اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاثنين 12 مايو/آيار 2025    عدن.. القضاء يصدر حكما بحبس رئيس تحرير صحيفة "الأمناء" ومراسلها    هندي يهاجم وزير المالية بصنعاء ويطالبه التعامل بمساواة    موقع عالمي يتحدث عن تأثيرات الحصار اليمني على مطارات الكيان    ارتفاع شهداء الإبادة الإسرائيلية إلى 52 ألفا و862 شهيدا    محافظ الحديدة يتفقد الأنشطة والدورات الصيفية في مديرية الحالي    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما    دبلوماسية بريطانية تصل عدن    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    الولايات المتحدة تعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين في جنيف    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    أرسنال يقتنص نقطة ثمينة ونيوكاسل يعزز حظوظه بالتأهل لدوري الأبطال    جاذبية الذهب تضعف مع إيجابية المحادثات الأميركية - الصينية    ماذا يحتاج برشلونة للتتويج بلقب الليغا؟    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    المنطقة العسكرية الثامنة مقرها الضالع كارثة قادمة    تمهيد لقيام سلطته.. بن حبريش يشق طريق جبلي بمنطقة "عيص خرد"    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    قوة الانتقالي تتآكل.. الجنوب أمام لحظة الحسم والقرار بات ضرورة!    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (53)    منظمة "عين" تدين جريمة مقتل طفلة وإصابة شقيقتها برصاص الحوثيين في البيضاء    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «98»    احتجاجًا على الانهيار المتواصل للخدمات الأساسية .. نساء عدن يُهددن بالتصعيد    الحرب الهندية - الباكستانية .. إلى أين ؟!!    أكد أن نصرة المستضعفين من أبناء الأمة شرف وفضل كبير في الدنيا ولآخرة..الرئيس المشاط يتوجه بالشكر والعرفان لجماهير الشعب اليمني لتلبيتهم نداء الواجب ودعوة السيد القائد    الحكومة توجه بتزويد محطات كهرباء عدن بالوقود الإسعافي لتخفيف المعاناة    مبعوث ترامب يهاجم حكومة نتنياهو ويتهمها بإطالة أمد الحرب في غزة    بحاح يناقش آلية دمج الطلبة اليمنيين في المدارس المصرية وتحديث اتفاقية التعاون    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    أقنعة الشرعية... وخنجر الخيانة    المدارس الصيفية ودورها في تعزيز الوعي    ضربة الشمس والإنهاك والفرق بينهما؟    وزير الشباب والرياضة يعزي في وفاة نجم المنتخبات الوطنية السابق عبدالله مكيش    محمد الحوثي يعزّي في وفاة العلامة محمد بن حسن الحوثي    عندما يصبح النور مطلباً للنضال    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    هدية بمليارات $.. قطر ستهدي ترامب طائرة رئاسية فاخرة    القنصلية اليمنية تصدر تعليمات هامة للطلاب والمسافرين الى الهند    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    بدء الجولة الرابعة من المفاوضات بين طهران وواشنطن في مسقط    زيارة ترامب للمنطقة ومحطتها الاولى الرياض والملفات الشائكة    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الموسم المقبل.. 6 أندية إنجليزية في دوري الأبطال    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عروس في علبة أناناس !
نشر في المشهد اليمني يوم 23 - 09 - 2020

عندما وقف الشاب العشريني مذهولاً أمام طاولة البقال وقد صعقه سعر علبة الأناناس (800 ريالاً) التي خرج في ساعة متأخرة من الليل لإحضارها لعروسه الموعوكة، كان هناك نصف ابتسامة أو أكثر بقليل يرتسم على وجهه. ابتسامة مبتورة قابلة للتفسير على أكثر من معنى.
من جهة، هي ابتسامة المخدوع مع أول ومضات الحقيقة المنكشفة في الذهن. تشبه تلك الابتسامة الخجولة الحائرة والشهيرة التي ترتسم على وجوه ضحايا برامج الكاميرا الخفية الذين يبدأ الشك بالتسرب إلى نفوسهم قبل اكتمال المقلب بلحظات. لقد كانت علبة الأناناس هذه إيذاناً مبكراً بنهاية فترة العسل بالنسبة للشاب، وكذلك إنذاراً بفصل شاق وعسير في مواجهة القوائم الطويلة لعلب البودرة ودهان الشعر وحليب الأطفال وزيت الطبخ ... إلخ !
ومن جهة ثانية، كانت الإبتسامة الباهتة رسالة عاتبة للزمن المجنون. صدمة السعر كانت قد ساقت الشاب تلقائياً إلى استعادة ذكرى آخر مرة اشترى فيها علبة أناناس بسعر 250 ريالاً قبل ثلاث سنوات.
أي الأرقام أكثر جنوناً وتحاملاً على الإنسان اليمني، أرقام السنوات أم أرقام الأسعار؟ وأي منهما يسبق إلى الإجهاز على حياته؟
هذه السنوات الثلاث كانت تكفيه لصناعة مصير مختلف ودفع حياته باتجاه أفضل لو أنها عبرت بسرعة معقولة ولم تتسلل من خلف ظهره كلص أو قاتل غادر. في هذا البلد، حتى الزمن يبدو أنه قد تعلم كيف يسرقك ثم يترك لك إشعارا مغشوشا عن مقدار ما استهلكت من عمر وسنوات بينما تشعر أنت في صميمك أن ما عشته أقل من ذلك بكثير. تعلم الزمن ذلك من المطاعم وشركات الاتصالات والكهرباء والجامعات الخاصة.
الأقرب من ذلك كله أن تلك الابتسامة المريرة، القاتمة، التي أخذت ترتعش على وجه الشاب وتشوه ملامحه الوسيمة، لم تكن سوا شتيمة مقموعة بعد أن حارت في أي اتجاه تمضي. في السابق كان هناك علي صالح ونظامه، وكان بالإمكان عقب كل صفعة من هذا النوع يكيلها لك من خلال أحد الباعة، أن تردها على الأقل بشتيمة ترسلها نحو مصدر هذا الشقاء الملازم لحياة اليمنيين أبداً. الآن وقد حل علي صالح في آلاف اللصوص، وتحلل نظامه في جميع الأنظمة، وتفرخت لعنته إلى لعنات، تعذر على الناس حتى هذا النوع البائس والفقير من العدالة: عدالة الغضب العفوي والشتيمة المباشرة، ونخس خزانة الفساد الفولاذية بحد اللسان المصقول بالصيام والحرمان.
في مبلغ الثمانمائة ريال الذي نطقه البائع، تكشف للشاب طابور طويل من مصاصي الدماء، وظهرت في مسرح الجريمة الكثير من بصمات الجناية حتى استعصى على الشاب ترجمة الغضب الذي شعر به إلى شتيمة موجزة محددة الهدف تشفي بعض غليله.
من يشتم بالضبط ؟
الحوثيين، لصوص الجمارك المزدوجة والضرائب الباهظة ؟ القوارض التي نخرت البنك المركزي أول الأمر ثم تابعت طريقها إلى السوق وأدراج التجار قبل أن تصل إلى محفظة المواطن ؟
ماذا عن تحالف الجيران ، الباسط على المطارات والموانئ ، والقابض على نفط البلاد وغازها ؟ أليسو هم مهندسو هذه المأساة ورعاتها منذ البدء، ومنذ ما قبل البدء حتى؟
لكن تميل النفس ، بنفس القدر وربما أكثر ، للنيل من اللص الذي يشغل موقع الحارس: الشرعية ومسؤوليها. هؤلاء الذين يفترض بهم أن يكونوا رسل آلام المواطن وأنبياء أحلامه لولا أن هذا الدور المجيد قد فقد بريقه ولم يعد يستثير حماسة العرائس العاجية المحنطة في غرف الرياض حيث يستحيل دم المواطن وعرقه إلى مساحيق تجميل أو مشروبات مرطبة . هناك ما يستفز الشعور بشكل خاص في التفكير بمن تحول من تمثيل المواطن إلى التمثيل عليه والتمثيل به ...
أخذ الشاب علبة الأناناس من على الطاولة وأخذ يتحسسها بين يديه ، وكأنه بفعل ذلك كان يحاول الوصول إلى سر هذا السعر المبالغ فيه إلى حد غير معقول . كان الشاب أذكى من أن يطلق صرخة الاستفهام التي تصدر عن الناس في مثل هذا الموقف ، وتتضمن عادة اتهاما للبائع بأنه جزء من المؤامرة ؛ وبعد أن يئس في العثور على ما يبرر جنون السعر في جسد العلبة ، أعاد وضعها على الطاولة وقد شعر بحنق مفاجئ وغير مفهوم على زوجته ، ثم توجه إلى البائع :
توكلنا على الله.. كيس العلبة واتصل للقاضي يجي يعقد !
* نقلا عن "المصدر أونلاين"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.