بعد أن فقدت الدولة شرفها قبل عامين، سمعنا قصصاً كثيرة تمس شرف وأعراض الناس عملياً وبشكل مباشر، في الواقع، وليس لفظياً على صفحات التواصل الاجتماعي في هذا العالم الافتراضي الملعون، ولكن تلك القصص لم تستفز رجولة و ضمائر سدنة الأخلاق و حراس الفضيلة. إن اختطاف بنت المندعي في الحديدة ولمدة ثمانية أيام، بعد أن رفض أهلها تزوجيها بالغصب على المشرف الشريف، لهو أمر أقل من أن يستنفر حمية المتزلفين والمهرجين الذين يلهثون خلف سقوطهم من أجل إرضاء الناشطات اللواتي تصحو غيرتهن على المرأة وشرفها حسب مستوى ومكانة المرأة وموقع أسرتها أو حجم اسمها.
لقد حاول سمير المندعي أن يتمرد على صمت البيت وينتقم من تواطؤ المجتمع على أخته، بالحديث عن قصتها وكيف غادر تهامة مع أسرته الملطخة بالعار والخذلان، ومع ذلك لم تحظ قصته بشفقة وتعاطف الناشطات والفريق الأخلاقي من المسرنمين الذين يرتدون ثياب الملائكة لكي يتغوطوا فيها وحسب.
قصص أخرى تحدث كل يوم في طريق صنعاءمأرب تنال من شرف وأعراض اليمنيات.. عروسة في فستانها الأبيض تعود مكسورة كزجاجة ويسكي ألقاها مجنون على الرصيف، بمجرد أن استوقفوا السيارة التي تقلها، انهالت عليها كلمات حادة كالموس، "ذاهبة عند داعشي ير...، انزلي نزفك لواحد من المجاهدين وووو" وفي الأخير تعود من حيث جاءت وتخلع فرحتها ثم ترتدي الأسود وتزف متنكرة في النقل الجماعي.
أخرى، وهي أم ومعها طفلها في الثانية عشرة، تتلقفها نقطة عسكرية وهي في طريقها إلى صنعاء، وتحجز طفلها حتى يقوم والده الداعشي عميل العدوان الصهيوأمريسعودي بتسليم نفسه، فيما تحفظ أفراد النقطة على الأم حتى يأتي محرم ليستلمها.
في تعز، تعرضت النساء لكل الانتهاكات على منافذ المدينة بينما كن ينقلن الماء والحطب. أمهات المختطفين يتعرضن في كل مسيرة لاعتداءات ومضايقات لفظية وجسدية من كل نوع. تهديد فتاة في الجامعة بخلع بنطالها في حال عادت غير محتشمة. كل ذلك وأكثر، مجرد بروفات لاختبار إيمان الناس، أو جنايات مجانين لا حرج عليهم، ولربما يعتبرها أدعياء الأخلاق حالات قمع لا علاقة لها بالسمعة والشرف.
أما وراء مسامع وأنظار المهرجين، فهناك ألف انتهاك وانتهاك لم يتجرأ الناس على الحديث عنه إما خوفاً على حياتهم أو تفادياً لحماقات المجتمع الذي يعاقب المضطهدين ويسلقهم بألسنة حداد.
في الجانب الآخر من الحرب، يمتلك السلاليون قدرة مهولة على استغلال انفعالات خصومهم وتحويلها إلى مظلمة جديدة ينتحبون خلفها ويحشدون أدواتهم وأبواقهم الظاهرة والخفية لإحداث ضجيج عبثي يغطي على أنين الضحايا والمغلوبين.
يستخدمون سلاح الجيش وأموال الشعب و إعلام الدولة لخدمة مشروعهم المتعجرف، ويجندون فوق ذلك، الأصوات الغنجاء والأصابع الناعمة الشغوفة بالضغط على الزناد والصراخ، وعندما يتحدث الضحايا بتشنج لتخفيف معاناتهم بالنكات والسخرية، يجدون أنفسهم في مواجهة مع بنات الفضيلة المثقوبة، والباحثين عن لايكات المعجبات المأزومات المسكونات بعقدة النقص، والمهووسات بمظلمة المرأة، ولفرط سماجتهم و مبالغتهم في تقمص أدوار الفضلاء الزائفة لا تكاد تمايز بين الذكر من الأنثى.
لقد أصبح شرف الوطن والمواطن مهدوراً، وخارج الاهتمامات النخبوية المريضة والمقرفة. وكأن اقتحام البيوت، وتشريد العائلات، و مطاردة المواطنين، واختطاف الأبرياء، و اغتصاب النساء، ومصادرة الحياة، والتعذيب الذي يسلب المرء رجولته ويجعله مخصياً، والتحرش بالفتيات في كل مكان.. كأن كل ذلك لا علاقة له بالشرف في نظر هؤلاء الغيورين جداً. يا إلهي كم أن شرفنا رخيص و بلا اعتبار !! *من صفحة الكاتب على الفيس بوك