بعاكيك جمع لكلمة بعكوك، ولا أخفيكم بأني لا أعرف معناها الدقيق بالضبط، لكنها كلمة تتردد كثيراً في معسكرات الجيش والشرطة في اليمن.. وغالب الظن أن معناها المقصود تركياً وليس عربياً، فهي كلمة تقال بغرض تحقير الشخص ونهره وتأنيبه. بدأت تتردد على مسامعي منذ صعدت إلى صنعاء لأداء الخدمة الإلزامية بعد الثانوية، سمعتها كثيراً في معسكرات الاستقبال والأمن المركزي وغيرها من الثكنات العسكرية.. "ثابت يابعكوك" "بالخطوة السريعة يابعاكيك"....إلخ. لم تعد الكلمة تتردد على مسامعي كثيراً بعد أن أنهيت سنة الخدمة العسكرية والتحقت بالدراسة في جامعة صنعاء، لكني تذكرتها قبل أيام وأنا أشاهد طابور الانكسار والذل لمستشاري رئيس الجمهورية وهم ينزلون من الطائرة العسكرية في صعدة. لا أدري لماذا تخيلت عبدالملك الحوثي وهو يُقّرعهم بهذه الكلمة.. بالخطوة السريعة يابعاكيك.. ثم يخص بها كل واحد منهم بصورة فردية وهو يوبخه ويأنبه: ربما صرخ بها في وجهالآنسي وهو يخاطبه: على أيش بتضحك ياعبده على خيبتك! وليش جاي لصعدة؟ مش قلتم خلاص زعلانين وستقطعون التواصل معنا! وبمثلها ربما خاطبالإرياني وهو يقول له: أنا قررت أديك إلى صعدة تعتذر علشان لا تنسى نفسك في المقابلات الصحفية، وأعتقد أنك سوف تَصُر الدرس طرف أذنك! أما العتواني فربما سمع الكلمة مقرونة بتهديد مبطن: الظاهر ما فهمتش الدرس الأول ياسلطان! لازم ندي لك درس ثاني علشان تهجع! بينما كان أبو أصبع يتحسر على نفسه وهو يفتتح منصبه الجديد في اللجنة المركزية برحلة مصحوبة بعبارات اعتقد أنه لن يسمعها بعد أن صار رئيساً لحزب معتبر! العليمي كان يبتسم فاغراً فاه..لم يفهم الحضور سر تلك الضحكة.. لكنه كان يرثي لحال سابقيه، أما هو فقد تعود على هذه الكلمة كثيراً وهو يسمعها من صالح! بدوره الصماد فهم نظرة (السيد) التي صوبها نحوه، حيث أسرع الخطى وسبق الجميع، وجثى على ركب السيد يلثمها، لكي يفهم بقية المستشارين ما الذي يتوجب عليهم فعله! كان الإرياني يبتسم في سره وهو يرى انحناء الآخرين أمام الركبة الشريفة، وقال في نفسه: على الأقل أنا لن أضطر للانحناء! بعد ذلك دخلوا إلى الديوان.. جلس السيد في صدره، وكانوا يرفعون آيديهم كالتلاميذ لطلب الكلام، لكنه اكتفى بأن ألقى على مسامعهم الأوامر الجديدة، ثم انصرف وتركهم للمشاط يفهمهم الطرق المثلى لتنفيذ أوامر السيد! عادوا إلى رئيس قصر الستين في صنعاء، وأبلغوه بمضمون أوامر السيد، وقرنوها بنصيحة مهمة (للرئيس) هادي.. هز هادي رأسه موافقاً على أوامر السيد، ووعدهم بدراسة مقترحهم. كان المقترح يتمثل بأن يكتفي الرئيس بمنزله في الستين الغربي، ويسلم القصر الرئاسي في الستين الجنوبي لعبد الملك الحوثي. كان المستشارون من وراء مقترحكم ذاك يريدون من هادي أن يكفيهم مؤونة وعناء الحج إلى صعدة، فعندما يستقر السيد في صنعاء سيتمكنون من أداء العمرة أيضاً في قصرة، وربما يصلون الجمعة كذلك من خلفه إن تكرم وسمح لهم بذلك. لكنهم كانوا قد أضمروا في أنفسهم شيئاً آخر أيضاً: بحيث يجعلون هادي يتشرف معهم بأداء تلك الفرائض، وينصت لأوامر السيد مباشرة، بدلاً من الاستماع إليها عبر التلفون أو المستشار الصماد!!.