لا شيء يستدعي الغضب من تصريح الجبير الأخير بشأن الحوثيين ومستقبلهم. فالرجل سياسي ويدرك متى يكتب تغريدات هادفة كالتي وصف فيها جماعة الحوثي بأنها جزء من النسيج الاجتماعي اليمني وأنهم "يبقوا جيراننا". مضيفا في تغريدة أخرى منفصلة: "بينما داعش والقاعدة تنظيمات إرهابية يجب عدم ترك المجال لهم للبقاء لا في اليمن ولا في أي مكان آخر في العالم". إن توقيت مثل هذا التصريح يأتي في سياق دعم جهود الشرعية وحلفائها لإنجاح المشاورات الجارية في الكويت. فإطالة أمد الحرب لا تنتج سوى المزيد من الدمار للذي كان يسمى يوما بلد. السعوديون ومن معهم ربما أرهقوا ويواجهون ضغوطات دولية لدعم مسار السلام الذي يجتهد فيه المبعوث الأممي. ذلك أن تأجيج نار الحرب ربما قد تفتح للمملكة أبوابا أخرى مقلقة سياسيا وعسكريا وإقتصاديا على الأرجح. الشرعية وفريقها المشاور يقدمون تنازلات أيضا تبدو أنها تروق للمجتمع الدولي المشرف والمراقب أحيانا وتسير ربما وفقا لخطى تناغم رغبة حلفائها الإقليميين. ربما يشعر من هو صادق النوايا فيهم أن جدران اليمن تتداعى وأن التمسك بقشة السلام أمر لابد منه في تلاطم أمواج الحرب وآثارها على اليمنيين البسطاء، لا أدري ما إذا كأن تفاؤلي هذا مبني على حقيقة رجاحة عقول بعض قيادة الفريق المشاور وإدراكهم لمخلفات الحرب التي يغرق فيها اليمنيون العاديون وكيف أن مرضى سرطان الدم في مركز الأورام بلا دواء. حتى المقامر صالح وحلفائه الحوثيين، ولو بدى لنا أنهم مستعدون للحرب لآخر لحظة، ولا يهمهم إن توقفت نافورة الدم أم لا، لكم لديهم أنصار طيبون يجب أن يقدموا تنازلات لأجلهم دونا عن كعكة اليمن المستقبلية التي سيتسلمون جزء منها وفقا لطبيعة المشاورات الجارية. سيفاخرون أنهم أوصلوا خصومهم لهذه المرحلة التي دفعت بالمسؤول السعودي ناعم الوجه للاعتراف بهم وسط انتقادات المهتمين. لكن ليس من أجل رفع ريشة إيران مستقبلا في المنطقة إذ يجب على هذا الريش المنفوش المتمثل في حلف صالح والحوثي تقديم التنازل الكافي والانصياع للقرارات الدولية والإلتزام بأخلاق التفاوض الصادق والصريح، كي لا يكونوا ضحية اليوم والغد. فاليمينيون بمن فيهم أنصارهم وحتى المحايدين سيصحون يوما على حقيقة أن هذا هو المتسبب في كل ما نحن فيه ولن ينسوا من أوجعهم وسود وجوههم بين كائنات المغمورة. حقا لن ينسى اليمنيون من شردهم وقتلهم واعتدى عليهم بكل قبح مكرور فيما كانت ثمة فرص تتوالى لإرساء السلام العادل بعيدا عن مقايضة السعوديين بالقول: نحن والجبير جيران !