وقفات في إب وفاءً لدماء الشهداء وتأكيد الجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    مبادرة مجتمعية لإصلاح طريق طويل يربط مديرية الحداء بالعاصمة صنعاء    مسيرة صهيونية تقصف سيارة في بلدة تول جنوب لبنان    الأحد.. المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره في صنعاء استعدادًا لبطولة كأس الخليج بالدوحة    الجزائرية "كيليا نمور" تحصد ذهبية العالم في الجمباز    المدينة: مرآة الوجود    الآن حصحص الحق    الآن حصحص الحق    بطء العدالة.. عندما يتحول ميزان الحق إلى سباق للصبر: دعوة لإصلاح هيكلي للقضاء    نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين : النقابة جاهزة لتقديم كل طاقاتها لحماية عدن وبيئتها    الذهب يرتفع وسط توترات جيوسياسية وترقب لبيانات التضخم الأمريكية.    عدن .. وفاة أربعة شبان في حادث مروري مروّع بالبريقة    عهد تحلم ب«نوماس» نجمة ميشلان    ترامب يعلن إنهاء جميع المحادثات التجارية مع كندا    عدن على موعد مع انتفاضة شعبية واسعة وقادة المرتزقة في القائمة السوداء لأمريكا    عدن.. بين استهداف التحوّلات وإهمال المقومات    وطني "شقة" ومسقط رأسي "قضية"    تعز.. مقتل محامٍ برصاص عنصر أمني أمام منزله في التربة ومخاوف من التلاعب بالقضية    وأخيرًا انكشف المستور.. إعلان خطير يفضح من يقف وراء الإرهاب في الجنوب    حلف القبائل بين النشأة الشريفة ووطنية بن حبريش المغشوشة    الجنوب العربي بين الإرهاب والدعاية الأيديولوجية    غدًا السبت.. انطلاق البطولة التأسيسية المفتوحة الأولى للدارتس – عدن    الإصابات تبعد 4 اتحاديين أمام الهلال    «فنجال».. تميمة دورة التضامن الإسلامي    العائدون والمصابون قبل كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة    منظمة: تطهير قطاع غزة من المتفجرات يحتاج 30 عاما    أزمة القمح تطفو على السطح.. شركة تحذر من ازمة في السوق والوزارة تطمئن المواطنين    الشيخ العلامة أمين البرعي يهنئ وزير النقل والأشغال ورفاقه الوزراء بالسلامة    النائب العليمي يبحث مع سفيري فرنسا وكوريا تعزيز التعاون المشترك ودعم الإصلاحات في اليمن    قراءة تحليلية لنص "على حواف الموت" ل"أحمد سيف حاشد"    الشعبة الجزائية الثانية بمحكمة استئناف الأمانة تصدر حكماً ببراءة الشيخ محمد نايف علي الكريمي من تهمة انتحال صفة القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني وكل التهم الكيدية المنسوبة إليه    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بايقاف التعامل مع شركة صرافة    احباط تهريب آثار يمنية عبر رحلة اممية بمطار صنعاء    الأشول: اليمن يحتاج إلى دعم حقيقي لإعادة بناء اقتصاده وتعزيز قدرته الإنتاجية والتجارية    لقاء موسع لفرسان ورائدات التنمية بمديرية التحرير في أمانة العاصمة    وزارة الاقتصاد : مخزون القمح يكفي لأشهر..    صنعاء .. اجتماع للجنة التصنيع لأدوية ومستلزمات مرضى الحروق    رسمياً.. افتتاح السفارة الهندية في العاصمة عدن    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على نشاط مكتب الزراعة بمحافظة المهرة    محافظ شبوة يثمن التجهيزات الإماراتية لمستشفى بن زايد في عتق    الأحرار يقفون على أرضية مشتركة    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الإعلامي أحمد زين باحميد وتشيد بمناقبه    الأرصاد: منخفض جوي في بحر العرب وتوقّعات بأمطار رعدية على سقطرى والمياه الإقليمية المجاورة    دراسة: الإفطار الغني بالألياف يقلل الإصابة بسرطان القولون    المحكمة الجزائية بحضرموت تقضي بإعدام 6 إيرانيين أدينوا بتهريب المخدرات إلى اليمن    المجلس الاستشاري الأسري يقيم ندوة توعوية حول الصحة النفسية في اليمن    محمد صلاح في القائمة المختصرة للمرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في إفريقيا 2025    ترامب يعلن إلغاء لقائه مع بوتين في المجر    صوت من قلب الوجع: صرخة ابن المظلوم إلى عمّه القاضي    شبوة.. حريق ضخم يتسبب بأضرار مادية باهضة في الممتلكات    ريال مدريد يعتلي الصدارة بعد فوزه الثالث على التوالي في دوري الأبطال    السكوت عن مظلومية المحامي محمد لقمان عار على المهنة كلها    أكبر جبان في العالم ؟!    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة في استشهاد القائد الفريق "الغماري"    صنعاء تبدأ بترميم «قشلة كوكبان» التاريخية    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    الكشف عن عين إلكترونية تمكن فاقدي البصر من القراءة مجددا    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا تُعقد الصفقة مع "صالح"؟
نشر في المشهد اليمني يوم 24 - 04 - 2016

لن يتحقق شيء مهم في مشاورات الكويت، ستكون محطة محبطة بالنسبة للكويت نفسها، أكثر منها للأمم المتحدة أو حتى للشعب اليمني الذي ينتظر عودة السلام والاستقرار بفارغ الصبر.
والسبب في تقديري يعود إلى أن الحوار يجري بين طرفين كلاهما مرتهن بالقدر ذاته إلى الأجندة الخارجية، ولن تتمكن الكويت من الاستفادة من كونها دولة ذات مصداقية في فرض أجندة السلام على طرف موتور وليس من أولوياته السلام، وأعني به هنا الحوثيين.
الخطأ الكبير الذي ترتكبه المملكة والتحالف والحكومة الشرعية أنهم يفاوضون الطرف الخطأ، الطرف الميؤوس منه، وهم الحوثيون الذين أسسوا وجودهم على هامش الدولة الضعيفة والحاكم الانتهازي الذي حاول أن يقدم نفسه زعيما وطنيا لكن كانت في داخله قناعات لا وطنية ثقيلة تشده إلى قاع التفكير السيئ وإلى الخيارات الأسوأ.
دعونا نكون أكثر صراحة اليوم ونعترف بأن المشاورات الجارية لن تستقيم ما لم يجر إعادة النظر في المعادلة القائمة، التي يتصرف فيها الحوثيون وكأنهم الطرف المهيمن الوحيد في المنطقة المجتزأة من الدولة، على الرغم من أنهم ما كانوا ليستطيعوا فعل ذلك لولا أن المفاصل الأكثر تأثيرا في الدولة والتي ظلت مرتبطة بالمخلوع صالح، هي التي مكنتهم من عملية الاجتياح الاستعراضية التي بدأت في دماج وانتهت في عدن.
قطاع واسع منا يدعم فكرة خيار الحسم العسكري، لكن إذا كان ذلك يمثل تحديا متعدد الأبعاد بالنسبة للتحالف والسلطة الشرعية، فعلينا أن نقتنع بأن المصلحة تقتضي التعامل مع الخيار الأقل سوءا وهو المخلوع صالح، وأن تعقد الصفقة معه وليس مع الحوثيين؛ لأنه على الأقل يمثل إرث الجمهورية وإن كان إرثا مثقلا بالفشل والمغامرات السلطوية الخاصة البائسة، فيما يمثل الحوثيون إرث الإمامة، وهو إرث شوفيني استعلائي فاسد الطباع والعقيدة ويستند إلى تصور نظري مشوه للسلطة خلاصتها "التسلط والاستكبار السلالي".
يتصرف الحوثيون في صنعاء بشكل يوحي بأنهم مصدر القرار الأعلى في سلطة الأمر الواقع، وهو أمر لا يتطابق مع الواقع، فحتى هذه اللحظة يريد صالح أن يأكل الثوم بفم الحوثيين، وهذا يروق للحوثيين في هذه المرحلة.
ذلك أنهم عندما يستأثرون بالمناصب ويقومون بإقصاء حتى العناصر المحسوبة على "صالح"، إنما يتصرفون انطلاقا من قناعاتهم بأنهم أصحاب حق أصيل في السلطة، وهم هنا يقتنصون اللحظة التاريخية لاستعادة هذا الحق.
الذي يحدث اليوم هو أن الموقف الغربي مسنودا ببعض القناعات الإقليمية المصابة بداء معاداة "الإخوان" يدفع باتجاه التعامل مع الحوثيين كقوة سياسية أساسية، ويرون في البعد الشيعي الصارخ في عقيدة الحوثيين سببا كافيا لأن يحظى هؤلاء بالدعم، في بلد جرى تصويره على أنه الملاذ الأهم ل"القاعدة" على مستوى العالم.
وحضور الحوثيين كقوة سياسية، لا يمكن أن يكون اعتياديا في بلد ديمقراطي تعددي، لكن اليمن المثقل بإرث الماضي من الصراعات والجدل السياسي والفكري القائم على المسلمات وليس على المصالح المتحركة، لن يسمح بأن يؤدي الحوثيون -وهي تسمية عائمة لمشروع سياسي سلالي موتور- دورهم كطرف سياسي قابل للتعايش بين الأطراف السياسية الأخرى، بل سيمضون في خط الاستئصال السياسي الممنهج لخصومهم، استئصال سينتهي حتما إلى التفرد الكامل بالسلطة.
خطا الحوثيون خطوات هامة على خط المصالحة مع المملكة العربية السعودية، وهذا يعني أن التنازلات التي قد يقدمونها في المشاورات التي تجري حاليا في الكويت إن تمت -وهذا مستبعد- فلن تكون تعبيرا عن رغبتهم في السلام، بل ترضية للجارة الشمالية القوية، حتى يأمنوا قوتها الجبارة التي جربوها مرتين، الأولى في حرب صعدة السادسة والثانية في الحرب الحالية.
وهنا أريد أن أنبه إلى الخطأ الكارثي الذي ربما تقع فيه المملكة والسلطة الشرعية، والذي يأتي من مدخل تهميش المخلوع صالح، مع العلم بأن الحرب التي تدور على الأرض أو في الحدود تتم تحت إدارته وليس بعيدا عنه.
هناك أسباب موضوعية يجب الأخذ بها عندما يتعلق الأمر بتفكيك تحالف الانقلاب في صنعاء، وهو أن الحوثيين يفقدون اليوم ميزة الولاء التي كانت تتم طواعية أو التأييد التكتيكي المرحلي من جانب قطاع واسع من القبائل المحيطة بصنعاء والموالين للمخلوع الذين كانوا يعتقدون أن الحوثيين ليسوا أكثر من حصان طروادة الذي سيعيد لهم زعيمهم "صالح" إلى السلطة.
هؤلاء اليوم يتلقون الضربات القاتلة من جانب الحوثيين ويتعرضون للإقصاء والتهميش والقتل والإهانات المتتالية نتيجة ممارسات الميلشيا التي تتغذى من نزعة استعلاء قديمة على "القبيلي" باعتباره مجرد عسكري وبيدق بيد الإمام.
لن تحصل السلطة الشرعية على أية التزامات حقيقية من جانب الحوثيين، فهم مجرد عصابة تقوم على فكرة التضحية، مثلها مثل القاعدة، ولا يهم عبد الملك الحوثي إن قُتل ألف أو مليون من القبائل إذا كان هذا سيقربه ولو شبرا واحدا من استعادة الإمامة.
وعليه، فإن الحكمة تقتضي الكف عن المضي في إتمام الصفقة الجانبية مع الحوثيين، والتصرف ولو لمرة واحدة خارج الإرادة الخبيثة والانتهازية للغرب، الذي يدعم فكرة تمكين الحوثيين، بينما المصلحة الوطنية تقتضي عقد الصفقة السياسية مع ما تبقى من أجهزة الدولة التي لا يزال بوسع المخلوع صالح ممارسة نفوذه عليها.
إن صفقة كهذه ستوسع الجبهة التي سيكون باستطاعتها محاصرة الحوثيين اجتماعيا وليس فقط عسكريا، وصولا إلى تحجيمهم وتقليم أظافرهم، وتجريدهم من كل عوامل القوة، وإعادة تكييفهم مع الواقع الذي يجب أن يظل جمهوريا وديمقراطيا بما يتطابق مع مفهوم الدولة الوطنية.
ثمن صفقة كهذه مهم للغاية لكلا الطرفين: السلطة الشرعية والمخلوع صالح وأنصاره، على المدى القريب والبعيد، فهذا الثمن هو الاستعادة المتأخرة للدولة اليمنية التي كادت أن تسقط في براثن الإمامة في لحظة طيش من جانب جميع الأطراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.