الأمم المتحدة تعلن ارتفاع عدد موظفيها المحتجزين لدى سلطات صنعاء    فرقاطة إيطالية تؤمن مرور سفن تجارية في البحر الأحمر    تغيّر لون المياه في مدينة الحديدة مصحوبًا برائحة كريهة    ابين.. استهداف دورية لقوات الانتقالي في مودية    "ميناء ينبع" .. في ذاكرة التاريخ بوابة للغزاة !    أمسية للجانب العسكري بمحافظة إب بذكرى المولد النبوي الشريف    خبير في الطقس يتوقع امطار متفاوتة الغزارة على عدد من المحافظات اليمنية    عشرات الشهداء بغارات على غزة والاحتلال يصعد بقصف الأبراج السكنية    بالالاف .. صنعاء تكشف عدد المفرج عنهم خلال اسبوع .. (قائمة)    اسعار الذهب ترتفع لمستوى قياسي جديد اليوم الجمعة    هيئة الآثار تطلق موقعها الإلكتروني الرسمي (goam.gov.ye)    مليشيا الحوثي تختطف أكاديميا بارزا أثناء زيارته لوالده في منطقة الحوبان بتعز    اللواء المهدي يبارك نجاح الاحتفال بذكرى المولد النبوي في محافظة إب    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    الوحدة التنفيذية تدعو إلى توفير مأوى للنازحين بمأرب    من عدن إلى أبوظبي.. منحة إماراتية تفتح آفاق المستقبل لطلاب الجنوب المتفوقين    احباط محاولة إنشاء أول مصنع لإنتاج المخدرات في محافظة المهرة    تفاصيل الهجوم الإرهابي بمودية وقواتنا الجنوبية تهاجم معاقل الارهاب    ضمن استراتيجية بناء جيل متسلح بالعلم.. 100 طالب وطالبة يبتعثهم المجلس الانتقالي للدراسة في الخارج بدعم من دولة الإمارات    المَنَحُ الإماراتية ومحاولات إثارة الفتنة    تأهل الأوروغواي وكولومبيا والباراغواي إلى نهائيات كأس العالم 2026    وزارة الاقتصاد تطلق مبادرة خيرية لمرضى المستشفيات بمناسبة المولد النبوي    ميسي يعلن غيابه عن مباراة الإكوادور    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    حادث مروري مروع في أبين يخلف وفاة وسبعة جرحى من أفراد اللواء الثالث دعم وإسناد    الملخص الأسبوعي لتحركات فريق التوجيه والرقابة الرئاسي ورئيس انتقالي حضرموت    مجتمع حضرموت يحمّل بن حبريش مسئولية قطع الكهرباء    الربيزي: سينهزم القابعين في الزوايا المظلمة ولن تنطفئ فرحة الجنوب    لقاء تنسيقي بعدن يضع ضوابط صارمة على حركة الغاز للحد من عمليات التهريب    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    تصعيد عسكري وتوتر سياسي في لبنان مع مناقشة حصرية السلام    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    بوتين يهدد باستهداف أي قوات أجنبية ينشرها الحلفاء في أوكرانيا    اليمن يواجه عمان في نصف نهائي كأس الخليج للشباب    الرأس الأخضر تقترب من المونديال.. وليبيا تتمسك بالأمل    بجزائية هالاند.. النرويج تكسب فنلندا تجريبيّا    وفاة طفلين يتيمين في ظروف غامضة بمحافظة إب    بعد 25 عاما.. ليفي يودع رئاسة توتنام    الشجن قتل العجوز.. الوزير الوصابي: تصريح أم كلام نسوان    مجنون أمريكا يوقع اليوم أمرا بتغيير اسم وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب"    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي إبراهيم الحائر في وفاة والده    الشرق الأوسط بين مؤامرة "الكيان الصهيوني الكبير" وصمود محور المقاومة    البيت الهادئ يدعو للقلق .. قراءة في تجربة طه الجند    القيصر    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على جهود مكتب التجارة والصناعة في لحج    الصقر والرشيد ...قمة مبكرة تشعل ربع نهائي بطولة بيسان    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    المنتخب الوطني للشباب يتأهل لنصف نهائي كأس الخليج    تراجع طفيف في الاسعار بعدن رغم تحسن قيمة العملة الوطنية    بدء صرف معاش شهر إبريل 2021 للمتقاعدين المدنيين    كهرباء عدن ترفع عدد ساعات الانطفاء والمواطن ينتظر    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    التكدس في عدن وإهمال الريف.. معادلة الخلل التنموي    انهض ايها الجبل    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    اكتشاف يعيد فهم ممارسات طب الأسنان القديم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكاء الاصطناعي: أداة لا تصنع العبقرية
نشر في يمنات يوم 20 - 05 - 2025


عبدالوهاب قطران
في زمن طغى فيه الحديث عن الذكاء الاصطناعي، حتى قيل إنه سيحل محل الإنسان، ويفكر عنه، ويكتب الروايات والمسرحيات والقصائد والبحوث، بل ويصوغ المرافعات والدفوع والأحكام القضائية، لا بد من وقفة عقلانية تضع الأمور في نصابها، وتُعيد الاعتبار للعقل البشري، سيد كل آلة وأداة.
أن الأدوات، مهما بلغت من تطور وتعقيد، لا قيمة لها إلا في يد من يحسن استخدامها. فالعقل البشري، بوعيه، وخياله، وذاكرته، وحدسه، وتجاربه، هو المصدر الأول والأخير للإبداع والمعنى.
نعم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُدهشنا
ولكن
الذكاء الاصطناعي – مهما بلغ من تطور – يظل مجرد أداة، وسيلة مساعدة، لا تملك قيمة في ذاتها، إلا إذا وجدت بين يدي إنسان مبدع، متعلم، مثقف، ماهر، قادر على التوظيف والتوجيه والإنتاج. حاله في ذلك حال كل أدوات التطور التي عرفتها البشرية، منذ القلم والسيف، وحتى الطائرة والكمبيوتر والهاتف الذكي.
فما قيمة القلم في يد الأمي؟ لا شيء.
القلم لا ينفع من لا يُحسن القراءة والكتابة، ولا يُبدع في صياغة الجُمل، ولا يُتقن التعبير عن فكرة أو تصور أو موقف. القلم وحده لا يصنع كاتبًا. كما أن السيف في يد "العجوز " العاجز لا يدرأ خطرًا، بل قد يضحك عليه الخصم. وهكذا الأمر مع الطائرة إن كانت في يد من لا يعرف أُسس وقوانين الطيران، أو الكاميرا في يد من لا يُدرك أسرار الضوء والظل.
الذكاء الاصطناعي لا يختلف عن هذه الأدوات. هو خزان ضخم للمعلومات، لكنه بلا وعي ولا وجدان ولا حدس. لا يملك حلمًا ولا خيالًا، ولا يعرف الحب أو الحزن أو الخذلان. فكيف يُنتظر منه أن يخلق فيلسوفًا أو شاعرًا أو أديبًا؟!
دعونا نضرب مثلًا: رجل أمي، لا يقرأ ولا يكتب، لو جلس إلى الفيلسوف الاغريقي العظيم أرسطو طاليس عامًا كاملًا، هل سيغدو فيلسوفًا؟!
كلا. لأن فاقد الشيء لا يُعطيه.
بينما لو جلس فيلسوف ناضج ورجل عصري مثقف واسع الاطلاع إلى أرسطو، لاستخرج من أعماقه كنوزًا، وأثّر فيه وتأثّر به، لأن الحوار بين ندّين، لا بين النقيض ونقيضه.
نعم الذكاء الاصطناعي قد يمكن بقدراته في كتابة نصوص مركبة أو توليد أفكار مبتكرة أو حتى مجاراة الشعراء في القافية والوزن، لكنه في نهاية المطاف يفتقر إلى "الوعي بالمعنى" و"تجربة الألم والأمل"، وهما جوهر كل فكر وأدب عظيم.
الذكاء الاصطناعي لا يملك تجربة طفولة، ولا إحساسًا بالخذلان، ولا توقًا للحب، ولا شعورًا بالغربة، ولا اشتياقًا للأم أو الأرض أو الحبيبة. هو لا يحلم، ولا يخاف، ولا ينكسر. وهذا ما يجعل الإنسان لا يُستبدل.
و يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الكاتب، لكن لا يمكنه أن "يصنع" منه كاتبًا، إن لم يكن في الأصل يحمل نواة الإبداع، وعشق المعرفة، والقدرة على التأمل والتحليل والتساؤل.
كما لا يمكن لمجلس كامل من الحكماء أن يجعل من جاهل فيلسوفًا، لا يمكن لأعظم تقنيات الذكاء الاصطناعي أن تصنع من إنسان عادي شاعرًا مفوهًا أو مفكرًا ثاقب النظر.
وكذلك الذكاء
الاصطناعي: لا ينفع الجاهل، ولا يخلق من رجل عادي كاتبًا أو مفكرًا أو روائيًا. لكنه قد يُصبح أداة مبهرة في يد مبدع أصيل، يستخدمه ليُوسّع أفقه، أو يُنقّح نصوصه، أو يُطوّر أساليبه. شرط أن يكون الأصل موجودًا: العقل، الموهبة، الوعي، التجربة، الخيال، والشغف.
الذكاء الاصطناعي مرآة. تعكس ما أمامها. فإن وقف أمامها مبدعٌ، زادته إشراقًا وتألقا. وإن وقف أمامها فارغٌ، أعادته فراغًا.
فلا تُراهنوا على الأدوات، بل على الإنسان الذي يُحسن استخدامها. ولا تخشوا من الذكاء الاصطناعي، بل استثمروا في الإنسان، فهو الأصل، وهو الفنان والسر الاعظم، وهو المبدع الأول والأخير.
بالمختصر: الذكاء الاصطناعي مرآة. لا تعكس شيئًا إن لم يكن أمامها شيء. إن وقف أمامها رجل مبدع، صقلت موهبته، وإن وقف أمامها فارغ، أعادته فارغًا.
فليظل الإنسان هو الأصل، والعقل هو السيد، والتجربة هو المعلم الأول.
من حائط الكاتب على الفيسبوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.