ماجد زايد الكُتّاب القدامى، خصوصًا المرموقين منهم، بعد أن أنهكتهم الحياة، وانتهى بهم العمر والزمان، توقفت عنهم حاسة الكتابة، وتلاشى لديهم شغف الحضور وتدفق الكلمات، هذا ما يحدث فعلًا بعد عمر طويل من الاستهلاك، تذهب القدرة وتبقى الحكمة، لكن بعضهم لم يجدوا الحكمة، فأصروا على العودة، لأنهم يدركون نشوة الحضور المؤثر. عن فترات لم تُمح من ذاكرتهم أبدًا، فترات الشعور بالسلطة والتأثير، هؤلاء على وجه الخصوص، مدمني النشوة، وجدوا في الذكاء الاصطناعي، فانوسًا سحريًا أعاد لهم العمر والزمان وريعان الشباب، وجدوا فيه منقذًا لانهماكهم في الأمنيات والذكريات. أتذكر أنني سألت أحد الكُتّاب المرموقين، اسم معروف جدًا، كان يكتب في اليوم الواحد ما يشاء، بتدفق عظيم، وحين سألته عن أسباب توقفه الأخير، أجابني بنبرة البؤساء التائهين: لقد ذهبت اللوعة عني، وذهب الحرف من يدي، إنني أبكي كثيرًا حين أكون عاجزًا عن كتابة السطور الأولى. هذا بالفعل ما يحدث للعمر والقدرة، بالنسبة لي، بعد عمر الخمسين، وربما الأربعين، سأكتفي بالحكمة فقط، سأكتب يومها كالحكماء، وسأترك الكتابة الجنونية للقادمين الجدد، لا يسعني في فترة الحكمة أن أبحث عن النشوة والتطبيل والتوثيق والاستعراض والكتابة العقيمة؟ لا أريدها، ولن أبحث عنها أبدًا، الحكمة هنا أعظم ما يمكن للإنسان الحصول عليه. من ناحية مهمة، بعض الكُتّاب المرموقين القداما، الكُتّاب العاديين جدًا، أصحاب الشهرة القديمة والأسلوب العادي جدًا، وجدوا أيضًا في الذكاء الاصطناعي، أمنية حياتهم، أن يتمكنوا من كتابة مقالات غير عادية، ذهبت عنهم السنوات، وفي نهاية مطافهم وجدوا من يكتب لهم بأسلوب غير عادي، وهنا تكمن الكارثة، أيضًا، هذه الآلة التي أعادت المدفونين، هي ذاتها من تهدد الموهوبين، كل شاب قادم، سيكون مهددًا بالشك، لن يهتم به أحد، ولن يجد قارئًا لكلماته، لأن الجميع قد أصبحوا موهوبين، العاجزون القدامى عادوا لمنافسة الشباب الموهوبون، العاجزون يبررون لأنفسهم بماضيهم، والموهوبون لم يجدوا ما يبررون به للآخرين.