أتساءل دومًا، بل وأستغرب من مواقف الأممالمتحدة تجاه مشكلة اليمن، فالقرارات التي صدرت، وخصوصًا القرار رقم 2216، لم يلتفت له الانقلابيون، بل ودخلوا معه في مرحلة تحدٍّ سافر أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من فوضى ودمار، وأستغرب أيضًا أن توافق الحكومة الشرعية على إجراء حوارات مع الانقلابيين وبيدها ذلك القرار الذي أدان أولئك بتهمة تقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن، وأدرج رؤساء الانقلابيين على قائمة العقوبات الدولية في نوفمبر 2014، وطالبهم بوقف القتال، وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء. لماذا هذه الرحلات المكوكية التي يقوم بها ولد الشيخ أحمد مندوب الأممالمتحدة، وطرحه رؤى ومبادرات كان آخرها تلك التي طرحها قبل أيام، ولم تجد قبولا لدى الطرفين؟!. يصر ولد الشيخ أحمد على أن ينجح في مهمته التي لا نراها إلا مضيعة للوقت، وهويدرك أنه طرف غير مقبول من قبل الحوثيين الذين شنّوا هجومًا عليه ووصفوه بأنه «مؤجج للحرب، يمارس الشحن الطائفي والمذهبي، ومنحاز وغير حيادي، يعتمد على المغالطات والافتراءات، وغير مؤهل للقيام بدور الوسيط الأممي»، وكيف له أن ينجح في هذه الأجواء من عدم الثقة؟! ألم تستنتج الأممالمتحدة من خلال الحوارات التي امتدت من جنيف إلى مسقطوصنعاء والرياض والكويت إصرار الحوثيين على إحباط كل محاولة والوقوف في وجه كل حل لا يتيح لهم يدًا مطلقة في إدارة اليمن؟! ولماذا لم تُفعِّل الأممالمتحدة قرارها رقم 2216 وتفرضه على الانقلابيين حتى تظل هناك هيبة للقرارات التي تصدر من مجلس الأمن، بدلًا من أن يطرح مندوبوها رؤى اجتهادية تختلف كليًا مع متطلبات ذلك القرار، ولا تراعي الشرعية الممنوحة من قبل الشعب اليمني لحكومته الحالية؟! لاسيما وأنه سبقت هذه الرؤية مقترحات وقَّع عليها طرفا النزاع في الكويت، وسرعان ما انقلب الحوثيون على ذلك الاتفاق عقب تلقِّيهم أوامر من الخارج بنقض الاتفاق. إن الرؤية الأخيرة التي طرحها «ولد الشيخ أحمد» تُعدُّ مخالفة للمرجعيات الأساسية ولا تصنع سلامًا، بل وتزيد في إذكاء نار الاقتتال الداخلي وتعمل على شرعنة الانقلاب. ولعله من السخرية أن يعتبرها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مبادرة جيدة للمفاوضات، ويشترط إيقاف جميع العمليات العسكرية من قبل التحالف ورفع الحصار، وإلغاء قرار العقوبات، وهذا الأخير هوما يسعى إليه، لأن اسمه مشمول بالقرار الصادر في نوفمبر 2014 في قائمة العقوبات، بصفته أحد أهم معرقلي التسوية السياسية في اليمن. نعود لنقول، بأنه كان من الأجدى أن تعمل الأممالمتحدة ومندوبها «ولد الشيخ أحمد» بتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2216 بكل حذافيره، بدلًا من طرح رؤى ومقترحات اجتهادية خاطئة، فذلك لا ينسجم مع مدانين وممنوعين من السفر، وانقلابيين على الشرعية المنتخبة من الشعب اليمني.