مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مايكل نايتس يكشف ل«العين الإخبارية».. كيف دحرت الإمارات «القاعدة» باليمن؟    تتويج الهلال "التاريخي" يزين حصاد جولة الدوري السعودي    مقتل "باتيس" في منطقة سيطرة قوات أبوعوجا بوادي حضرموت    جدول مباريات وترتيب إنتر ميامي في الدوري الأمريكي 2024 والقنوات الناقلة    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    نادي الخريجين الحوثي يجبر الطلاب على التعهدات والإلتزام بسبعة بنود مجحفة (وثيقة )    لو كان معه رجال!    ميليشيا الحوثي تجبر أعضاء هيئة التدريس وموظفي جامعة صنعاء بتسجيل أبنائهم بالمراكز الصيفية    أبناء القبطية ينفذون احتجاج مسلح أمام وزارة الداخلية الحوثية للمطالبة بضبط قتلة احد ابنائهم    الحوثيون يسمحون لمصارف موقوفة بصنعاء بالعودة للعمل مجددا    الدوري الايطالي ... ميلان يتخطى كالياري    مفاجأة وشفافية..!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    كوابيس أخته الصغيرة كشفت جريمته بالضالع ...رجل يعدم إبنه فوق قبر والدته بعد قيام الأخير بقتلها (صورة)    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    احتكار وعبث حوثي بعمليات النقل البري في اليمن    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناورات روسية في سوريا


خيرالله خيرالله
ثمّة ما يجمع بين موقفيْ روسيا من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى. يتمثّل القاسم المشترك بينهما في الابتعاد عن الواقع، إلى أبعد حدود، والسعي إلى خلق عالم خاص بكل منهما.
لا يريد النظام السوري تصديق أن الشعب السوري ضده وأنه صار في مزبلة التاريخ منذ سنوات عدة، وأن سوريا صارت مقسّمة إلى مناطق نفوذ عدة.
ترفض روسيا الاقتناع بأن ليس في استطاعتها إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة التي ساهمت في بنائها في سوريا. لن تستطيع روسيا ذلك لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى أن هذه المؤسسات ارتبطت بنظام غير شرعي قام أساسا على التمييز بين السوريين من منطلق مذهبي وطائفي، وعلى سياسة قائمة على الابتزاز والفساد. منذ متى يصلح الابتزاز والفساد لبناء شرعية أو مؤسسات لدولة عصرية تقيم علاقات سليمة مع محيطها؟
يبدو رهان روسيا على بناء شيء إيجابي انطلاقا مما بقي من مؤسسات الدولة السورية في غير محله. إنه رهان على المستحيل لا يصب سوى في تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ مع بقاء بشار الأسد في دمشق كصورة ليس إلا. ستكون موسكو أسيرة انتظار اليوم الذي تستطيع فيه الحصول على شيء ما في مقابل رأس رئيس النظام السوري الذي لم يعد يوجد من يعتبره حتّى ورقة.
كلّ ما تستطيع روسيا عمله هو التوصل إلى اتفاقات من نوع الذي توصلت إليه في الجنوب السوري بالتفاهم مع أميركا والأردن. لم يكن ممكنا التوصل إلى مثل هذه الاتفاقات من دون موافقة إسرائيل المهتمة قبل غيرها بنوع من التهدئة في تلك المنطقة الحساسة نظرا إلى أن الجولان يشكّل امتدادا لها. كشف الاتفاق عمق العلاقة الروسية – الإسرائيلية بعدما أخذ في الاعتبار أن إسرائيل، ذات الهواجس الكثيرة، لن تقبل بوجود إيراني مباشر أو غير مباشر في المنطقة الممتدة من الجولان إلى دمشق. لا يمكن تجاهل أن المسافة بين خط وقف النار في العام 1967 والعاصمة السورية هو 37 كيلومترا، في حين أن الاتفاق الروسي- الأميركي- الأردني يغطي منطقة تمتد إلى أربعين كيلومترا.
كان مهمّا وضع المملكة العربية السعودية النقاط على الحروف في ما يخص مستقبل بشّار الأسد. مهما حاولت روسيا تعويم النظام السوري، هناك أمر أكيد. لا مكان لبشّار الأسد في سوريا بغض النظر عن الطبيعة التي سيؤول إليها الكيان السياسي الذي اسمه “الجمهورية العربية السورية”.
نسبت إحدى وسائل الإعلام الرسمية الروسية أخيرا كلاما إلى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن قبول المملكة ببقاء بشّار الأسد. استدعى ذلك توضيحا سريعا من الخارجية السعودية شدّد على الموقف الثابت للرياض من رئيس النظام السوري وعلى أن “أيّ مستقبل جديد لسوريا لا مكان فيه لبشّار الأسد”. كلام واضح ونقطة على السطر.
هناك مناورات وبهلوانيات روسية تصبّ في السعي إلى كسب الوقت. ما الذي يمكن أن يؤدي إليه كسب الوقت غير المزيد من التفتيت لسوريا في وقت بات واضحا كلّ الوضوح أن ثمّة حاجة إلى نقلة نوعية في التفكير، في كيفية الوصول إلى حل سياسي يوفق بين طموحات الأطراف المعنية بالأزمة السورية. يظل السؤال في النهاية هل يمكن التوفيق بين الطموحات المختلفة… أم يجب الاكتفاء بمناطق النفوذ القائمة حاليا، وهي مناطق نفوذ روسية وأميركية وإيرانية وتركية وإسرائيلية، فيما يقتصر همّ الأردن على حماية نفسه من إرهاب “داعش” ومن اقتراب “الحرس الثوري” الإيراني وتوابعه من حدوده.
تقوم موسكو بكل المناورات التي تستطيع القيام بها، بما في ذلك الاستعانة بمصر، تلافيا لمواجهة لحظة الحقيقة المتمثلة في أن لا مستقبل لسوريا بوجود النظام القائم. هناك محاولات إيرانية وروسية لإبقاء النظام في غرفة الإنعاش. يمكن فهم ما تقوم به إيران الحريصة على أن تكون سوريا جزءا لا يتجزّأ من مشروعها التوسّعي القائم على ربط طهران ببيروت، مرورا ببغداد ودمشق. ما ليس مفهوما ما تقوم به روسيا التي آن أوان اقتناعها بأنها عاجزة عن لعب دور القوة العظمى، لا في الشرق الأوسط ولا خارج الشرق الأوسط، مهما فعلت من أجل استرضاء إسرائيل وتوفير كلّ الضمانات التي تطلبها.
لعلّ أخطر ما في التصرفات الروسية أنهّا تخدم كلّ ما من شأنه استمرار حال من اللاستقرار في الشرق الأوسط والخليج. إنها تسمح لإيران بالعمل على إيجاد بدائل من إخراجها من الجنوب السوري. ما نشهده اليوم هو سعي إيراني إلى التشبّث بمناطق بديلة من الجنوب السوري، مع تركيز خاص على لبنان وعلى ربط مناطق سورية تحت سيطرتها بأخرى تحت سيطرة “حزب الله” في لبنان. ليست الصفقة التي تمت بين “حزب الله” و“جبهة النصرة” في جرود عرسال سوى فصل آخر من فصول اللعبة الإيرانية التي سيتقرر مصيرها في النهاية في منطقة الحدود العراقية – السورية. حان الوقت لأن تتصرّف روسيا بطريقة منطقية في سوريا. يفترض فيها أن تتذكّر أن حجم اقتصادها يقل عن حجم اقتصاد دولة مثل كوريا الجنوبية، وهو أقل بكثير من حجم اقتصاد إيطاليا أو فرنسا أو ألمانيا التي يبلغ حجم اقتصادها ثلاث مرات حجم الاقتصاد الروسي.
لن يكون في استطاعة دولة تعاني من كلّ ما تعاني منه روسيا التصرف كقوة عظمى في المدى الطويل. لو كان ذلك ممكنا لما انهار الاتحاد السوفياتي. هناك خدمة وحيدة يمكن لروسيا تقديمها للسوريين في حال كانت تريد فعلا مصلحتهم. بدل الرهان على صفقة ما مع الولايات المتحدة، حيث إدارة مازالت قيد التشكيل، وعلى الوقت الذي لا يخدم سوى المشروع التوسّعي الإيراني الذي يؤذي بلدا مثل لبنان، لماذا لا تحاول اللجوء إلى المنطق؟
المنطق يقول إن أي محاولة لإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية لن يكتب لها النجاح ما دام بشار الأسد لا يزال في دمشق. تحتاج سوريا أول ما تحتاج إلى رجال جدد يأخذون في الاعتبار تركيبة سوريا وطبيعة شعبها والعوامل الجديدة التي طرأت أخيرا، بما في ذلك الوجود العسكري الأميركي في المناطق التي تحوي ثروات البلد (الأراضي الزراعية والغاز والمياه) وبروز دور الأكراد وتطلعاتهم وكلام تركيا عن أنها تسيطر على ألفي كيلومتر مربع من الأراضي السورية.
ليست السياسة الروسية في سوريا من النوع القابل للحياة. مرد ذلك أنه ليس لدى روسيا أي اقتراح بناء تقدمه باستثناء استرضاء إسرائيل وإيران في الوقت ذاته، والسعي إلى صفقة مع الولايات المتحدة تشمل أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
من الآن إلى أن تتبلور معالم مثل هذه الصفقة ستزداد الأوضاع السورية تعقيدا. الثابت الوحيد أن لا مكان لبشّار الأسد في أي حلّ أو تسوية مهما ضعفت المعارضة السورية ومهما تشرذمت. مثل هذا التمسّك برجل مسؤول عن مقتل ما يزيد على نصف مليون سوري هو مثل الرهان السوفياتي الذي كان قائما على إمكان نجاح حزب شيوعي في حكم بلد يقوم على القبلية والعشائرية مثل ذلك الذي كان اسمه “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”.
سيفشل الرهان الروسي في سوريا مثلما فشل الرهان السوفياتي في اليمن الجنوبي وفي غير اليمن الجنوبي في الماضي. هناك في موسكو من لا يريد أن يتعلّم ويعتقد أن تكرار الخطأ فضيلة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.