هادي يحصن نفسه" وهو لا يدري أنه إنما يبنج ذاته، ويبنج معه اليمن الجديد قبل الولادة المتعسرة. محسن جنرالا قويا بعيون الحلفاء الإقليميين للشرعية وهو ربما سيكون له الأثر المرتجى بالنظر إلى المعركة السياسية أو العسكرية القادمة. غير أن الرجل الذي حاز على أكبر قدر ممكن من القرارات في كل المراحل اللاحقة لثورة الشباب في 2011 يعتبر البعض قرار تعيينه الأخير بمثابة نكسة لكل الأحلام الوطنية خصوصا وأنه بوجوده في كل المراحل يعيد إحياء نجم شريكه السابق صالح كلما حدقت عليه مخاطر الأفول. آخرون على العكس من ذلك يرون في الرجل قدرة على قلب الطاولة على الإنقلابيين في آخر مراحل اللعبة الدموية التي مايزالون يراوغون الداخل والخارج ﻹتمامها حتى النهاية. وبالتالي يرون في القرار انتصار للشرعية المسلحة ولكل الجبهات التي تقاتل في صفها بمختلف محافظات البلاد. في تقديري، القرارات الأخيرة ليس مرتبطة بخلاف سعودي إماراتي بقدر ماهو محاولة ﻹبقاء ربقة الشرعية بيد المساند الأقوى منذ البداية فضلا عن اعتبارات تتعلق بقراءة مشروع بنود ملف المفاوضات القادمة في الكويت. لقد كثرت التكهنات بشأن المفاوضات المرتقبة؛ مالذي ستقدمه من جديد خلافا لسابقاتها من المشاورات في جنيف1 و جنيف2، وماهي الركائز والأساسيات، وإلى مدى سيدخل الطرفان بنوايا صادقة للخروج بحل. دار حديث عن أن الحوثيين وصالح يطرحون فكرة تسليم صلاحيات هادي للنائب ويتم تشكيل حكومة من كل الأطراف بالتساوي بعد أن يتم إستجابة صالح وأنصار الله للقرار 2216. وهنا بادر هادي ومعه السعوديون لجعل الحوثيين وصالح يتراجعون عن هذا المطلب طالما والأمر متعلق بالغريم التقليدي على محسن الأحمر. هنا يكون هادي قد حصن نفسه من أي مطالب بتسليم صلاحياته للنائب، لكن بنفس التوقيت يجعل هذا التحصين مأساة اليمن مستمرة سواء بإطالة أمد الحرب أو بإعادة حلف محسن بما فيه من سلبيلت وإيجابيات للواجهة. بالعودة لموضوع القرارات الاخيرة وأبعادها الإقليمية فقد كان بحاح منذ البداية خيار سعودي، فحين عين نائبا للرئيس كان الأمر سعوديا بامتياز. وحتى عندما عين رئيسا لحكومة تكنوقراط كان الأمر أيضا مرتبط بإستشارة وتزكية سعودية إن لم نقل أنه فرض غير معلن حينها. باختصار، قد يمثل القرار الأخير مفتاح لحل الأزمة عسكريا لا سياسيا، وهو ربما ما ترتجيه الشرعية وحلفاؤها الذين يرون في محاورة طرف إنقلابي له تأريخ من المراوغة والتعنت والكبر هو بمثابة تضييع وقت.