قالت صحيفة "الخليج " الإماراتية أن التدخل التركي في المسألة القطرية واحدة من المفارقات الصارخة في الأزمة الحاضرة، وها هي تركيا أردوغان تبذل محاولاتها المستميتة نحو إعادة مجد العثمانيين القدامى، ضاربة بكل التقاليد والأعراف السياسية عرض الحائط، فأي دور تريد أن تلعبه تركيا بعد أن لعبت ولعبت حتى شبعت؟ هل يمكن اعتبار أنقرة محل ثقة، بعد كل الذي حدث والذي يحدث؟ كيف يفهم أردوغان توازنات ومحاور المنطقة والإقليم؟ وما الذي تريده تركيا بالضبط؟ وأشارت الصحيفة في افتتاحية عددها الصادر اليوم الثلاثاء تحت عنوان ( تركياوقطر.. هل يكون الطرف وسيطاً؟) إلى البحث عن دور تماماً كربيبتها قطر، وحديث البحث التركي عن دور في المسألة القطرية الراهنة تتقدمه ملاحظات عدة: أولاً - بالرغم من الاختلاف في نظامي الحليفين في الظاهر، فإن الانسجام بينهما، في الأدبيات والتوجهات، بل الممارسات، يطغى على اختلاف السطح. الانتهازية، مثلاً، حاكمة في الحالتين. ثانياً - أساس المسألة القطرية اتهام قطر بدعم التطرف والإرهاب، وفي هذا يشترك الطرفان ويتشاركان، ومعلوم بالأدلة القاطعة، وبالصوت والصورة، تورط أنقرة المعلن في إيواء إرهابيين وانقلابيين محكومين من قبل دول المقاطعة، ومطلوبين من قبل الجهات القضائية والأمنية في هذه الدول، ومنهم من طردته قطر ضمن تمثيلية العام 2014، بين اتفاق الرياض التكميلي، وقمة الدوحة، ثم اتفقت مع تركيا على إيوائه بتمويل ودعم قطريين، من أمثال وجدي غنيم، المصنف إرهابياً ضمن قائمة ال 59، والمحكوم بالإعدام في مصر، والمؤيد علناً، بالصوت والصورة، لجرائم تنظيم «داعش» الإرهابي، بما فيها جريمة حرق الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة، وذبح 21 قبطياً في ليبيا، وكذلك من أمثال الإماراتي حسن الدقي، المصنف إرهابياً ضمن القائمة ذاتها، والمدان في غير قضية دولة في الإمارات. ثالثاً - تشترك تركيا وتابعتها قطر في داء التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول، ومن ذلك التدخل في الشأنين العراقي والسوري، والتدخل المدوي الذي يشبه الفضيحة في الشأن المصري، حيث لا يعترف الطرفان، اللذان هما طرف واحد في واقع الأمر، بالتغيير المصري التاريخي المترتب على ثورة شعب مصر الكريم، علماً بأن الموقف من مصر وأمنها واستقرارها واحد من الأسس الرئيسية لحلف الدول الأربع ضد حلف الشر والإرهاب. رابعاً - دخلت تركيا على خط المسألة القطرية بطريقة استفزازية غير مقبولة، وفي ذلك تحدٍ واضح لأمل شعوب المنطقة في إصلاح ذات البين من داخل البيت الخليجي، وفي ثالث أيام الأزمة، كانت الدبابات التركية في قلب قطر والخليج. خامساً - ادعت تركيا الحياد، بالرغم من ذلك كله، وكأنها تفترض في شعوب المنطقة عدم الوعي والفطنة، لأنها حليفة قطر في الأزمة ومن قبل ومن بعد، وكان الإعلام القطري الذي يعتبر الأشقاء والجيران، ويا للمفارقة، أعداء، ينعت تركيا ب «الشقيقة». سادساً - جاء هذا الحلف المشبوه الجديد، الذي جسدت إيران، بكل أطماعها، بمعنى من المعاني، ضلع مثلثه الثالث، شاء من شاء وأبى من أبى، في مواجهة الحلف الإقليمي الطبيعي متمثلاً في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والحلف العربي القومي الطبيعي متمثلاً خصوصاً في التحالف العربي من أجل استعادة الشرعية في اليمن، وفي الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب، وقبل ذلك في منظومة جامعة الدول العربية الجامعة. بعد هذه النقاط تساءلت صحيفة "الخليج" : "فهل يكون الطرف وسيطاً؟ هل يكون لتركيا، إزاء ذلك كله، وفي ضوئه، دور؟ " وأضافت :"ليس مطلوباً من تركيا إلا أن تبتعد عن المسألة القطرية وأن تلتزم الحياد، مع التأكيد على أنها غير مؤهلة لأية وساطة، ومع التأكيد على أن مصالح تركيا وشعبها إنما في تبادل تجاري يتجاوز 12 مليار دولار مع كل من السعودية والإمارات، فيما لا يتجاوز 700 مليون دولار مع قطر، فهل يطغى التزام الإسلام السياسي على التزام مصالح الشعوب؟" واختتمت "الخليج " افتتاحية عددها اليوم بالقول : "وأخيراً، لم تتدخل دولة الإمارات يوماً في الشأن التركي. يقال هذا لمن يعلقون «فزاعة» دعم الإمارات لانقلاب تركيا، ولمن أطلقوا الإشاعة الرخيصة ثم صدقوها، ومن جهة ثانية، لا تحتاج قطر حماية الدبابات التركية، فقد أعلنت شقيقاتها أن التصعيد العسكري غير وارد أبداً، وأن الحل إنما في الرياض."