العيش في اليمن يجعلك قريب من الله، العيش في هذا البلد يحارب فكرة عدم لقاء الله في اليوم نفسه، كل شيء يقودك الى الله.. المشي في الأسواق.. الكتابة على المحابر والأوراق، العبور من نقاط التفتيش، حمل الملازم والأقلام، قراءة الصحف والمجلات، تصوير منظر بجهازك المحمول، الإستماع الى الأغاني، حتى لبس الكرفتة ربما تقودك الى الله.. ????أن تمشي في الأسواق وأنت متأهب لإنفجار سيارة مفخخة بجوارك لتأخذك الى الله.. أن تعبر من نقطة تفتيش مع صديقك مرتين في اليوم فأنت عبر الى الله..لأنه لو رآكما مسلح مرتين في نفس النقطة فإنكما ربما ستكونا أمام خطف وتحقيق وتعذيب.. أن تكتب على محبرتك أو تخربش على صفحتك وأنت تترقب سيارة مليئة بالمسلحين ليختطفوك ويذهبوا بك الى أعماق المجهول أو ربما الى الله.. أن تقرأ صحيفة في الشارع أو على الإستراحة وانت ترمق المارة بنظرات مراقبة خوفاً من رؤية احد المسلحين لما تقرأ..لو رآك تقرأ سيعتقد أنك صحفي وسيأخذك الى المجهول ايضاً.. ???? أن تمر على منظر خلاب وتمسك بهاتفك لإلتقاط صورة وأنت حذراً ان توجه عدستك لوجه مسلح.. فلو رآك سيظن أنك تصوره لأنه يعرف أنه في نفس اللحظة يرتكب الجريمة وسيأخذك الى الله.. أن تمشي بسيارتك وتستمع الى الأغاني فكن على استعداد لأي ضربة.. لأنه لو سمعك المسلحون المقاتلون الذين يقتلون الشعب كل يوم..لو سمعوك لقالوا عنك كافر وفاسق وربما يأخذونك الى الله.. أن تلبس الكرفتة وتمشي في الشارع سيظنوك مثقفاً ومقلداً لليهود وبذلك تصبح صاحب إدانة وربما ستواجه الكثير من المشاكل التي في الأخير ستوصلك الى الله.. ستذهب الى الله إذ لم تؤمن بالخرافات والكهنوت.. خرافات الحق الإلهي وكهنوت الإصطفاء البشري.. يعتقدون بأن الحق لهم وحدهم.. بكونهم خلقوا من منْي يعود أصل صاحبه للسلالة التي ينتمي اليها النبي الأمين.. النبي الذي حاشاه أن يكون له صلة بما يدعون.. هكذا هم يقتاتون على معتقدات وأفكار لاتستدعي منك غير البصق على وجوه معتقديها.. ???? هذا الوطن مندثر كأحلامي.. محطم كقلبي.. ليس له ملك يحكمه سوى ملك الموت.. أتدرون ماذا قالوا عنا؟ عندما رأونا مُصِّرين على أن نعيش الا في اليمن.. قالوا أننا لسنا الا مخاطرون بحياتنا وأننا نخوض أكبر مجازفة حياتية عبر التأريخ الحديث.. هنا في هذا الوطن جماعات تعَبِّد طريقها الى الله بجماجمنا.. ترص طريق الله بأشلاءنا.. تتقرب الى الله بذبحنا.. تبتسم ثم تقترب منا وتبدأ بالذبح.. تؤنبها ظمائر أفرادها إذ لم يقتلوا منا أكثر.. وبهكذا جعلوا من الجهاد في سبيل الله ذروة الجريمة الإنسانية، فهي الحالة الوحيدة التي يتأنب فيها ضمير القاتل لأنه لم يقتل أكثر.. في هذا الوطن جماعات تقدس الموت وتحتقر الحياة، أنتجت لنا كم هائل من الانتحاريين والمقابر، في هذا الوطن جماعات تقدس الذي يسعی للموت وتحتقر من يسعى للحياه، وبدلا من أن يعيشوا من أجل أن يجعلوا حياتنا أفضل قرروا أن يموتوا -ونموت نحن أيضاً- من أجل أن نحيا كما يزعمون.. ثم يتفاخرون بعدد الشهداء بدلاً من عدد الأحياء الذين حافظوا على حياتهم.. ???? الطريق الى الله لاتقود دائماً الى الجنة.. الطريق الى الله التي تقود الى الجنة تمر عبر الحرية لا عبر الحورية.. الطريق الى الله التي تقود الى الجنة تمر عبر المدارس لا عبر المتارس.. الطريق الى الله التي تقود الى الجنة تمر عبر الحب لا عبر الحرب.. الطريق الى الله التي تقود الى الجنة تمر عبر البناء لا عبر الهدم الطريق الى الله التي تقود الى الجنة تمر عبر السلام لا عبر الألغام الطريق الى الله المؤدية الى الجنة تمر عبر إحياء أحلام الأطفال.. الأطفال الذين هم نحن.. نحن الذين أصبحنا نحلم بالحياة فقط.