إب.. وفاة عروسة وعدد من أسرتها بحادث مروع قبل وصولها إلى منزل العريس    اللجنة الوطنية توثق 5,700 ضحية من الأطفال خلال سنوات الحرب    مغردون: #خطر_حزب_الاصلاح يهدد أمن الجنوب والمنطقة ويسعى لإرباك المشهد عبر استغلال الأزمات    الاطلاع على أعمال ترميم وصيانة جامع معاذ بن جبل التاريخي في تعز    برشلونة يحتفل بالعودة إلى "كامب نو" بفوز عريض على بلباو    الحكومة: أوامر الإعدام الحوثية مسرحية ونطالب بتدخل دولي لإنقاذ المختطفين    شرطة السير بعدن تدشّن التشغيل التجريبي للإشارات الضوئية في جولة القاهرة    تألّق لافت لمعرض سفن كونكورس ضمن فعاليات مهرجان WOW في موسم الرياض    ليفربول "يسقط" في "أنفيلد" بثلاثية أمام ضيفه نوتنغهام    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 69,733 شهيدا و 170,863 مصابا    نكف قبلي لقبائل الرضمة في إب تأكيدًا على النفير العام والجهوزية    تدّشين أنشطة الدورة الثانية لجائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي    راتب المعلم... جريمة وطنية تهدّد المستقبل    تنفيذ 4 مبادرات مجتمعية في السخنة بالحديدة    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الكثيري يبحث مع وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية صالح محمود سُبل تعزيز التنسيق وتطوير الأداء بحضرموت    لملس يبحث في فرنسا فرص الاستثمار في ميناء عدن    الكثيري يترأس لقاءً موسعًا بقيادات انتقالي حضرموت للتحضير لفعالية سيئون الكبرى    ترتيبات لإقامة بطولة كأس الشركات الأولى لكرة القدم السباعية    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    الرئيس الإيراني يوجّه بحذف أربعة أصفار من الريال    جرحى تعز يواصلون احتجاجاتهم للمطالبة بالعلاج وصرف مستحقاتهم المتأخرة    المنتخب الوطني للناشئين يفوز على قيرغيزستان بهدفين في تصفيات كأس اسيا    اجتماع بصنعاء يقر عددا من المعالجات لأوضاع قطاع الملبوسات    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات ودرجات الحرارة الصغرى أدنى من معدلاتها    إب .. اندلاع اشتباك بين مجموعتين مسلحتين إثر محاولة ابتزاز مغترب    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    الكاتب والمثقف والصحفي القدير الأستاذ أحمد عبدالرحمن    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 22 نوفمبر/تشرين ثاني 2025    العليمي يلتهم أهم وأكبر قطاعات نفط شبوة وحضرموت (وثائق)    صهيونيّ يتحدّى الجولاني: احتفال واحد لفلسطين يكفي لفضحكم    وزير الصحة يوجه برفع مستوى التأهب الوطني لمواجهة فيروس "ماربورغ"    مصر تعتمد مركبة بديلة عن "التوك توك" في المناطق الشعبية    سيدات الجيش المغربي يتوجن بلقب دوري الأبطال    بالقاتل.. البرازيل تعصف بأحلام المغرب    قائمة مرشحي الكرة الذهبية 2026 تكشف مفاجآت مبكرة    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    وزارة النفط: مرحلة سوداء صنعت الانهيار في الجنوب (وثيقة)    طائرة شباب القطن تحلق فوق سيئون وتتأهل إلى نهائي البطولة التنشيطية الثانية لأندية حضرموت الوادي والصحراء    مركز عين الإنسانية يدين جريمة الجيش السعودي بحق المواطنين في صعدة    اسبوع مجاني لمرضى السكري بصنعاء    طنين الأذن واضطرابات النوم.. حلقة مفرغة يكشفها العلم    الترب :اليمن مع السلام ولا يمكن أن يكون لقمة سائغة في يد السعودي    تسوية بلا شركاء: الانتقالي يكشف تناقض القوى اليمنية    انهيار داخلي يقترب.. تحقيقات ووثائق غربية تتوقع زوال إسرائيل خلال عقود    كاتب أمريكي: الهجمات الصاروخية اليمنية على منشآت بقيق كافية لعدم الوثوق بالإدارة الأمريكية    كم جنت أميركا من بيع مقاتلات إف-35 في العالم؟    الأنثى المبدعة بين التقييم الجنساني والانتقاد الذكوري .. المظاهر، والنتائج، والآفاق    «ليالي الفنون الخالدة» تعيد الغناء بالفصحى    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أهم مفاتيح السعادة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد مقاطعة السعوديين للبضائع التركية
نشر في المشهد اليمني يوم 20 - 10 - 2020

خلال أسبوعين، تصاعدت حملة شعبية كبيرة داخل المجتمع السعودي تنادي بمقاطعة البضائع التركية في الأسواق السعودية، خصوصاً بعد إطلاق رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية السيد عجلان العجلان، اللاءت الثلاث؛ لا استثمار، لا استيراد، لا سياحة. استجابت للضغط الشعبي كبريات أسواق المواد الغذائية الشهيرة، وظهر مستوى رد الفعل الشعبي خلال موقع «تويتر»، الذي يتصدر السعوديون أكثر جنسيات العالم استخداماً له.
والحقيقة أن التنادي بقطع التعامل الشعبي مع تركيا بدأ منذ حوالي عامين وليس اليوم، خصوصاً فيما يتعلق بالمخاطر التي تشوب استثمار المواطنين السعوديين وتملكهم.
لكن لماذا هب السعوديون ضد ما هو تركي؟ وهل المقاطعة تحقق أهدافها؟
حجم التبادل التجاري بين البلدين انخفض منذ حوالي عامين، 25 في المائة، حيث كان يقارب ال 6 مليارات دولار، وهي الفترة التي وصل فيها الاستعداء التركي «الرسمي» للسعودية إلى درجة غير مسبوقة، وقبلها بعام واحد فقط، أي في عام 2017 كانت التجارة منتعشة، ليس على مستوى الصادرات والواردات فقط، بل وصل حجم الاستثمارات والشراكة التجارية إلى حوالي 1000 شركة، معظمها متعلق بالمقاولات والبناء وصناعة الأثاث وغيرها. وتملك السعوديون من العقارات في تركيا ما يصل إلى 30 في المائة من نسبة التملك الأجنبي، متجاوزة ألمانيا التي يسكنها 3 ملايين تركي. أموال هائلة كانت تُضخ بين الطرفين، مع وجود مائة ألف عامل تركي في المملكة، و200 شركة تركية في الداخل السعودي. وكانت الاستراتيجية التركية أن يصل حجم الاستثمارات السعودية في تركيا إلى 25 مليار دولار، والتبادل التجاري إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023!
من أوقف هذه المنافع؟ ما الذي حصل ليتحول منحنى النمو التصاعدي بين البلدين إلى انتكاسة متسارعة؟
الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تقرر فيها شرائح من المجتمع السعودي المقاطعة التجارية لبلد كرد فعل احتجاجي، لكنها الأولى في حجمها وسرعتها وتجاوب القطاع الخاص معها. ولأن حجم الضرر الاقتصادي على تركيا لن يتأثر كثيراً بمقاطعة شراء الأغذية المصنعة في تركيا، يعتقد البعض أن الحملة ستفشل في إلحاق الضرر المنشود بالاقتصاد التركي، على اعتبار أن القواعد الاقتصادية قائمة على مقومات أكثر عمقاً كالشراكة والاستثمار. لكن في الواقع الحملة لها أبعاد لا تقاس بهذه السطحية. القطاع الخاص تفاعل مع هذه الحملة بسرعة غير مسبوقة، ولا نعلم حتى الآن أين ستصل حدود هذه المقاطعة، لأن الضرر الأكبر دائماً ما يقع على المشروعات المتوسطة والصغيرة كسلاسل المطاعم أو مصانع الأثاث والملابس. من جهة أخرى، أيضاً تعرض السعوديون الذين تملكوا عقارات سكنية أو أرضية بنسبة تجاوزت 1600 قطعة، لمشكلات كبيرة في العامين الأخيرين لدى توثيق التملك أو السكن، مما اضطر السفارة السعودية في أنقرة، والقنصلية في إسطنبول، إلى التدخل والتحذير من الاستثمار العقاري هناك.
السعوديون يرصدون المشهد السياسي، إنهم يرون بوضوح كيف تحولت السياسة التركية الرسمية إلى عداء صريح ضد بلادهم، ولأنهم لا يملكون القرار السياسي الذي قد تكون له حسابات مختلفة، شعروا أن من واجبهم المبادرة بفعل يشعرهم بالارتياح تجاه دولة تتقلب في مواقفها، واختارت أن تعادي البلد الإسلامي والعربي الأكبر، بقرار رسمي وعلى لسان رئيس الجمهورية وأعضاء حكومته.
مع ذلك، فقيمة المقاطعة ليست اقتصادية فقط، بل أبعد وأهم من ذلك. المقاطعة تعكس حالة من الوعي والفهم الحصيف من المواطنين لما يُحاك ضد المملكة من الرئيس التركي مباشرة، الذي لا تزال تراوده أحلام الماضي بتزعم العالم الإسلام والجلوس على عرش الخليفة. النفاق الذي كان يمارسه رجب طيب إردوغان منذ حوالي عقدين من الزمن انتهى، وظهرت بواطنه وأطماعه بعد أن شعر بأن البلاد العربية تتهاوى واحدة تلو الأخرى بعد ثورات بداية العقد. وهو الآن يوجّه جل عداوته تجاه السعودية ومصر، لأنهما تمثلان القوى العربية التي تحجزه عن تحقيق أحلامه. يقف ضد المصالح المصرية باحتضانه لأعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» وعسكرة الميليشيات في ليبيا، ويظن أن قاعدته العسكرية في قطر ستهدد المملكة، وكانت سواكن السودانية مشروعه الذي باء بالفشل لمحاصرة السعودية من الضفتين.
شخصياً، لا يعنيني أين سيصل الضرر بالحالة الاقتصادية التركية بسبب المقاطعة السعودية المتنامية، لأن الليرة التركية خسرت ثلث قيمتها خلال العام الحالي، والتضخم وصل إلى 20 في المائة، والحالة كبيسة بما يكفي. قرار المقاطعة يعني قدرة السعوديين في الذود عن بلادهم وقيادتهم ضد كل من يترصد لهم بالسوء، هذا الإجماع الشعبي هو النجاح الحقيقي في المقام الأول. الحملات الإعلامية التركية ضد السعودية وقيادتها هي حملات رسمية، لأنها تتضمن تصريحات من أعلى طبقة سياسية، مع ذلك لم يظهر من الحكومة السعودية رد فعل تجاهها، ودائماً ما كان يتساءل المغردون في «تويتر»، لماذا لا تتخذ الحكومة السعودية موقفاً رسمياً بمقاطعة تركيا وإغلاق سفارتها؟ ولأن السياسة السعودية الرسمية لديها رؤيتها وموازينها الخاصة، انطلقت حملة المقاطعة بقرار شعبي صرف.
تحقيق الوعي الشعبي ليس أمراً هيناً، وإجماع الناس حول قيادتهم السياسية ليس حالة شائعة، خصوصاً في البلدان النامية، لكننا اليوم نراقب أمراً مثيراً للاهتمام، ونموذجاً يستحق التبصر.
*عن الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.