بعد استشهاد المصعبي.. دفاع شبوة تتعهد بملاحقة العناصر الإرهابية    القوات الجنوبية تتصدى لهجوم حوثي شمال غرب الضالع    عن بُعد..!    خبير في الطقس يتوقع أمطار غزيرة على مناطق واسعة من اليمن خلال الساعات القادمة    إتلاف أكثر من نصف طن من المخدرات المضبوطة في سواحل العارة    حزب رابطة الجنوب العربي ينعي الفقيد الوطني بن فريد    خطورة ممارسات "بن حبريش" على وحدة المجتمع الحضرمي    الكتابة والذكاء الاصطناعي    صدور قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    وزير النقل يزف بشرى بشأن انجاز طريق هام يربط مأرب    إسرائيل تطالب واشنطن باستئناف الضربات ضد الحوثيين في اليمن    زوجة طبيب معتقل في صنعاء تكتب مناشدة بوجع القلب للافراج عن زوجها    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    لماذا تتجدد أزمات اليمن وتتعاظم مع كل الاجيال؟!    إنقاذ ناجين من السفينة "إترنيتي سي" واستمرار البحث عن مفقودين في البحر الأحمر    الحكاية من البداية غلط ..؟!    (نص+فيديو) كلمة قائد الثورة حول اخر التطورات 10 يوليو 2025    قطع اليد الإسرائيلية قاب قوسين أو أدنى    الهلال يدفع 25 مليون يورو لضم اللاعب هرنانديز الى صفوفه    صعدة: ضبط 5 أطنان حشيش و1.7 مليون حبة مخدرة خلال عام    الدولار يتخطى 2830 ريالاً والبنك المركزي يناقش مع البنوك إعادة هيكلة الشبكة الموحدة    - الممثل اليمني اليوتيوبر بلال العريف يتحوّل إلى عامل بناء في البلاط اقرأ السبب ؟    ميسي يسجل ثنائية رابعة تباعا مع إنتر ميامي ويحطم رقم بيليه    البشيري يتفقد مستوى الاداء في المركز الرقابي وفرع الهيئة بذمار    عشرة ملايين لتر .. مجموعة الشيباني تدشن توزيع مياه الشرب للتخفيف من حدة الأزمة بتعز    هام ورسمي .. اعلان نتيجة شهادة الثانوية الاسبوع المقبل    ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 50% على النحاس    ألونسو : ريال مدريد سيبدأ الموسم المقبل «من الصفر»    الكثيري يطّلع على نشاط اتحاد التعاونيات الزراعية الجنوبي    انتقالي الشحر بحضرموت يطّلع على سير عمل مشروع معهد أحمد النقيب للتعليم الفني    بعد اتهامها بعدم سداد 50 ألف يورو.. غادة عبد الرازق تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة ما حدث    صاروخ حوثي يهز سماء إسرائيل ودوي صفارات الانذار    تحذيرات أممية: أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم وسط نقص حاد في المساعدات    رئيس الوزراء يوجه بصرف مستحقات الطلاب اليمنيين المبتعثين وتصحيح قوائم الابتعاث    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    ترامب يجتمع بقادة 5 دول أفريقية وعينه على معادنها الثمينة    100 ألف طن من المعدات العسكرية الأمريكية ل"تدمير غزة" تصل إلى إسرائيل    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    الحكم على أنشيلوتي بالسجن عاما    سينر يتأهل.. وينتظر ديوكوفيتش    الهلال والنصر يتصدران دعم الأندية الخاصة    بابور الاقتصاد تايراته مبنشرة    سؤال لحلف بن حبريش: أين اختفت 150 ألف لتر يوميا وقود كهرباء    ساحل حضرموت.. ورقة الجنوب الرابحة لمجابهة مخططات تصدير الفوضى    عدن.. المدارس الاهلية تبدأ عملية التسجيل بدون اعلان رسمي وبرسوم مشتعلة وسط صمت الوزارة    ما فعلته الحرب بمدينة الحُديدة اليمنية .. رواية (فيلا ملاك الموت) للكاتب اليمني.. حميد عقبي.. سرد سينمائي يُعلن عن زمن الرماد    اجتماع بصنعاء يناقش آليات التنسيق بين هيئتي المواصفات والأدوية    "حيا بكم يا عيال البرتقالة"    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    اكتشاف مدينة مفقودة في بيرو عاصرت حضارات مصر القديمة وبلاد الرافدين    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد مقاطعة السعوديين للبضائع التركية
نشر في المشهد اليمني يوم 20 - 10 - 2020

خلال أسبوعين، تصاعدت حملة شعبية كبيرة داخل المجتمع السعودي تنادي بمقاطعة البضائع التركية في الأسواق السعودية، خصوصاً بعد إطلاق رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية السيد عجلان العجلان، اللاءت الثلاث؛ لا استثمار، لا استيراد، لا سياحة. استجابت للضغط الشعبي كبريات أسواق المواد الغذائية الشهيرة، وظهر مستوى رد الفعل الشعبي خلال موقع «تويتر»، الذي يتصدر السعوديون أكثر جنسيات العالم استخداماً له.
والحقيقة أن التنادي بقطع التعامل الشعبي مع تركيا بدأ منذ حوالي عامين وليس اليوم، خصوصاً فيما يتعلق بالمخاطر التي تشوب استثمار المواطنين السعوديين وتملكهم.
لكن لماذا هب السعوديون ضد ما هو تركي؟ وهل المقاطعة تحقق أهدافها؟
حجم التبادل التجاري بين البلدين انخفض منذ حوالي عامين، 25 في المائة، حيث كان يقارب ال 6 مليارات دولار، وهي الفترة التي وصل فيها الاستعداء التركي «الرسمي» للسعودية إلى درجة غير مسبوقة، وقبلها بعام واحد فقط، أي في عام 2017 كانت التجارة منتعشة، ليس على مستوى الصادرات والواردات فقط، بل وصل حجم الاستثمارات والشراكة التجارية إلى حوالي 1000 شركة، معظمها متعلق بالمقاولات والبناء وصناعة الأثاث وغيرها. وتملك السعوديون من العقارات في تركيا ما يصل إلى 30 في المائة من نسبة التملك الأجنبي، متجاوزة ألمانيا التي يسكنها 3 ملايين تركي. أموال هائلة كانت تُضخ بين الطرفين، مع وجود مائة ألف عامل تركي في المملكة، و200 شركة تركية في الداخل السعودي. وكانت الاستراتيجية التركية أن يصل حجم الاستثمارات السعودية في تركيا إلى 25 مليار دولار، والتبادل التجاري إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023!
من أوقف هذه المنافع؟ ما الذي حصل ليتحول منحنى النمو التصاعدي بين البلدين إلى انتكاسة متسارعة؟
الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تقرر فيها شرائح من المجتمع السعودي المقاطعة التجارية لبلد كرد فعل احتجاجي، لكنها الأولى في حجمها وسرعتها وتجاوب القطاع الخاص معها. ولأن حجم الضرر الاقتصادي على تركيا لن يتأثر كثيراً بمقاطعة شراء الأغذية المصنعة في تركيا، يعتقد البعض أن الحملة ستفشل في إلحاق الضرر المنشود بالاقتصاد التركي، على اعتبار أن القواعد الاقتصادية قائمة على مقومات أكثر عمقاً كالشراكة والاستثمار. لكن في الواقع الحملة لها أبعاد لا تقاس بهذه السطحية. القطاع الخاص تفاعل مع هذه الحملة بسرعة غير مسبوقة، ولا نعلم حتى الآن أين ستصل حدود هذه المقاطعة، لأن الضرر الأكبر دائماً ما يقع على المشروعات المتوسطة والصغيرة كسلاسل المطاعم أو مصانع الأثاث والملابس. من جهة أخرى، أيضاً تعرض السعوديون الذين تملكوا عقارات سكنية أو أرضية بنسبة تجاوزت 1600 قطعة، لمشكلات كبيرة في العامين الأخيرين لدى توثيق التملك أو السكن، مما اضطر السفارة السعودية في أنقرة، والقنصلية في إسطنبول، إلى التدخل والتحذير من الاستثمار العقاري هناك.
السعوديون يرصدون المشهد السياسي، إنهم يرون بوضوح كيف تحولت السياسة التركية الرسمية إلى عداء صريح ضد بلادهم، ولأنهم لا يملكون القرار السياسي الذي قد تكون له حسابات مختلفة، شعروا أن من واجبهم المبادرة بفعل يشعرهم بالارتياح تجاه دولة تتقلب في مواقفها، واختارت أن تعادي البلد الإسلامي والعربي الأكبر، بقرار رسمي وعلى لسان رئيس الجمهورية وأعضاء حكومته.
مع ذلك، فقيمة المقاطعة ليست اقتصادية فقط، بل أبعد وأهم من ذلك. المقاطعة تعكس حالة من الوعي والفهم الحصيف من المواطنين لما يُحاك ضد المملكة من الرئيس التركي مباشرة، الذي لا تزال تراوده أحلام الماضي بتزعم العالم الإسلام والجلوس على عرش الخليفة. النفاق الذي كان يمارسه رجب طيب إردوغان منذ حوالي عقدين من الزمن انتهى، وظهرت بواطنه وأطماعه بعد أن شعر بأن البلاد العربية تتهاوى واحدة تلو الأخرى بعد ثورات بداية العقد. وهو الآن يوجّه جل عداوته تجاه السعودية ومصر، لأنهما تمثلان القوى العربية التي تحجزه عن تحقيق أحلامه. يقف ضد المصالح المصرية باحتضانه لأعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» وعسكرة الميليشيات في ليبيا، ويظن أن قاعدته العسكرية في قطر ستهدد المملكة، وكانت سواكن السودانية مشروعه الذي باء بالفشل لمحاصرة السعودية من الضفتين.
شخصياً، لا يعنيني أين سيصل الضرر بالحالة الاقتصادية التركية بسبب المقاطعة السعودية المتنامية، لأن الليرة التركية خسرت ثلث قيمتها خلال العام الحالي، والتضخم وصل إلى 20 في المائة، والحالة كبيسة بما يكفي. قرار المقاطعة يعني قدرة السعوديين في الذود عن بلادهم وقيادتهم ضد كل من يترصد لهم بالسوء، هذا الإجماع الشعبي هو النجاح الحقيقي في المقام الأول. الحملات الإعلامية التركية ضد السعودية وقيادتها هي حملات رسمية، لأنها تتضمن تصريحات من أعلى طبقة سياسية، مع ذلك لم يظهر من الحكومة السعودية رد فعل تجاهها، ودائماً ما كان يتساءل المغردون في «تويتر»، لماذا لا تتخذ الحكومة السعودية موقفاً رسمياً بمقاطعة تركيا وإغلاق سفارتها؟ ولأن السياسة السعودية الرسمية لديها رؤيتها وموازينها الخاصة، انطلقت حملة المقاطعة بقرار شعبي صرف.
تحقيق الوعي الشعبي ليس أمراً هيناً، وإجماع الناس حول قيادتهم السياسية ليس حالة شائعة، خصوصاً في البلدان النامية، لكننا اليوم نراقب أمراً مثيراً للاهتمام، ونموذجاً يستحق التبصر.
*عن الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.