النهاية تقترب.. تفاهمات سعودية إيرانية للإطاحة بالحوثيين والجماعة ترضخ وهذا ما يحدث تحت الطاولة!    جماعة الحوثي تتراجع عن تهديداتها العنترية وتخضع للسعودية !    بعد قرارات البنك المركزي بعدن .. تعرف على بوادر ازمة وشيكة وغير مسبوقة في مصارف صنعاء !    محلل سياسي: صراخ عبدالملك الحوثي ضد السعودية تذاكي غبي.. وهذا ما يحدث من تحت الطاولة    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    قوى 7-7 لا تريد ل عدن أن تحصل على امتيازات العاصمة    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    عاجل: انفجار في خليج عدن وإعلان بريطاني بهجوم حوثي جديد    صيد حوثي كبير في يد قوات العمالقة ودرع الوطن    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    السلطة المحلية بتعز تعلن إصلاح طريق الكمب تمهيداً لاستقبال المواطنين    خارجية الانتقالي تندد بالاعتقالات الحوثية بصفوف الموظفين الأمميين    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    منتخب الشباب ينهي معسكره الداخلي ويعلن القائمة النهائية للمشاركة ببطولة غرب آسيا    قرار حكومي بنقل مقار شركات الاتصالات الرئيسة إلى العاصمة المؤقتة عدن    زيدان: البرنابيو يحمل لي ذكريات خاصة جداً    اتحاد النويدرة بطلا لبطولة أبطال الوادي للمحترفين للكرة الطائرة النسخة الثالثة.    80 شهيدا وعشرات الجرحى جراء قصف غير مسبوق وسط غزة والمستشفيات تستغيث    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    وقفة جماهيرية بمحافظة مأرب تندد باستمرار مجازر الاحتلال الاسرائيلي في غزة    - مواطن سعودي يتناول أفخر وجبات الغذاء مجانا بشكل يومي في أفخر مطاعم العاصمة صنعاء    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    تصعيد جديد.. الحكومة تدعو وكالات السفر بمناطق الحوثيين للانتقال للمحافظات المحررة    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    وداعاً لكأس العالم 2026: تعادل مخيب للآمال مع البحرين يُنهي مشوار منتخبنا الوطني    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاميون المعارضون لفكر المعرفة وفقه الدولة
نشر في المصدر يوم 25 - 03 - 2017

ناقشنا الأسبوع الماضي معارضة تيار علماني راديكالي لفكر المعرفة الإسلامي، ورفض قدرته على إنتاج ثقافة تعايش ومساحة وعي إنساني متقدم، بإطاره القيمي، وبنظام قانوني دستوري، فيه مشترك مع الجهد المدني الغربي وفيه مختلف. واليوم نجيب على فريق من الحالة الإسلامية المتعددة حزبيا وفكريا ومذهبيا بصورة غير مسبوقة.

وهو يعترض على فكر المعرفة الإسلامي من أصله، ثم ما ينتجه لمشروع الدولة والمجتمع، وهنا شاهد بسيط في جواب مباشر افتتاحي، وهو كيف يعترض هذا التيار على اجتهاد الفكر المعرفي، والحالة الإسلامية تعيش كل هذه التعددية الضخمة، وغير المحمودة أحيانا في إطارها الصراعي، وهي ذاتها دلالة على مساحة الفهم الواسع في الشريعة الإسلامية.

مؤكدين هنا أننا نطرح هذه الجدلية في سياق الفكر التحاوري الإسلامي/الإسلامي، والإسلامي/العلماني، وليس في سياق الإقصاء السياسي أو الثقافي، ونقصد بذلك أن عدم نضج الحالة الفكرية لقطاعات محافظة فقهية أو حزبية من الإسلاميين، لا يبرر نبذها من الشراكة المجتمعية، والاحتواء الدستوري والسياسي.

بل إن هذا النبذ في ذاته هو أحد أسباب ضعف حركة الوعي الفكري في الأوساط الإسلامية، والتي يحرص الاستبداد على بقائها لسهولة تسخير أو توريط الجماعات الإسلامية -سطحية الفكر والتجربة السياسية- في مشاريع أزمات، ثم ضربها.

كما أنه من المهم تأكيد أن الفقه المحافظ ليس بالضرورة صنواً للغلو الديني المسلح وغير المسلح، وأن الحالة السلفية -خاصة في أصولها القديمة الراجعة إلى الإمام ابن تيمية- ليست هي ذاتها السلفية التي اتخذها الغلو المسلح قاعدة لانطلاقته.

كما أن الحالة المحافظة والمعترضة على فكر المعرفة الإسلامي وفقه الدولة ليست منحصرة في المدرسة السلفية فقط، وإن تداخلت بعض الآراء والسمات، لكن لا يُحمّل عليهم حركة الجنوح الكبرى التي انفجرت مؤخراً، وإنما الأمر يحتاج إلى فرز نقدي منصف.

إن القطيعة التي عايشها المسلمون -منذ دهورٍ من التخلف والفوضى السياسية- صنعت حروزاً شرعية في مخيّلة بعض الفقهاء، لم ينص عليها الشارع ولم يزكّها، كمن خالف -على سبيل المثال- هدي المساواة بين الناس، ونبذ مكانة العدالة في الشريعة، وأسبغ على المتغلب بالبطش -مهما بلغ ظُلمه أو فساده أو التخلف الذي أفضت إليه سياسته- تزكياتٍ وقداسةً، لا نص عليها مطلقاً بالمعنى الذي يروّج له.

فضلا عن مآلات الانهيار السياسي والعسكري للمسلمين، والتي عَبرت عليهم في دورات زمنية مختلفة، هذا الإرث الضخم لا يزال مؤثراً، وخاصة ما تسرب إلى الفقه فأصبح مادة دينية بلا دليلٍ شرعي مقطوعٍ به عليها.

وبالتالي نفهم المسافة الكبيرة التي تفصل بعض حالات التفكير الديني في العالم الإسلامي عن هذا الوعي، والعلم الشامل الذي انفصلوا عنه وتراجعت فيه مضامين التضحيات والشفافية الكبرى في عهد الشيخين (أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب)، وروح التعظيم لدماء الناس لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رغم بغي المعارضة في عهده، ودستور البلاغة والرأي السياسي والاجتماعي الدقيق في عهد الإمام علي بن أبي طالب.

وصولا إلى الوثيقة التاريخية لفلسفة العدالة في الشريعة التي حققها عمر بن عبد العزيز، بعد أن سجل الحسن بن علي ومعاوية بن يزيد موقفيْهما التاريخييْن في العدالة، وأن الشورى طريقُ الهدي النبوي.

ومع أن القضية هنا مجمل فكر المعرفة لا السياسة فحسب، إلا أن واقع الإرث السياسي منذ لحظة التوريث وما بُني عليها، يؤثّر بشدة على تراث الأمة. وهذا لا يعني خلو التاريخ الإسلامي من مصادر معرفة ونهضة وتقدم حضاري، فضلا عن حركة الفكر والفلسفة والعلوم الضخمة التي تقدم بها المسلمون الأممَ، مع وجود بغي سياسي مشهود.

وهو ما يجعل تداخل المعرفة بصناعة فقه الدولة تداخلاً عميقا، وهو بالمناسبة رابط إنساني لا يخص المسلمين وإنما يوجد في تاريخ العالم، خاصة تجربة أوروبا الحديثة وغيرها في تحويل الفكر الاجتماعي إلى صناعة الدولة المعاصرة.

إن هذه المقدمة مهمة لأنها تنفض العقل المقلّد في التاريخ والتراث، وتقول له: أين ما صح أصلاً في تاريخ الشريعة وترسّخ بنص قطعي الدلالة والثبوت في هذا التقليد؟ وهو سؤال قائم مهما زكّت كتب التقليد -ومن دوّن بعض الحقب من العلماء- هذه الظواهر، ومهما صُنع من خلالها كُتب في أصول الحكم في السياسة الإسلامية.

وهي أصول بعضها محض اجتهاد لا نصوص مقدسة، ولا معنى للاحتجاج على فكر المعرفة وفقه الدولة فقط لأنه يُقدم خارج كتب التقليد، فهذا ساقط بالأصل في معيار الاستدلال، متطرق إليه الشك قطعا.

ما دام رأي بشر وتاريخاً يحوّر النص فيه، أو يتأثر لمساندة الظلم والاستبداد، ويُخلط فيه فقه الضرورات، لمواجهة محن المستبدين لأجل سلامة دماء المسلمين، مع مقاصد الشرع في إرساء العدل بين الأمة الإسلامية وبينها وبين الأمم، ثم يصيح محرضٌ على المفكرين الإسلاميين بالبدعة، وقد كان هو بيدر بدعة في كف المستبد، مخالفاً لمرضاة الله ورسوله.

إن فكر المعرفة الإسلامي وُلد في عهود متقدمة منذ أن بدأ ما صنفه الأولون بعلوم الآلة وعلوم الشريعة، وشرعت حركة نقل المنطق والفلسفة في التاريخ الإسلامي تدخل على جغرافيا الأمة، وليس صحيحاً أن يقال إن كل الموقف المسلم القديم كان نبذاً كليا لعلوم المعرفة التأسيسية من منطق وفلسفة، وإن فاجأهم بداية الأمر، لكنهم استوعبوا العلم وبرزوا فيه، بل واستوعبوا مذاهب فلسفية شتّى فيه وتبناها بعض علمائهم.

ومن كان يتصدر حوارات الفلسفة هم علماء شريعة، وتم التعاقب على هذا الأمر بشخصيات كبرى بدءا من إمام الشافعية في زمانه حجة الإسلام الغزالي، إلى قاضي قضاة المالكية المعين في مصر -وهو مغربي- الإمام عبد الرحمن بن خلدون.

وليس صحيحاً أيضا أن يُعتبر الإمام الغزالي وغيره من فريق الفلاسفة الإسلاميين، قد ندموا على ما نجحوا فيه من الرد فلسفيا على تيارات تعارضت مع فكر الوحي، وأنه اعتبر كل فلسفة إثما، وإنما صنّف بعضها في العلوم النافعة مقابل المضرة، فكيف يُسقَط خطابٌ فلسفي في وقته قاد إلى هزيمة نظريات مخالفة لمفاهيم الوحي؟

وإن شعر الإمام -مع تقدم العمر- بلحظات تصوف حملته على الإغراق في إعلان التفويض لنصوص الوحي، الذي لم يخالف إيمانه أصلا، وإنما حاور وانتهى إلى مسلمات تعزز الإيمان بمعايير فلسفة جدلية، كانت لازمة ذلك الوقت واليوم هي ألزم، ولا تعني أبداً إبطاله وسِواه لهذه اللوازم.

لقد أُصّل المنطق في أصول الفقه، وفي مقدمات العقائد لدى المسلمين، في دلالات الوجود، وانخرط فقهاء كبار بعلوم الفكر والفلسفة. ولم يتوقف ذلك، بل كان مستفيضا في العهد الأموي والعباسي، ثم ضعف عند العرب، وانتشر عند المسلمين الأعاجم، وطبقات الفقهاء في المذاهب الأربعة تفيض بهم، بل من اتخذ خطاً مناهضا لاجتهاد الإمام الغزالي كابن رشد الجد، أو توسعات الرازي بحسب ما يراه البعض، لم يُستبعد اسمه من طبقات الفقهاء والمفسرين، وظل الرباط قائما.

هذا فضلا عن قواعد انطلاقة المعرفة العلمية لعلماء المسلمين في الفيزياء والبصريات والطب والرياضيات، من الخوارزمي إلى ابن النفيس وابن سينا، فكلها لها علاقة مباشرة بعلم الفلسفة والمنطق ونظرياته.

قد يجوز بكل تأكيد ضبط حركة العلوم للفرد، ومن لا يلزمه التوسع في الفلسفة وقس عليه فكر المعرفة، لكن أصله قائم بين المسلمين لم ينبذ شريعة وتاريخا ووجوبا كفائيا، فما بالك بتوجهات المعرفة الكبرى في علم الاجتماع، التي من خلالها تُستقرأ أحوال الناس، وكيف تجرى بينهم المصالح والمقاصد التي رضيتها شريعتهم، وتقوم عليها سُنة قيام الدول، وإعمار الأرض لا خرابها.

ولو أُسِّست هيئة محكّمة اليوم لتدرس باستقلال كل ما مرّ ومن مرّ في سماء الفكر والفلسفة في العالم الاسلامي، وكيف تعامل المسلمون الأوائل ثم مَن أتى بعدهم مع هذه العلوم؛ لتبين حجم الاعتناء الواسع في كل عهد، بحسب متطلباته الزمانية.

فكيف يُنكر اليوم على خطاب المعرفة والفكر، وهو واجب كفائي عندما ينحسر تعيش الأمة أقسى لحظات الانحطاط، لا السياسي فحسب بل حتى الثقافي والاجتماعي، وهي تسترشد بقاعدة لا مثيل لها: المعرفة الإسلامية التي تجمع مقاصد الوحي إلى قواعد العمران.

وسنجيب مستقبلا بعون الله، عن سياقات الاختلاف بين استدلال العبادات والمعاملات واستدلالات الفكر، ليفهم القارئ الكريم أدوات المعرفة قبل أن يحكم عليها.
* نقلاً عن الجزيرة نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.