في مقال سابق نشر بتاريخ 15 ديسمبر 2015 تحت عنوان «الارتهان بالمضايق / المضائق» تناولت فيه ضرورات تغير مفهومنا لتوظيف الجغرافيا في صناعة السياسة، والإعلان عن جسر الملك سلمان يعد أكبر مثال على ذلك التوظيف الاستراتيجي للجغرافيا الطبيعية. وكلنا يتذكر يوم عبور قوات درع الجزيرة إلى البحرين عبر جسر الملك فهد ودلالات ذلك السياسية منها والجغرافية. فالبحار كانت دائما العائق الأكبر أمام طموحات البشر وعبرها أتت أكبر مصادر التهديد. وتجربتنا العملية أثبتت حجم التهديدات المباشرة لسلامة دول شبه الجزيرة العربية في حال القبول بانهيار اليمن بالإضافة لتكلفتها الإنسانية. وهذا ما راهن علية حلفاء الانقلاب في اليمن، أي بتحويل الصراع إلى أدوات ابتزاز دائم ترتكز على ثلاثة عناصر: أمني، وإنساني وسياسي.
مصادر التهديد لأمن الخليج العربي قابلة للاحتواء مهما بلغت، والتجربة العملية أثبتت صحة ذلك. فإيران لا تملك القدرة على إيصال قوة غزو فاعلة عبر مياه الخليج في أي وقت قريب (في أبعد صور التهديد المحتملة). إلا أن إيران وسواها استطاعوا توظيف تهالك اليمن سياسيا حتى بات مصدر تهديد حقيقيا لليمن والسعودية في آن واحد. فخلال الأسبوع الأول من أبريل 2016 ضبطت البحرية الأمريكية والفرنسية ثلاث محاولات تهريب للسلاح كانت إيران مصدرها، إما عبر موانئ دولة أخرى أو عبر مهربين من الصومال بقوارب صيد تقليدية. ومستقبلا يجب عدم استبعاد توظيف وسائط ذات تقنية عالية في محاولات اختراق الطوق البحري المفروض من التحالف العربي والدولي فحلفاء إيران يملكون تلك التقنيات.
لذلك يجب أن تتجاوز تقديراتنا إيران «فقط» عند وضع تصوراتنا لمصادر التهديد الأمني لدولنا عبر البحر الأحمر، أما في بحر العرب فنحن مع معطيات أكثر تعقيدا مع تنامي التزاحم «المنسكب» من شرق آسيا باتجاه أفريقيا. مما سوف يجعل من الصراع على تسيد بحر العرب مطمعا لدول قد تعتبر اليوم صديقة.
اليمن ستكون بيضة القبان في الصراع المتصاعد على تسيد المحيط الهندي والذي سيمتد لبحر العرب لا محالة. ومن هنا تأتي أهمية سقطرى وضرورة تحويلها إلى حاملة طائراتنا الأولى عبر تطبيقات أمنية ودفاعية من صنعنا نحن. وأدكوم للأنظمة ADCOM SYSTEMS الإماراتية تنتج منظومة قد اختبرت قدراتها من الطائرات المسيرة عن بعد مثل نموذجيها نوع يبهون الاتحاد 40/5 UNITED والنسخة البحرية NAVY حيث يعدان ضمن الأفضل في تلك الفئة عالميا. فهي متعددة المهام من الرصد إلى التعامل مع مصادر التهديد السطحية والغواصات، متوسطة مستوى التحليق عالية التحملMedium Altitude Long Endurance (MALE) UAV. أي ما يتجاوز 20 ألف قدم والطيران المتواصل لما يتجاوز 100 ساعة. أما قدراتهما القتالية «الأولية» فهي حمل قذائف ذكية من نوع يبهون نمرود Yabhon Namrod، أو مستشعرات رصد وطربيدات للنسخة البحرية.
ما تناوله الوزير كيري في البحرين عن عزم الولاياتالمتحدة إنشاء حلف عسكري على غرار حلف الناتو مع دول مجلس التعاون، يستوجب التعاطي معه بجدية دون افتراض لحسن النوايا إلا بإثبات تطابق أمريكي «يتعدى النسبي» في الرؤى حول مفهومهم ومفهومنا لاستقرار المنطقة. منظومتنا الأمنية والدفاعية لن تكتمل وجنوب الخليج منكشف أمنيا، وسقطرى جنوبا تكمل منظومة الاستشعار المتقدم ضمن عناصر منظومتنا الأمنية والدفاعية والمتصاعدة المكانة مستقبلا بقدرات نوعية. فالاستقرار يتحقق فقط في حال التوظيف الأمثل لأدواتنا السياسية في محيطنا الجيوسياسي، والاقتصاد أحدها.
يقول المثل الأمريكي «فقط الأسيجة المنيعة تصنع جيرة آمنة»، وعلينا تذكير الرئيس أوباما بذلك في ال 21 من أبريل.