أحدثت المراسيم الثلاثة التي أصدرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل يومين، وفرض من خلالها عقوبات على كل من روسياوإيرانوكوريا الشمالية، ضجة في الأوساط السياسية والدبلوماسية في مختلف أنحاء العالم، لما لها من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على علاقات الولاياتالمتحدةالأمريكية بالدول الثلاث، بخاصة روسيا، التي استفزتها العقوبات، لأنها جاءت مخالفة للتوقعات بتحسن كبير في العلاقات بينها وواشنطن مؤخراً. هي خيبة أمل، وتقضي على أي تفاؤل بتحسن العلاقات مع الولاياتالمتحدة، هكذا علق القادة الروس على مرسوم العقوبات، وذهب رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف، إلى أبعد من ذلك عندما أشار إلى أن العقوبات تصل إلى حد إعلان «حرب تجارية شاملة» على بلاده، وأنها تظهر عجزاً تاماً للرئيس دونالد ترامب، معتبراً أن الكونجرس الذي وافق على العقوبات، أهانه، خاصة أنه عمل على تحصين القرار من أي تراجع من قبل الرئيس. الأساس الذي بنيت عليه العقوبات الأمريكية على روسيا تتمثل في تدخلها المزعوم في مسار الانتخابات الرئاسية التي شهدتها الولاياتالمتحدة العام الماضي، وفاز فيها ترامب في المواجهة الساخنة التي خاضها ضد مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، إضافة إلى دور روسيا في أوكرانيا، بعد احتلالها شبه جزيرة القرم وضمها إلى أراضيها، في خطوة أزعجت الولاياتالمتحدة والغرب عموماً. لا شك أن العقوبات الأمريكية ستنهي آمال تحسين العلاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة قريباً، كما كان يتوقع كثيرون، وبينهم ترامب نفسه، وآثارها ستظل باقية لعقود من الزمن، إن لم تحدث معجزة، حسب وصف ميدفيديف، الذي لا يرتفع صوته إلا عند المُلمات الكبيرة، وهذه إحداها، لأنها ستحدث تأثيرات كبيرة على العلاقات بين البلدين، خاصة الشركات العاملة في مجال الطاقة، وبدرجة رئيسية تصدير اليورانيوم وغيره، ويجعل نشاط الشركات الأمريكية للعمل في روسيا صعباً جداً. الأمر لا يبدو أنه متعلق بالعقوبات فحسب، بل وأيضاً بطريقة إدارة الأزمة بين الولاياتالمتحدةوروسيا، فالبَلدان تحكمهما الشكوك في هدف كل منهما ضد الآخر، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين رد قبل أيام على قرار الرئيس السابق باراك أوباما بطرد عدد من الدبلوماسيين، قبل خروجه من البيت الأبيض، فأمر بطرد المئات من الدبلوماسيين الأمريكيين. لا تقف الأمور عند هذا الحد، فالروس يبدو أن معركتهم لن تكون مع الرئيس دونالد ترامب، بل مع الكونجرس، الذي اتهمه ترامب نفسه بأنها «تُجاوز نطاقه التشريعي»، ويُفهم من ذلك أن ترامب غير راض عن العقوبات التي جرى اتخاذها ضد الروس، لكنه كان وراء السعي نحو إقرار العقوبات التي اتخذت ضد كل من كوريا الشماليةوإيران، وهما دولتان متهمتان من قبل الإدارة الأمريكية بدعم الإرهاب في العالم، فبيونج يانج أجرت مؤخراً عدداً من التجارب الصاروخية، وأعلنت أنها قادرة على مسح الولاياتالمتحدة من على وجه الأرض، فيما تشكل إيران مصدر خطر على مصالح الولاياتالمتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ولم تلتزم بالاتفاق النووي، الذي تم التوقيع عليه مع الإدارة الأمريكية السابقة. وفي المحصلة النهائية ستجد الولاياتالمتحدة نفسها في مواجهة مفتوحة مع ثلاث دول، مختلفة في الشكل، وفي المضمون، لكن مواقفها واحدة.. العداء لأمريكا. كلمة صحيفة "الخليج" الإماراتية لعدد اليوم السبت 5/أغسطس/2017