كتبت هذا المقال قبل عام بالضبط بعد أيام من بداية عمليات التحالف العربي لإنقاذ اليمن.. منذ الستينات الميلادية وحتى اليوم عاش اليمن 35 سنة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي، بداية من ثورة 1962 وما تبعها من حروب، ثم انقلابات السبعينات، ثم نزاع الجنوبيين في الثمانينات الميلادية، ثم حروب الوحدة والانفصال، ثم أخيراً الحوثيون والربيع العربي والقاعدة. هناك ثلاث أفكار مهمة عن اليمن. الفكرة الأولى أن حربنا العسكرية ستطول إلى أكثر من 6 أشهر من الآن على الأقل. حربنا اليوم ليست حرب صعدة عام 2009، اليوم طائراتنا تقصف لتشل حركة قوات تحالف الحوثي مع بعض ألوية الجيش والحرس الجمهوري، الخطوة القادمة والمتوقعة بحسب البيان السعودي هو الدخول البري، التوجه الرسمي السعودي/ العربي هو إعادة الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي إلى صنعاء من جديد. في التاريخ العسكري الدولي لم تستطع دولة أن تُخضع دولة أخرى لشرط مشابه عبر القصف الجوي فقط، الحالة الشاذة هنا هي القصف النووي الأمريكي ضد اليابان صيف 1945. إذن نشر القوات البرية والبحرية في اليمن مسألة وقت، إذا لم يتغير سقف طموحات “التحالف العربي”.. الفكرة الثانية أن تمرد الحوثي كان ضد حكومة ضعيفة بقيادة رئيس غير قوي، وبتخطيط من رئيس سابق ذكي، علي عبدالله صالح ليس مغفل، بل استطيع الجزم أن كل تحركاته هي ترمومتر لتوازنات القوى في صنعاء. شخص ينجو من اغتيالات العسكر نهاية السبعينات، ينجح في دمج يمنه مع اليمن الآخر، ينجح في حربه الأهلية، ينجح بالخروج بسلاسة من الحكم عام 2011 وبشروطه هو، تحالف صالح مع الحوثي هو انعكاس لواقع ضعف الدولة، اليمني إنسان بسيط لكنه صعب، ويريد دولة وحكومة تفرض سيادتها بكل قوة واعتباطية، نفوذ الحوثي لم يتغير منذ العام 2011، الذي تغير هو تقلص نفوذ الدولة، وصالح كان الصخرة التي اسقطت الجبل. الفكرة الثالثة أن هناك اجماع أن الدولة اليمنية فاشلة Failed State .. وهو تعبير عن وجود دولة وموظفين ومسؤولين، ولكن الدولة كمؤسسات تحتكر السلطة تفشل في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، ومن أهمها الأمن وسيادة القانون. الجديد اليوم أن هذا الفشل تسبب في الفوضى، من الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، إلى استيلاء الحوثي على الدولة، إلى انقسام الجيش وتحالفات الحرس الجمهوري، هناك حراك الشباب، وتجمعات الإخوان المسلمين والسلفيين والناصريين والعروبيين والاشتراكيين، القاعدة في جزيرة العرب وايضا فرع داعش في اليمن، هناك الجيش والحرس الجمهوري.. بعيداً عن مشاكل المياه والفقر والإرهاب ونزاع القبائل والأمية والأفارقة في اليمن ..إلخ الدور السياسي للسعودية خارج التحالف العربي العسكري هو خلق كتلة حكم جديدة، الخيارات المجربة والمحترقة هي حكومة هادي والمبادرة الخليجية، الخيارات الجديدة هي حكومة عسكرية بقيادة اللواء علي محسن الأحمر.