دعوة لفرض الضرائب على بعض التجار بالريال السعودي والدولار    افتتاح مشروع 8 قاعات جلسات محاكمة في المجمع القضائي بتعز    اليمنيون يؤكدون .. ثابتون مع غزة ومستعدون لأي تصعيد    الإضراب يلغي 40 % من الرحلات الجوية في جميع مطارات باريس    شيكابالا يودع الملاعب.. والزمالك يعلق الرقم 10    إنزاجي يثبّت التشكيل الأزرق.. وحمد الله بديل ليوناردو    كيف تأسس فلومينينسي.. وما دلالات شعاره وألوانه؟    بيان صادر عن القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة شبوة    ويليامز يوجه ضربة موجعة لبرشلونة    اختيار ذمار ضمن 5عواصم محافظات فيها معاهد مهنية تخصصية    اختتام فعاليات 4 مخيمات طبية بذمار    انتقالي زنجبار ينفذ نزولًا ميدانيًا إلى مستشفى المديرية للاطلاع على الخدمات الطبية    ترتيبات لإنشاء مكتبة رقمية للبردوني بذمار    الجنوب العربي أصل البشرية    احتجاجات شعبية في عدن تنديدا بتردي الأوضاع وانعدام الكهرباء    تحذير أممي من انهيار كارثي للريال في عدن    استقرار أسعار الذهب مستفيدة من قرار خفض الضرائب في الكونغرس    ريال مدريد يتفق على ضم مهاجم مغربي    لوجه الله.. استشعروا المسؤولية ودعوا الأنانية والحساسيات جانبا    أتعرفون لماذا نحن مهزومون؟    تهديد إسرائيلي علني بالاعتداء على مصر بعد إيران!    الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك "أحيا الصلاة" بعد إماتتها وقمع الطاغية الحجاج بن يوسف    معنويات السوق تدفع البيتكوين نحو 110000 دولار    وفاة اللاعب الفلسطيني مهند الليلي في قصف إسرائيلي    تطبيق "تليغرام" يحصل على ميزات جديدة    اكتشاف مذهل في الأهرامات.. نقوش هيروغليفية تُغيّر تاريخ مصر القديمة    الإمام الحسين وثورة كربلاء (1)    وفاة أسترالي نتيجة الإصابة بفيروس خفافيش نادر وغير قابل للعلاج    السقلدي يدعو لاعتصام جماهيري امام بوابة القصر الرئاسي بعدن    تغاريد حرة .. حقبة ملعونة بالغباء والجهل    زيارة لجنة البركاني لابين لفتح طريق ثرة هدفها تسهيل دخول الحوثي والقاعدة وداعش    مايجري في عدن ليس أزمة عابرة بل إنهيار ممنهج وعقوبة جماعية    نادية الهمداني تناشد القضاء ومحافظ صنعاء ضبط متلاعبين بقضيتها    مصافي عدن تكشف عن اعمال صيانة واعادة تشغيل وحدات حيوية ورفع القدرة التخزينية    الأمم المتحدة تعلن عن اتفاق طرفي الصراع في تعز لإدارة منظومات إمدادات المياه    عناقيد العطش… ومآذن الجوع في وطنٍ يُصلب كل يوم    لماذا امتنعت إيران ومحور المقاومة عن قصف مفاعل ديمونة في حين قصفت إسرائيل منشآت نووية إيرانية..؟    ما هي "مهمة الرب" التي قال ترامب إنه مرسل لتنفيذها، وإنه لا يمكن لأحد إيقاف ما هو قادم؟    صرخة في الفضاء الفارغ    عفرا حريري ومها عوض نجمتان في سماء عدن    احتجاز الناشط سند العبسي في ظروف سيئة بصنعاء وشروع في ترحيله إلى تعز    الضالع: وفد من منظمة "سيفيك" الدوليةيزور النقاط الأمنية المؤمّنة لطريق الضالع–صنعاء في منطقة مريس    حكيم العرب "أكثم بن صيفي" يصف رسول الله وهو الرابعة عشر من عمره الشريف    فكري الحبيشي يسدل الستار على 18 عاماً من التألق: مهرجان اعتزال يكرّم أسطورة الهجوم اليمني    الخسارات الضافرة    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة الشيخ صالح عبدالله اليافعي    - خلاف حاد بين الغرفة التجارية ووزارتي الاقتصاد والمالية في صنعاء اقرا السبب    إن لم يُنصَف الأكاديمي والمعلم اليوم، فأي جنوب سنبنيه غداً؟    بندر عدن.. ومآسي الزمن    "النمر" يكشف خطأ شائعًا: خفض الكوليسترول لا يقي من الجلطات والوفيات إلا باتباع طرق مثبتة طبيًا    "ملائكة السيدة ماريا" رواية جديدة ل"عبد الفتاح اسماعيل"    دراسة : ممارسة الرياضة تساهم في التغلب على مرحلة ما قبل السكرى    مونديال الاندية : ريال مدريد يتخطى يوفنتوس الايطالي بصعوبة ويتأهل للدور المقبل    الجوبة وماهلية ورحبة في مأرب تحيي ذكرى الهجرة النبوية    الكثيري يشيد بجهود وزارة الاوقاف والإرشاد في تنظيم موسم الحج ويؤكد أهمية ترشيد الخطاب الدعوي الديني    تصورات خاطئة عن الآيس كريم    استخراج 117 مسمارا من بطن مريض في لحج (صور)    شركة النفط والغاز تنظم فالية بذكرى الهجرة النبوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناورات روسية في سوريا


خيرالله خيرالله
ثمّة ما يجمع بين موقفيْ روسيا من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى. يتمثّل القاسم المشترك بينهما في الابتعاد عن الواقع، إلى أبعد حدود، والسعي إلى خلق عالم خاص بكل منهما.
لا يريد النظام السوري تصديق أن الشعب السوري ضده وأنه صار في مزبلة التاريخ منذ سنوات عدة، وأن سوريا صارت مقسّمة إلى مناطق نفوذ عدة.
ترفض روسيا الاقتناع بأن ليس في استطاعتها إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة التي ساهمت في بنائها في سوريا. لن تستطيع روسيا ذلك لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى أن هذه المؤسسات ارتبطت بنظام غير شرعي قام أساسا على التمييز بين السوريين من منطلق مذهبي وطائفي، وعلى سياسة قائمة على الابتزاز والفساد. منذ متى يصلح الابتزاز والفساد لبناء شرعية أو مؤسسات لدولة عصرية تقيم علاقات سليمة مع محيطها؟
يبدو رهان روسيا على بناء شيء إيجابي انطلاقا مما بقي من مؤسسات الدولة السورية في غير محله. إنه رهان على المستحيل لا يصب سوى في تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ مع بقاء بشار الأسد في دمشق كصورة ليس إلا. ستكون موسكو أسيرة انتظار اليوم الذي تستطيع فيه الحصول على شيء ما في مقابل رأس رئيس النظام السوري الذي لم يعد يوجد من يعتبره حتّى ورقة.
كلّ ما تستطيع روسيا عمله هو التوصل إلى اتفاقات من نوع الذي توصلت إليه في الجنوب السوري بالتفاهم مع أميركا والأردن. لم يكن ممكنا التوصل إلى مثل هذه الاتفاقات من دون موافقة إسرائيل المهتمة قبل غيرها بنوع من التهدئة في تلك المنطقة الحساسة نظرا إلى أن الجولان يشكّل امتدادا لها. كشف الاتفاق عمق العلاقة الروسية – الإسرائيلية بعدما أخذ في الاعتبار أن إسرائيل، ذات الهواجس الكثيرة، لن تقبل بوجود إيراني مباشر أو غير مباشر في المنطقة الممتدة من الجولان إلى دمشق. لا يمكن تجاهل أن المسافة بين خط وقف النار في العام 1967 والعاصمة السورية هو 37 كيلومترا، في حين أن الاتفاق الروسي- الأميركي- الأردني يغطي منطقة تمتد إلى أربعين كيلومترا.
كان مهمّا وضع المملكة العربية السعودية النقاط على الحروف في ما يخص مستقبل بشّار الأسد. مهما حاولت روسيا تعويم النظام السوري، هناك أمر أكيد. لا مكان لبشّار الأسد في سوريا بغض النظر عن الطبيعة التي سيؤول إليها الكيان السياسي الذي اسمه “الجمهورية العربية السورية”.
نسبت إحدى وسائل الإعلام الرسمية الروسية أخيرا كلاما إلى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن قبول المملكة ببقاء بشّار الأسد. استدعى ذلك توضيحا سريعا من الخارجية السعودية شدّد على الموقف الثابت للرياض من رئيس النظام السوري وعلى أن “أيّ مستقبل جديد لسوريا لا مكان فيه لبشّار الأسد”. كلام واضح ونقطة على السطر.
هناك مناورات وبهلوانيات روسية تصبّ في السعي إلى كسب الوقت. ما الذي يمكن أن يؤدي إليه كسب الوقت غير المزيد من التفتيت لسوريا في وقت بات واضحا كلّ الوضوح أن ثمّة حاجة إلى نقلة نوعية في التفكير، في كيفية الوصول إلى حل سياسي يوفق بين طموحات الأطراف المعنية بالأزمة السورية. يظل السؤال في النهاية هل يمكن التوفيق بين الطموحات المختلفة… أم يجب الاكتفاء بمناطق النفوذ القائمة حاليا، وهي مناطق نفوذ روسية وأميركية وإيرانية وتركية وإسرائيلية، فيما يقتصر همّ الأردن على حماية نفسه من إرهاب “داعش” ومن اقتراب “الحرس الثوري” الإيراني وتوابعه من حدوده.
تقوم موسكو بكل المناورات التي تستطيع القيام بها، بما في ذلك الاستعانة بمصر، تلافيا لمواجهة لحظة الحقيقة المتمثلة في أن لا مستقبل لسوريا بوجود النظام القائم. هناك محاولات إيرانية وروسية لإبقاء النظام في غرفة الإنعاش. يمكن فهم ما تقوم به إيران الحريصة على أن تكون سوريا جزءا لا يتجزّأ من مشروعها التوسّعي القائم على ربط طهران ببيروت، مرورا ببغداد ودمشق. ما ليس مفهوما ما تقوم به روسيا التي آن أوان اقتناعها بأنها عاجزة عن لعب دور القوة العظمى، لا في الشرق الأوسط ولا خارج الشرق الأوسط، مهما فعلت من أجل استرضاء إسرائيل وتوفير كلّ الضمانات التي تطلبها.
لعلّ أخطر ما في التصرفات الروسية أنهّا تخدم كلّ ما من شأنه استمرار حال من اللاستقرار في الشرق الأوسط والخليج. إنها تسمح لإيران بالعمل على إيجاد بدائل من إخراجها من الجنوب السوري. ما نشهده اليوم هو سعي إيراني إلى التشبّث بمناطق بديلة من الجنوب السوري، مع تركيز خاص على لبنان وعلى ربط مناطق سورية تحت سيطرتها بأخرى تحت سيطرة “حزب الله” في لبنان. ليست الصفقة التي تمت بين “حزب الله” و“جبهة النصرة” في جرود عرسال سوى فصل آخر من فصول اللعبة الإيرانية التي سيتقرر مصيرها في النهاية في منطقة الحدود العراقية – السورية. حان الوقت لأن تتصرّف روسيا بطريقة منطقية في سوريا. يفترض فيها أن تتذكّر أن حجم اقتصادها يقل عن حجم اقتصاد دولة مثل كوريا الجنوبية، وهو أقل بكثير من حجم اقتصاد إيطاليا أو فرنسا أو ألمانيا التي يبلغ حجم اقتصادها ثلاث مرات حجم الاقتصاد الروسي.
لن يكون في استطاعة دولة تعاني من كلّ ما تعاني منه روسيا التصرف كقوة عظمى في المدى الطويل. لو كان ذلك ممكنا لما انهار الاتحاد السوفياتي. هناك خدمة وحيدة يمكن لروسيا تقديمها للسوريين في حال كانت تريد فعلا مصلحتهم. بدل الرهان على صفقة ما مع الولايات المتحدة، حيث إدارة مازالت قيد التشكيل، وعلى الوقت الذي لا يخدم سوى المشروع التوسّعي الإيراني الذي يؤذي بلدا مثل لبنان، لماذا لا تحاول اللجوء إلى المنطق؟
المنطق يقول إن أي محاولة لإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية لن يكتب لها النجاح ما دام بشار الأسد لا يزال في دمشق. تحتاج سوريا أول ما تحتاج إلى رجال جدد يأخذون في الاعتبار تركيبة سوريا وطبيعة شعبها والعوامل الجديدة التي طرأت أخيرا، بما في ذلك الوجود العسكري الأميركي في المناطق التي تحوي ثروات البلد (الأراضي الزراعية والغاز والمياه) وبروز دور الأكراد وتطلعاتهم وكلام تركيا عن أنها تسيطر على ألفي كيلومتر مربع من الأراضي السورية.
ليست السياسة الروسية في سوريا من النوع القابل للحياة. مرد ذلك أنه ليس لدى روسيا أي اقتراح بناء تقدمه باستثناء استرضاء إسرائيل وإيران في الوقت ذاته، والسعي إلى صفقة مع الولايات المتحدة تشمل أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
من الآن إلى أن تتبلور معالم مثل هذه الصفقة ستزداد الأوضاع السورية تعقيدا. الثابت الوحيد أن لا مكان لبشّار الأسد في أي حلّ أو تسوية مهما ضعفت المعارضة السورية ومهما تشرذمت. مثل هذا التمسّك برجل مسؤول عن مقتل ما يزيد على نصف مليون سوري هو مثل الرهان السوفياتي الذي كان قائما على إمكان نجاح حزب شيوعي في حكم بلد يقوم على القبلية والعشائرية مثل ذلك الذي كان اسمه “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”.
سيفشل الرهان الروسي في سوريا مثلما فشل الرهان السوفياتي في اليمن الجنوبي وفي غير اليمن الجنوبي في الماضي. هناك في موسكو من لا يريد أن يتعلّم ويعتقد أن تكرار الخطأ فضيلة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.