطرف، ودور المرأة والأسرة في ترسيخ الفكر المعتدل.
كما قدمت للمؤتمر أوراق عمل وبحوث حول التحديات التي تواجه تيار الاعتدال والوسطية ( عمل المرأة أنموذجا) وأشكال القراءة الجزئية في مواجهة الخطاب الوسطي، وعناصر الخطاب الوسطي وضوابطه، بالإضافة إلى أوراق عمل حول دور تيار الوسطية في نهضة الأمة، والخطاب الوسطي ودوره في ترشيد الصحوة الإسلامية، والخطاب الوسطي في العلاقة مع الأخر ودور الوسطية في تعزيز وحدة الأمة، وكذا دور المؤسسات التعليمية في النهضة، والوسطية مرتكزات وآفاق، وأدب الاختلاف ودوره في ترسيخ مفاهيم الوسطية، بالإضافة إلى دور الوسطية في تعزيز الأمن والاستقرار في العالم الإسلامي.
وتطرقت الأوراق العملية والبحثية إلى أهمية العمل الجاد والكبير في المجال التربوي لإعداد المجتمع وتنشئته على الوسطية وتفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية في هذا الخصوص، والتعريف بالثمار الطيبة لثقافة الاختلاف، واتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل الأعلى للوسطية.
كما أكدت أهمية الحوار بين جميع أطياف الأمة الإسلامية، وضرورة إنتاج مهج وسطي يقتفي نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم حصر الوسطية في المجال السياسي فقط وإغفال بقية الجوانب الحياتية.
ولفتت إلى الترابط بين منهج الوسطية ووجود الحكم الرشيد القائم على مبادئ المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون، والذي تتحقق به مصلحة الأمة وأمنها واستقرارها.
ودعت إلى إعطاء وزنا أكبر لقضة الإبداع، ودعم التوجه للجهاد المدني بالكلمة المخلصة والصادقة وتوجيه الطاقات نحو الإبداع الفكري والثقافي والعلمي والتقني وإعادة التوازن للعلاقة بين الفكر والعمل.
وشددت على ضرورة فهم الاختلاف والتنوع المذهبي في الأمة كعامل حضاري يسهم في التراكم والبناء والثراء المعرفي والعلمي، وعامل استنهاض للتقدم ومغادرة الاستكانة والتخلف، ومراعاة واقع العصر وتطوراته.
وأبرز المشاركون في أوراقهم وبحوثهم ومناقشاتهم أن الدين الإسلامي لايمنع المسلمين أن يأخذوا بكل خير أقره العقل وأثبتته التجربة، وعدم التوجس من بعض المصطلحات الأجنبية بل يجب النظر لمدى ماتحمله من إيجابيات وفوائد قد تعود بالخير على الأمة ومستقبلها، وانتهاج خطابا إسلاميا وسطيا متجددا ومتطورا يعبر عن الإسلام الكامل المتوازن، والتعامل الحضاري مع الآخر بالانطلاق من الواقع الحضاري والتاريخي للإسلام.
ولفت المشاركون إلى الاهتمام بتصحيح النظر إلى قضايا المرأة والشباب ومعالجتها من منظور إسلامي وسطي ومراعاة تحقيق العدل والتوازن والبعد عن العنف وفهم دورهما الكبير والمؤثر في المجتمع وعدم التماهي والذوبان في الأجندات المستوردة في هذا الشأن.
هذا وقد شارك في المؤتمر علماء ومفكرون وأكاديميون ومتخصصون من كل من اليمن والسودان والمغرب ومصر وسوريا والبحرين والأردن وألمانيا.
ورفع المشاركون في ختام أعمال المؤتمر الدولي السابع للمنتدى العالمي للوسطية الإسلامية برقية شكر وتقدير لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، أعربوا فيها عن الشكر والتقدير والعرفان لرعاية فخامته الكريمة لأعمال المؤتمر والتي كان لها الأثر الطيب في نجاح المؤتمر وتحقيقه لأهدافه المنشودة.
وعبر المشاركون عن عظيم امتنانهم لما لقون من حسن الرعاية وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
كما أعربوا عن تهانيهم لرئيس الجمهورية بمناسبة العيد الوطني ال 20 للجمهورية اليمنية 22 مايو، سائلين الله أن يحفظ اليمن حكومة وشعبا وان يصون وحدته في ظل قيادة الرئيس صالح.