للعام الثالث على التوالي، يستقبل اليمنيون عيد الفطر المبارك في ظل الحرب المستمرة، وتداعياتها على الجوانب الانسانية والاقتصادية والاجتماعية، لتطل عليهم هذه المناسبات ككابوس يعمق من جراحهم، واضيف لها هذا العام انقطاع مرتبات نحو مليون موظف حكومي يعيلون حوالي 8 ملايين نسمة وللشهر التاسع على التوالي. وفيما يستمر مسلسل القتل والتصعيد في الجبهات، والازمات المتوالدة التي تعصف باليمنيين سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية او المليشيات الانقلابية، يتسابق امراء الحرب بهذه المناسبة مثل غيرها على اغراق شعبهم بسيل من برقيات التهاني بالعيد السعيد الذي لا يوجد الا في مخيلتهم، كونهم بعيدين عن نيران الحرب وسعيرها. وباتت برقيات التهاني التي تنهال على من يسموهم "الشعب اليمني العظيم" من قيادات الحكومة الشرعية والمليشيا الانقلابية بمثابة "نكتة سامجة" ومجال للتندر بين المواطنين، الذين يعود عليهم العيد وهم في حالة يرثى لها من شظف العيش والفاقة، وصلت الى مستويات لن يحس بها اولئك القابعون في الابراج العاجية من طرفي الصراع وبايديهم ايقاف الحرب. وكالعادة، امطر وابل التهاني الشعب اليمني بمناسبة عيد الفطر، من قيادات الحكومة الشرعية، رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء، بجانب تبادل التهاني الاعلامية بينهم البين، ولم تفوت قيادات الانقلاب هي بدورها ذلك، ونشرت برقيات تهاني بالجملة من رئيس الجمهورية الاسبق علي عبدالله صالح وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، ورئيس ما يسمى المجلس السياسي الاعلى، ورئيس البرلمان، ورئيس حكومة الانقلاب، يضاف لها كما اسلافهم في حكومة الشرعية تبادل التهاني الاعلامية فيما بينهم. التهاني بكلماتها المطاطة، لم تتضمن لفتة انسانية لما يعيشه الشعب اليمني المطحون برحى الحرب من معاناة فاقت كل التصورات، وغابت عنها أي مبادرة حسن من طرفي الصراع لايقاف الحرب، وقد وصل اليمنيين الى مرحلة المجاعة وتفشي وباء الكوليرا. كل ما يحيط باليمنيين في عيد الفطر هو الموت، وان تعددت اسبابه ووسائله لكن النهاية واحدة، فمن ينجو من نيران الحرب، ينتظره الوباء، او الجوع، وحتى الموت قهرا بالانتحار، وقد بلغ بهم العجز عدم القدرة على تلبية احتياجات اطفالهم ليس من ملابس العيد، فتلك رفاهية لم تعد في خاطرهم، بل في ما يسد رمقهم من القوت الضروري.