كان عاقلاً مع الوحدة.. ثم أصبح مجنوناً مع الإنفصال    الأزمة تخنق الجنوبيين... صرخة النقيب إلى من بيدهم القرار    فضيحة مدوية : حسابات الدعارة على إكس.. أرباح بالملايين تحت إدارة استخبارات الحوثيين    منتخب اليمن للناشئين يكتفي بعشرة أهداف في شباك غوام ويواصل سعيه نحو الصدارة    الأمن في عدن ينجح في استعادة حقيبة تحتوي على وثائق هامة خلال ساعات من سرقتها    الضالع تستعد لأول مشاركة في مهرجان التراث الدولي    ميسي يحطم رقم قياسي جديد    نجاة محافظ تعز وقائد محور طور الباحة من كمين مسلح في سائلة المقاطرة بلحج    مصادر حكومية: انفراج مرتقب في صرف المرتبات وتحولات اقتصادية تعزز فرص الاستقرار    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    قبائل الخبت في المحويت تُعلن النفير العام لمواجهة العدو وأدواته    شبوة برس تنشر صور تظهر لقاء صلاح باتيس بالمرشد للإخوان محمد بديع (صور)    إعلان سياحي نادر يعيد بريق عدن كمدينة عالمية    صعدة: العدو السعودي يقصف قرى سكنية في مديرية رازح الحدودية    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    الأرصاد يحذر من رماد بركاني واسع الانتشار وأجواء باردة في عدة محافظات    بن بريك يعلن إجراءات تقشفية تشمل تقييد سفر الوزراء والمسؤولين للخارج    المحامي رالف شربل يقود ديكيمبي ديكسون لانتصار ضد ثالث كأس العالم    لقاح وقائي لسرطان الرئة يدخل التجارب السريرية    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    آخر حروب الإخوان    أرسنال يضرب توتنام.. وفيلا يعاقب ليدز    لايبزيج يقفز إلى «الثاني» بثنائية بريمن    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    ريال مدريد يقع في فخ إلتشي    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    لا خوف منها: سحابة رماد بركان أثيوبيا سيزول أثرها صباح اليوم    عبدالله العليمي والإصلاح بعد قرار ترامب.. الرئاسي والشرعية في مهب الريح    الإخوان وحملات التحريض الممنهجة ضد الإمارات    وزير الخدمة المدنية يؤكد أهمية ربط مسار التدريب بالمسار العملي في وحدات الخدمة العامة    وزارة الزراعة تؤكد استمرار قرار منع استيراد الزبيب الخارجي    الصحفي الراحل الفقيد الدكتور خالد الصوفي    إعدام الأسرى جريمة حرب    الدوري الايطالي: ميلان يحسم الديربي ضد الانتر لصالحه    إيران: مستعدون للرد على التهديدات    في حفل تكريم المتفوقين من أبناء الشهداء بالمسابقة الثقافية المنهجية بصنعاء: الوزير الصعدي: ماضون على خطى الشهداء في إطار الاهتمام بالعلم والمعرفة    تدشين مخيم طبي مجاني لأسر الشهداء في بني حشيش    نائب وزير الشباب يكرم طالبات مركز الشباب للتدريب والتنمية    أزمة وقود خانقة تدفع محافظة المهرة نحو كارثة إنسانية    الشهيد العميد العصري .. شجاعة وإقدام    (وَمَكرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ) .. عملية أمنية اتسق فيها التخطيط مع التنفيذ    قراءة تحليلية لنص "أم شريف" ل"أحمد سيف حاشد"    تقرير دولي: توسع إماراتي لشبكة قواعد عسكرية حول البحر الأحمر وخليج عدن    يوم كانت المائة الشلن أهم من الوزير    اختتام الدورة الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي في المصانع الدوائية    الربيزي يعزّي مدير عام مكتب الصحة والسكان في لحج بوفاة والده    استئناف إصدار وتجديد الجوازات بتعز    صنعاء.. الحكم بالإعدام على قاتل فتاة الفليحي    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    برنامج الأغذية يقلّص مستفيدي المساعدات الانسانية في مناطق الحكومة    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريطاني متطوع يروي قصته مع تجربة علاج أوكسفورد المصنع حديثا لكورونا
نشر في المشهد اليمني يوم 05 - 06 - 2020

تتنافس جامعة أكسفورد، وكليّة لندن الملكيّة Imperial College London على التوصّل إلى لقاح لفيروس كورونا. وبدأت في 23 أبريل (نيسان) الماضي التجارب الأوروبيّة الأولى على البشر في مختبر بأكسفورد. وتقدّم نحو 800 شخص للمشاركة في التجارب. والآن ثمّة حاجة إضافيّة ل 10 آلاف متطوّع في مختلف أنحاء إنجلترا وويلز واسكتلندا. جاك سامرس هو واحد من أوائل مَن تلقّوا إبرة اللقاح خلال تجربة أكسفورد قبل ثلاثة أسابيع.
مرّ شهرٌ على تسجيلي اسمي في لائحة طلب المشاركة في تجارب لقاح فيروس كورونا. تلقّيت ما مجموعه 235 جنيهاً إسترلينيّاً مقابل خمس زيارات للمستشفى وتلقي عدد من حقن تُوخز في ذراعي، أو اختصاراً، كي أستخدم كخنزير بشريّ للتجارب. حصل كلّ ذلك على أمل أن أساعد في تطوير لقاح كوفيد 19 الذي كثر النقاش حوله.
ولم يجر الحديث عن أيّ مُنقذ محتملٍ لنا أكثر من الحديث عن تجارب لقاح جامعة أكسفورد، الذي يمثّل واحداً من لقاحات عديدة يجري تطويرها حول العالم. وذُكر هذا اللقاح مراراً باعتباره أكثر أمل واعد بإعادتنا إلى حيواتنا السابقة قبل كوفيد 19. كما أنّ الحكومة البريطانيّة جادة في استثمارها فيه، إذ وعدت بتقديم دعم إجماليّ مقداره 43 مليون جنيه إسترليني للمختبرات البريطانيّة التي تقوم بإجراء تجارب بشريّة.
وجرت الشهر الفائت في المملكة المتّحدة المرحلة الأولى من التجارب التي كنت جزءاً منها. والآن هم يقومون بتمديدها للطلب من عشرات ألوف البريطانيين، في مختلف أنحاء البلاد للمشاركة، ووضع أنفسهم خلال الأسابيع القادمة في الموقع ذاته الذي وضعت نفسي فيه.
وإذا قمت بتسجيل اسمك في لائحة طلب المشاركة، فعليك الاستعداد لعمليّة هي أكثر بساطة ممّا يمكن أن تتوقّعه. تضمّ تجربة اللقاح الكثير من المعاملات الإداريّة، كأن تسجّل حساباً مصرفيًّا، لكن بعض الذعر من تلقّي وخزات إبر اللقاح خلال فترة عطلتك يبقى ماثلاً. وتتقدّم بالطلب عبر استمارة على الإنترنت، وسيطرح عليك كلّ ما تتصوره من أسئلة عن تاريخك وتاريخ عائلتك الصحّي. وحين الموافقة على الطلب تجري دعوتك إلى المستشفى.
وجاءت زيارتي الأولى إلى مستشفى سانت جورج في جنوب لندن بعد أن حجرت نفسي في شقّتي لمدّة شهرين. وأعيش بمفردي، وأنا في الآونة الأخيرة عاطل عن العمل. وجدت نفسي في غرفة انتظار محاطًا بأشخاص آخرين افترضت أنّهم هناك للسبب ذاته (المشاركون المختلفون الوحيدون في التجارب بحسب علمي هم ثلاثة من قرود المكاك). وعلى الرغم من رابط المشاركة في التجربة الذي يجمعنا، فإن الجوّ الغريب في غرفة الجراحة تلك افترض إمساكنا.
وفي الزيارة الأولى يطلب من المرء تقديم عيّنات من البول والدم، وتعبئة نماذج ورقيّة، ومشاهدة فيديو يُعلمه أن ما يتوقّعونه من تأثيرات جانبيّة عليه لا يربو عن كونه تأثيرات طفيفة. ثم يغادر إلى البيت كي ينتظر الضوء الأخضر عندما يجري التحقّق من مختلف الأمور.
في تلك الأثناء استعد لسيل أسئلة لا ينتهي من أصدقائك وعائلتك، من بينها أسئلة ومغالطات عديدة تفترض تعريضك لفيروس كورونا كجزءٍ من التجارب. هذا لن يحصل. كما أننّي سرعان ما تلقيت فيضاً من التمنيات بالسلامة (وبعض سيناريوهات منظّري المؤامرة عبر الإنترنت).
و بعد يومين من زيارتي الأولى للمستشفى كتبت رسالة متابعة إلكترونيّة محمومة، سائلًا فيها عن سبب عدم اتصالهم بي بعد، كي أعود وأتلقّى الحقنة. الجواب جاء ببساطة "تريّث قليلًا وانتظر". وذاك مثّل اللحظة التي بدأت أشعر فيها بالتوتّر لأوّل مرّة.
ثم جرى الاتصال بي وعدت إلى المستشفى. وعلى الرغم من القلق الذي اعتراني، فإنّ ذلك كان أكثر مكان أقرب إلى مقر عمل اعتياديّ ارتدته منذ أسابيع. والأمر جاء كتذكير مُربِك بالحياة قبل الحجر (على الرغم من الأجواء المعقّمة). لكن موجة الحنين سرعان ما تبددت ما أن بدأت إحدى الممرضات في الحديث عن لقاحات أعطيت لقرود ريسوس المكاك. وحَييت تضحيات تلك القرود في سبيل العلم، غير أنّ صورة "خنزير الاختبار" المطمئنة في رأسي إذ ذاك كانت قد مضت وتبدّدت.
ورحت أستعيد التفكير ببعض الرسائل التي وردتني من أناس محتجبين، منهم امرأة تعاني من تصلّبات مشتركة في الشرايين. قالت لي تلك المرأة "أنت تقوم بشيء يمكنه مساعدة ملايين البشر". وذاك مدّني بالشجاعة، أنا الرجل البالغ الذي لا يحب وخز الإبر ويحجب وجهه بيده عندما يشاهد فيلماً من أفلام الرعب. والحقنة بحدّ ذاتها – الجرعة الوحيدة التي تتلقّاها – جاءت بلا ألم. ثم أعطِيت ميزان حرارة وطلب منّي تسجيل العوارض التي أشعر بها يوميًّا عبر مفكّرة إلكترونيّة على الإنترنت.
الأثر الجانبي الأكبر بالنسبة لي، كما بدا، كان الارتياب. ولا أعرف إن كنت من ضمن ال 50 في المئة ممن أُعطوا اللقاح الحقيقي أو من ال 50 في المئة الذين اُخضِعوا للمراقبة، لكنّي في الأسبوع الأوّل ذهبت للسرير مرّتين بعوارض حرارة طفيفة، التي (بحسب ما أذكر) كانت ربّما من بنات خيالي."درجة حرارة مرتفعة وعطاس"، كتبت في المساحة المخصّصة ضمن المفكّرة الإلكترونيّة على الإنترنت في اليوم الثالث، وذلك بنبرة تسليم قدريّة تخطر لك وأنت تبعث برقيّة تفيد باصطدام التايتانيك في جبل الجليد.
فحص حرارتي في ذلك اليوم جاء طبيعيًّا تمامًا، 36،5 درجة مئويّة، وجاءت مرويتي عن نفسي كما دائماً مخالفة للواقع بعض الشيء. ومع مرور الأسابيع لم أشهد أيّ عوارض إضافيّة. لا بل إن انشغالي غدا بمدى نجاح التجارب. ولم أكن لأهتمّ بمن سيحقّق النجاح قبل الآخر، الكليّة الملكيّة، أم أكسفورد، لكن كلّ فاصلة أخبار حسنة كانت ترد عن "لقاحي" أخذت تدفعني للهتاف والنفخ في بوق تحية لجامعة أكسفورد من النافذة. ثمّ ما لبث أن جاء خبر إصابة جميع القرود التي حقنت باللقاح بفيروس كورونا. فحلّت بي الفاجعة.
وأنا لحسن الحظ لن أُحمل (إراديًّا) على مواجهة الفيروس بذات الطريقة تلك، لكنّي أودّ إخبار أحفادي بأنّي اختبرت اللقاح الذي انتشل البشريّة، وليس واحداً من تلك اللقاحات الكثيرة المنسيّة التي باءت بالفشل.
أستعيد ذلك الآن، فأرى أنّني على نحو خاطئ اعتبرت نفسي البطل الذي ينبغي أن يحظى بالقصّة الأمثل، وبالتأثيرات الجانبيّة التي هي أكثر مأساويّة. لكن في النهاية بدأت أقدر أن كثيراً من التجارب سيحصل، ومزيدًا من آلاف المتطوّعين سيشاركون بتجارب أكسفورد لوحدها. وفي الأسبوع القادم سأكون في المستشفى مرّة أخرى لإجراء فحوصات المتابعة، ذلك بالتزامن مع وصول أحدث المتطوّعين لتلقّي جرعاتهم الأولى. الفشل والتعلّم هما ركن عمل العلماء الذين ينجحون في النهاية. وحتّى لو لم يكتب للقاحي النجاح، فإنّي لن أندم يوماً على كوني واحدٍ من الأولِ الذين تقدّموا وسجلوا أسماءهم في اللائحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.