تمر جمهورية اليمن الشقيقة خلال الفترة الحالية بمخاض كبير سينتج عنه واحد من أمرين مهمين: إما أن تستعيد الدولة سيادتها وتحافظ على استقلالها وقرارها، وإما أن تصبح دولة مستقلة اسما ومحتلة فعلا. تذكروا أيام العراق قبل 2003 وبعده، وسورية قبل 2011 وبعده. عندما تستغل الكيانات المتربصة بالأمة ما نقع فيه من اختلاف كوسيلة لدق أسافين بين مكونات المجتمع الواحد، فهي تنفذ خطة تستهدف السيطرة على القرار في مزيد من دول المنطقة. المشكلة الحقيقية هي أننا نراقب ما يحدث في الدول الأخرى ولا نعتبر. اليمن الحر المستقل هو ما تسعى لوجوده الدول العربية المحبة للسلام، وأهمها دول مجلس التعاون الخليجي التي تزيد مساهمتها في اقتصاد اليمن على 80 في المائة من خلال المشاريع والدعم وتحويلات المواطنين الذين يعملون في هذه الدول. لا تشترط دول المجلس على اليمن سوى التوافق والاستقلالية. الواقع يقول إن محاولات السيطرة على القرار اليمني من قبل طائفة لا تمثل 10 في المائة من السكان، هي مقدمة لمستقبل من التدخلات والقتل والسلب والنهب وزعزعة الأمن في دولة عربية هي بمجرد عروبتها عدو لمن يدفعون بالسلاح والمال لدعم اقتتال الشعب اليمني وترسيخ الفرقة بين مكوناته. ما إنجازات إيران على صعيد المستشفيات والخدمات والطرق والمدارس التي يمكن أن يراها الشعب فتشفع لها عنده؟ كم من الشعب اليمني يجدون لدى إيران وظائف مجزية تسمح لهم بإعالة أسرهم في البلاد؟ ما اللغة التي تستخدمها إيران مع الشعب اليمني والقيادة اليمنية؟ كيف تصدرت صور خامنئي شوارع العاصمة وكأنها مدينة فارسية؟ المؤلم في هذه المعادلة، الخاسر كل أطرافها، أن "بعض" اليمنيين يعلمون أن هذه طريق هاوية ونكبة تاريخية لبلادهم، لكنهم مستعدون للتعاون مع الشيطان لاستعادة السيطرة على مقدرات البلاد، وهم ينسون أن العراق وسورية ولبنان قبلهم خسرت قرارها بسبب السماح لجماعات متطرفة مسلحة من قبل إيران لسيادة المشهد، أي أنهم مجرد وقود لهذه الحرب البائسة. بالأمس قرر الحوثي أن يسير 14 رحلة يومية بين صنعاءوإيران، لا أعتقد أن هذه الرحلات ستحمل ركابا يهدفون للسياحة والعمل، ورحلات طهراندمشق قبلها شاهدة على ذلك، فهنيئا لمن اعتبر بغيره. نقلا عن "الاقتصادية" السعودية