ما مشكلة فهد القرني وفلاح الجبوري مع الأسنان ؟ لماذا يربطان الكوميديا بالأسنان المشوّهة ؟ كنا نظن أنها مسألة غياب الإبداع، عدم الثقة في قدرة الممثل على الإضحاك فيلجأ إلى تلك الطريقة في التشوّه والبهذلة .. لكن المسألة اختلفت مع الفنان عامر البوصي (بطيشان) الذي يبدو فنانا مقتدرا، ولم يكن بحاجة مطلقا لتشويه فكه العلوي، لكن الأمر بحاجة إلى دراسة نفسية لتفسير هذا الإصرار على تشويه الشخصيات عند منطقة الفم. إنها عقدة المُخرج العاجز عن فهم طببعة عمله، مخرجون لا يعرفون من الإخراج إلا التصوير، لا يعرفون شيئا عن السلوك الإنساني، لهذا يُحجِم عن تقديم شخصية سوية في دور شرير، فهو يفهم الشر على أنه يتركز في الشكل القبيح. قولوا للمخرجين إن الشر سلوك وليس شكلا، فالمجرم قد يكون ظاهريا وسيما ومهذبا وأنيقا، مازال فلاح الجبوري يعمل بعقلية مخرجي مسلسلات الثمانينات الذين صوروا الكفار بلباس أسود والمسلمين بلباس أبيض، وصوروا عنترة شخص بدين (فريد شوقي) رغم ان الفارس ينبغي أن يكون رشيقا، وحصروا الإجرام في شخصيات بعينها مثل جميل راتب وتوفيق الدقن. لكن الأفلام والمسلسلات المصرية تجاوزت هذا منذ أكثر من عشرين عاما، مازال هذا المخرج عند نقطة البداية، وكأنه لم يطلع على الأفلام والمسلسلات العربية منذ التسعينات. وهنالك نقطة أخرى ينبغي تسجيلها على مسلسل الجمرة2، فهو يعمل انطلاقا من حس قائم على التمييز، إذ يقدم الممثلين في شارة البداية وفقا لقبائلهم داخل المسلسل، ممثلوا قبيلة كذا وممثلوا قبيلة كذا، وليس انطلاقا من أهمية الدور ومدة ظهوره في مساحة المسلسل، والغريب أنه يجعل " المطاريد"آخر القائمة، رغم انهم يقومون بدور رئيسي في المسلسل، فهم ليسوا مطاريد في بنبة القبيلة، بل وفي وعي القائمين على المسلسل أيضا، وذلك تكريس لفكرة الطبقية والتراتب الاجتماعي التي يفترض أن يتجاوزها الفن.