مرت تركيا خلال العقود الماضية بانقلابات عسكرية وبتحولات سياسية واقتصادية مثيرة للدهشة وبعلاقات مريبة وغامضة بل ومتناقضة مع الدول الغربية وبمواقف قريبة ان لم تكن داعمة للديمقراطية والحقوق والحريات في بلدان الربيع العربي. وبعد فشل الانقلاب العسكري, جعلنا نخرج من تلك المحطات بالدروس أو الحقائق التالية: 1- في ظل حكم العسكر (حكم الاستبداد) عاشت دولة تركيا متخلفة اقتصاديا واجتماعيا وتعاني من الفقر والبطالة والتبعية السياسية والاقتصادية. 2- في ظل الدولة الديمقراطية دولة المؤسسات والحريات المدنية والاقتصادية والسياسية خرجت تركيا من مستنقع الدول المتخلفة, وقفزت من المركز الاقتصادي رقم 111 إلى المركز رقم 16 ودخلت نادي مجموعة العشرين الأقوياء الكبار, وهذا يعود إلى التجربة الديمقراطية والعمل المؤسسي وليس بالضرورة إلى حزب العدالة والتنمية. 3- كشفت وفضحت التجربة التركية بما لا يدع مجالا للشك أن الدول الغربية ومعها أمريكا والتي تفتخر وتتباهى بالليبرالية والحرية والدفاع عن حقوق الإنسان, أنها تدعم الانقلابات العسكرية وحكم البيادات وضد حكم إرادات الشعوب والحريات وحقوق الإنسان. 4- أثبتت التجربة التركية أن دول المؤسسات ودولة المواطنة المتساوية تكون عصية على الانقلابات وتغيير الأنظمة وفق ما تريد الدوائر الغربية الاستعمارية.لأنها ترتكز في حكمها على إرادة الشعوب والتي أصبحت الدرع الواقي والحامي للدولة. 5- أثبتت التجربة أن الدول الغربية لا تريد التنمية والرفاهية والاستقلال للبلدان النامية, وإنما تريد دولة الاستبداد المعادية لشعوبها والمرتكزة في حكمها على الجهاز الأمني البوليسي القمعي والمدعوم منها, وبالشكل الذي يبقي تلك الدول هزيلة وضعيفة بحيث تصبح لعبة بيدها تحركها كيفما تشاء وفقا لمصالحها. 6- أثبتت التجربة التركية أن الدول الغربية ومعها الأممالمتحدة , والتي تدعي مكافحة الفساد في دول العالم النامي, وفي سبيل ذلك قدمت الكثير من البرامج ورصدت الموازنات لمكافحة الفساد ودعمت المؤسسات المستقلة الوطنية والدولية لهذا الغرض, وكان من أهم انجازاتها إخراج اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد وإلزام الدول على التوقيع عليها. إلا أن الوقائع تشير إلى أن تلك الدول والمنظمات الدولية نسفت كل تلك الإجراءات في مجال مكافحة الفساد من خلال دعمها لحكم العسكر وقوى الاستبداد. لان مكافحة الفساد ببساطة تأتي نتاج لعمل ديمقراطي مؤسسي يفصل بين السلطات بحيث تصبح سلطة البرلمان والقضاء وأجهزة الرقابة ومكافحة الفساد مستقلة وقادرة على مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية. د عبده مدهش الشجري