تفاصيل: تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل قائد قوات التحالف بوادي حضرموت العتيبي (وثيقة)    وقفة طلابية في مديرية الصافية تنديداً بالإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    ناطق الإصلاح: استهداف مقر الإصلاح هو استهداف للمجتمع ككل ويجب إدانته بوضوح    إقامة ثلاثة مخيمات طبية خيرية مجانية في الحديدة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي الثامن للمركز العسكري للقلب    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويلات مالية    البيان الختامي لمهرجان المديريات الشرقية لمحافظة شبوة    انفجار حزام ناسف لأحد المجاهدين لحظة خروجه من مقر الإصلاح في تعز    وقفتان في الصليف والزيدية تنديدًا بالإساءات الأمريكية الصهيونية لكتاب الله    استشهاد قيادي إصلاحي وإصابة آخر بالتفجير الإرهابي الذي استهداف مقر الإصلاح في تعز    محافظ حضرموت يطالب بخروج قوات الانتقالي وتسليم المحافظة للأجهزة الأمنية    المؤتمر الشعبي يدين الإساءات للقرآن وينتخب بن حبتور نائباً    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    الأرصاد: طقس بارد إلى بارد نسبيًا على المرتفعات    سلطات مدينة تعز تفكك مخيمات الاعتصام بالقوة    الإيطالي الذي أحب المكلا واعتنق الإسلام فيها    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري حسين عبده الحداد    المحافظ لملس يعزّي الصحفي صلاح السقلدي في وفاة والدته    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    من بنى الأهرامات؟ عالم آثار مصري يشتبك مع عالم زلازل هولندي    مبارزو الأمانة يحصدون ذهب بطولة منتخبات المحافظات وصنعاء وصيفا وتعز ثالثًا    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    بعد أن أُوصِدت في وجهه أبواب الإنصاف.. رجل أعمال يقرّر الرحيل إلى مرّان بصعدة    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    الصحفي والمقدم الإذاعي المتميز محمد السامعي    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    أيها المؤرخ العلم: ما نسيناك !    الرئيس المشاط يعزّي الشيخ عبدالله الرزامي في وفاة أخته    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    تفقد سير أعمال الترميم في جامع الجند التاريخي    ضبط زعيمة تهريب في المياه الاقليمية بقطاع خليج عدن    الرئيس الزُبيدي يزور وزارة المياه والبيئة ويطّلع على المشاريع المنفذة لتعزيز الموارد المائية    الخراز يكشف عن اختلاس مليشيا الحوثي ل 7 مليون دولار من التمويلات الدولية لليمن    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    اليابان تقدم حزمة مساعدات إنسانية جديدة لليمن بقيمة 13.8 مليون دولار    أزمات خانقة تضرب المحافظات المحتلة: الغاز والوقود والرغيف تتزامن وسط انهيار الخدمات    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير محبوب علي    إنشاء أكبر بحيرة مائية في أمانة العاصمة    اوفالي تتوج بجائزة فيفا مارتا 2025 لأجمل هدف في كرة القدم النسائية    دوناروما الأفضل في العالم: جائزة تاريخية لحارس إيطاليا في 2025    هامبتون تتوج بجائزة فيفا لافضل حارسة مرمى في العالم 2025    صباح المسيح الدجال:    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    مرض الفشل الكلوي (32)    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريطاني متطوع يروي قصته مع تجربة علاج أوكسفورد المصنع حديثا لكورونا
نشر في المشهد اليمني يوم 05 - 06 - 2020

تتنافس جامعة أكسفورد، وكليّة لندن الملكيّة Imperial College London على التوصّل إلى لقاح لفيروس كورونا. وبدأت في 23 أبريل (نيسان) الماضي التجارب الأوروبيّة الأولى على البشر في مختبر بأكسفورد. وتقدّم نحو 800 شخص للمشاركة في التجارب. والآن ثمّة حاجة إضافيّة ل 10 آلاف متطوّع في مختلف أنحاء إنجلترا وويلز واسكتلندا. جاك سامرس هو واحد من أوائل مَن تلقّوا إبرة اللقاح خلال تجربة أكسفورد قبل ثلاثة أسابيع.
مرّ شهرٌ على تسجيلي اسمي في لائحة طلب المشاركة في تجارب لقاح فيروس كورونا. تلقّيت ما مجموعه 235 جنيهاً إسترلينيّاً مقابل خمس زيارات للمستشفى وتلقي عدد من حقن تُوخز في ذراعي، أو اختصاراً، كي أستخدم كخنزير بشريّ للتجارب. حصل كلّ ذلك على أمل أن أساعد في تطوير لقاح كوفيد 19 الذي كثر النقاش حوله.
ولم يجر الحديث عن أيّ مُنقذ محتملٍ لنا أكثر من الحديث عن تجارب لقاح جامعة أكسفورد، الذي يمثّل واحداً من لقاحات عديدة يجري تطويرها حول العالم. وذُكر هذا اللقاح مراراً باعتباره أكثر أمل واعد بإعادتنا إلى حيواتنا السابقة قبل كوفيد 19. كما أنّ الحكومة البريطانيّة جادة في استثمارها فيه، إذ وعدت بتقديم دعم إجماليّ مقداره 43 مليون جنيه إسترليني للمختبرات البريطانيّة التي تقوم بإجراء تجارب بشريّة.
وجرت الشهر الفائت في المملكة المتّحدة المرحلة الأولى من التجارب التي كنت جزءاً منها. والآن هم يقومون بتمديدها للطلب من عشرات ألوف البريطانيين، في مختلف أنحاء البلاد للمشاركة، ووضع أنفسهم خلال الأسابيع القادمة في الموقع ذاته الذي وضعت نفسي فيه.
وإذا قمت بتسجيل اسمك في لائحة طلب المشاركة، فعليك الاستعداد لعمليّة هي أكثر بساطة ممّا يمكن أن تتوقّعه. تضمّ تجربة اللقاح الكثير من المعاملات الإداريّة، كأن تسجّل حساباً مصرفيًّا، لكن بعض الذعر من تلقّي وخزات إبر اللقاح خلال فترة عطلتك يبقى ماثلاً. وتتقدّم بالطلب عبر استمارة على الإنترنت، وسيطرح عليك كلّ ما تتصوره من أسئلة عن تاريخك وتاريخ عائلتك الصحّي. وحين الموافقة على الطلب تجري دعوتك إلى المستشفى.
وجاءت زيارتي الأولى إلى مستشفى سانت جورج في جنوب لندن بعد أن حجرت نفسي في شقّتي لمدّة شهرين. وأعيش بمفردي، وأنا في الآونة الأخيرة عاطل عن العمل. وجدت نفسي في غرفة انتظار محاطًا بأشخاص آخرين افترضت أنّهم هناك للسبب ذاته (المشاركون المختلفون الوحيدون في التجارب بحسب علمي هم ثلاثة من قرود المكاك). وعلى الرغم من رابط المشاركة في التجربة الذي يجمعنا، فإن الجوّ الغريب في غرفة الجراحة تلك افترض إمساكنا.
وفي الزيارة الأولى يطلب من المرء تقديم عيّنات من البول والدم، وتعبئة نماذج ورقيّة، ومشاهدة فيديو يُعلمه أن ما يتوقّعونه من تأثيرات جانبيّة عليه لا يربو عن كونه تأثيرات طفيفة. ثم يغادر إلى البيت كي ينتظر الضوء الأخضر عندما يجري التحقّق من مختلف الأمور.
في تلك الأثناء استعد لسيل أسئلة لا ينتهي من أصدقائك وعائلتك، من بينها أسئلة ومغالطات عديدة تفترض تعريضك لفيروس كورونا كجزءٍ من التجارب. هذا لن يحصل. كما أننّي سرعان ما تلقيت فيضاً من التمنيات بالسلامة (وبعض سيناريوهات منظّري المؤامرة عبر الإنترنت).
و بعد يومين من زيارتي الأولى للمستشفى كتبت رسالة متابعة إلكترونيّة محمومة، سائلًا فيها عن سبب عدم اتصالهم بي بعد، كي أعود وأتلقّى الحقنة. الجواب جاء ببساطة "تريّث قليلًا وانتظر". وذاك مثّل اللحظة التي بدأت أشعر فيها بالتوتّر لأوّل مرّة.
ثم جرى الاتصال بي وعدت إلى المستشفى. وعلى الرغم من القلق الذي اعتراني، فإنّ ذلك كان أكثر مكان أقرب إلى مقر عمل اعتياديّ ارتدته منذ أسابيع. والأمر جاء كتذكير مُربِك بالحياة قبل الحجر (على الرغم من الأجواء المعقّمة). لكن موجة الحنين سرعان ما تبددت ما أن بدأت إحدى الممرضات في الحديث عن لقاحات أعطيت لقرود ريسوس المكاك. وحَييت تضحيات تلك القرود في سبيل العلم، غير أنّ صورة "خنزير الاختبار" المطمئنة في رأسي إذ ذاك كانت قد مضت وتبدّدت.
ورحت أستعيد التفكير ببعض الرسائل التي وردتني من أناس محتجبين، منهم امرأة تعاني من تصلّبات مشتركة في الشرايين. قالت لي تلك المرأة "أنت تقوم بشيء يمكنه مساعدة ملايين البشر". وذاك مدّني بالشجاعة، أنا الرجل البالغ الذي لا يحب وخز الإبر ويحجب وجهه بيده عندما يشاهد فيلماً من أفلام الرعب. والحقنة بحدّ ذاتها – الجرعة الوحيدة التي تتلقّاها – جاءت بلا ألم. ثم أعطِيت ميزان حرارة وطلب منّي تسجيل العوارض التي أشعر بها يوميًّا عبر مفكّرة إلكترونيّة على الإنترنت.
الأثر الجانبي الأكبر بالنسبة لي، كما بدا، كان الارتياب. ولا أعرف إن كنت من ضمن ال 50 في المئة ممن أُعطوا اللقاح الحقيقي أو من ال 50 في المئة الذين اُخضِعوا للمراقبة، لكنّي في الأسبوع الأوّل ذهبت للسرير مرّتين بعوارض حرارة طفيفة، التي (بحسب ما أذكر) كانت ربّما من بنات خيالي."درجة حرارة مرتفعة وعطاس"، كتبت في المساحة المخصّصة ضمن المفكّرة الإلكترونيّة على الإنترنت في اليوم الثالث، وذلك بنبرة تسليم قدريّة تخطر لك وأنت تبعث برقيّة تفيد باصطدام التايتانيك في جبل الجليد.
فحص حرارتي في ذلك اليوم جاء طبيعيًّا تمامًا، 36،5 درجة مئويّة، وجاءت مرويتي عن نفسي كما دائماً مخالفة للواقع بعض الشيء. ومع مرور الأسابيع لم أشهد أيّ عوارض إضافيّة. لا بل إن انشغالي غدا بمدى نجاح التجارب. ولم أكن لأهتمّ بمن سيحقّق النجاح قبل الآخر، الكليّة الملكيّة، أم أكسفورد، لكن كلّ فاصلة أخبار حسنة كانت ترد عن "لقاحي" أخذت تدفعني للهتاف والنفخ في بوق تحية لجامعة أكسفورد من النافذة. ثمّ ما لبث أن جاء خبر إصابة جميع القرود التي حقنت باللقاح بفيروس كورونا. فحلّت بي الفاجعة.
وأنا لحسن الحظ لن أُحمل (إراديًّا) على مواجهة الفيروس بذات الطريقة تلك، لكنّي أودّ إخبار أحفادي بأنّي اختبرت اللقاح الذي انتشل البشريّة، وليس واحداً من تلك اللقاحات الكثيرة المنسيّة التي باءت بالفشل.
أستعيد ذلك الآن، فأرى أنّني على نحو خاطئ اعتبرت نفسي البطل الذي ينبغي أن يحظى بالقصّة الأمثل، وبالتأثيرات الجانبيّة التي هي أكثر مأساويّة. لكن في النهاية بدأت أقدر أن كثيراً من التجارب سيحصل، ومزيدًا من آلاف المتطوّعين سيشاركون بتجارب أكسفورد لوحدها. وفي الأسبوع القادم سأكون في المستشفى مرّة أخرى لإجراء فحوصات المتابعة، ذلك بالتزامن مع وصول أحدث المتطوّعين لتلقّي جرعاتهم الأولى. الفشل والتعلّم هما ركن عمل العلماء الذين ينجحون في النهاية. وحتّى لو لم يكتب للقاحي النجاح، فإنّي لن أندم يوماً على كوني واحدٍ من الأولِ الذين تقدّموا وسجلوا أسماءهم في اللائحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.