مهما اختلفنا أو اتفقنا، وبغض النظر عن تأييدنا أو رفضنا للمجلس السياسي الذي شكلته جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح قبل أيام وما تبعه من قرارات وإجراءات بما في ذلك استئناف مجلس النواب اليمني لجلساته وغير ذلك، إلا أن ما جرى يوم السبت 20 أغسطس الجاري في صنعاء من مسيرة جماهيرية حاشدة يعتبر تطورا مثيرا في الأزمة اليمنية لا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال. فقد بدا واضحا في تلك المسيرة التي شارك فيها عشرات الآلاف من سكان صنعاء وضواحيها أن هناك من أبناء الشعب اليمني من يرفضون التدخل العسكري لقوات التحالف العربي في بلادهم في الوقت ذاته الذي باتوا لا يعترفون بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وإن كانوا قد منحوه يوما ما ثقتهم لقيادة البلاد، وهو ما يعني أن تحالف الحوثي – صالح قد نجح إلى حد بعيد في خلق هذه الحالة من الرفض الشعبي في أوساط اليمنيين. ربما لم تكن الحكومة الشرعية تتوقع إقدام تحالف الحوثي – صالح على مثل هذه الإجراءات ولذلك بدت وكأنها مرتبكة وحاولت التقليل من تبعاتها حين أعلن أكثر من مسؤول في الحكومة أن انعقاد مجلس النواب غير شرعي لكون مدة المجلس قد انتهت فعليا، وهو كلام غير صحيح حيث تنص المادة 65 من الدستور اليمني على “أن مدة مجلس النواب ست سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين إلى انتخاب مجلس جديد قبل انتهاء مدة المجلس بستين يوما على الأقل، فإذا تعذر ذلك لظروف قاهرة ظل المجلس قائماً ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد”. وكما أشرت في مقالة سابقة، فقد أعلن في صنعاء قبل أيام حل اللجنة الثورية العليا التي كانت قد شكلتها جماعة الحوثي منفردة في أعقاب سيطرتها على صنعاء في سبتمبر العام 2014، فيما اعلن أخيراً عن انسحاب اللجان الثورية والرقابية من الوزارات والمؤسسات الحكومية كافة. الجديد في الأمر هو ما يتداوله الناس في صنعاء من حديث حول الترتيب لعقد جلسة لمجلس النواب للنظر في الاستقالة التي كان قد قدمها الرئيس عبد ربه منصور هادي قبل نحو عامين ولم يبت فيها المجلس بسبب تعطيله وعدم انعقاده طوال هذه الفترة، وبالطبع سيوافق المجلس على قبول الاستقالة، ويؤكد الدستور اليمني وفقا للمادة 116 في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى مهمات الرئاسة موقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس يتم خلالها إجراء انتخابات جديدة للرئيس، وفي حالة خلو منصب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس معاً يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً رئاسة مجلس النواب. أما أجد الجديد، فهو تلك التصريحات التي أطلقها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح يوم الثلاثاء الماضي وأعلن فيها أن القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني لم يعد لها أي وجود بعد شن قوات التحالف العربي حربا على بلاده، وهو ما يتعارض كليا مع رؤية الحكومة اليمنية التي تتمسك بهذه المرجعيات الثلاث كحل للأزمة القائمة، ما يعني وضع المزيد من المطبات أمام الطرق المؤدية إلى الحل السياسي السلمي، وإطالة أمد الحرب رغم ما مما خلفته حتى الآن من خراب ودمار، وما تسببت فيه من انهيار لاإقتصاد اليمني.