ترتيبات لاقامة مخيم طبي مجاني لاسر الشهداء    إسبانيا تتصدر عالميا والمغرب عربيا.. تصنيف الفيفا يحسم مواجهات ملحق المونديال    الخارجية تستهجن التصريحات الحوثية ضد المنظمات وتحذر من مغبة استمرار الصمت الدولي إزاءها    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر    افتتاح المركز الثقافي اليمني في نيويورك    34 شهيدًا في 129 خرقًا صهيونيًا لاتفاق وقف العدوان في غزة    سان جيرمان يعود من بعيد لينتزع نقطة التعادل من ستراسبورغ    3 لاعبين أفغان يسقطون في غارة جوية    صحيفة أمريكية تكشف عن سعي إسرائيل لتجنيد مرتزقة يمنيين يعملون لصالحها في اليمن    وفاة أكاديمي بارز في جامعة صنعاء    المقالح: الجاسوس الأخطر يتواجد في المستويات القيادية    الفرح: لا قلق على شغور المكان ولا على تأثر المسار    انفراجة في أزمة كهرباء عدن    خبير في الطقس يتوقع تحسن في درجات الحرارة وهطول أمطار غزيرة ويحذر من سيول في ثلاث محافظات    انفراجة في أزمة كهرباء عدن    أن تكون من أنصار الله.. واجب ومسؤولية (وليست شعارًا أو وجاهة)    رحل القائد وبقي النهج    التحديات الحقيقية في الجنوب.. بين الجغرافيا والمصالح السياسية    موقف القانون الدولي من مطالب الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة    ما ذنب المواطن؟!    النائب بشر: أطراف الصراع يمارسون الإرهاب والنهب باسم الشعب والوطن    قراءة تحليلية لنص "اثقال العيب .. تمردات وحنين" ل"أحمد سيف حاشد"    المعرفة المشاعة وسقوط النخبوية في الفضاء السيبرنطيقي    الذهب يتجاوز 4300 دولار متجها لأفضل مكاسب أسبوعية منذ 17 عاما    مصلحة الهجرة والجوازات توضح بشأن أزمة دفاتر الجوازات    الشيخ حسن بغوي يناشد الجهات العليا بصنعاء إعادة النظر في قضيته وانصافه    مهندس جيولوجي يوضح حقيقة منجم الحامورة في حيفان بتعز    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة العلامة محسن بن يحيى العنسي    هيئة الكتاب تصدر كتاب "مفهوم الشرق الأوسط الجديد"    سفراء الدول الراعية للعملية السياسية يؤكدون دعمهم للحكومة وجهودها لتنفيذ الإصلاحات    احتل المرتبة 152.. المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    اكبر تاجر تجزئة ذهب في اليابان يعلق مبيعاته    منظمة انتصاف : 8 من بين 10 اشخاص في اليمن تحت خط الفقر    ديمبيلي يدخل خطط الشهري أمام الهلال    الهلال يبقي بونو حتى 2028    رونالدو الأعلى دخلا.. ويامال يدخل قائمة الكبار    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    «نزيف القيادات» يؤرق الحوثي.. اتهامات لسد ثغرة الإخفاقات    كهرباء عدن تحذر من توقف منظومة التوليد خلال ساعات    فريق صلاح الدين يتوج بطلاً لبطولة "شهداء على طريق القدس"    خبير في الطقس يحذر من كتلة غبار قادمة ويتوقع تراجع موجة البرد مؤقتا    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    اغويرو يبدي اعجابه بماركوس راشفورد    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    مصلحة الهجرة تعلن انتهاء أزمة دفاتر الجوازات بعد وصول أولى الدفعات إلى عدن    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرقة الماضي
نشر في المشهد اليمني يوم 03 - 07 - 2021

خلال سنوات من الحرب المستمرة في اليمن، وقبل ذلك بعقود طويلة ظل التراث الحضاري اليمني عرضة لعمليات مستمرة ومنظمة من النهب والتهريب الذي طال نفائس القطع الأثرية من تماثيل برونزية كبيرة وصغيرة، إنسانية وحيوانية، ونقوش وعملات ذهبية وفضية، وتمائم نحاسية وألواح وأسلحة حجرية، وأدوات منزلية، ومخطوطات دينية وتاريخية وأدبية وعلمية مختلفة مثلت منتجاً عقلياً ضخماً ازدهت به دور المخطوطات في البلاد.
ومع تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، ومع ضعف الرقابة الأمنية، وغياب إجراءات الحماية، والإهمال المتزايد لقطاع الآثار في البلاد وجد الكثير من ضعفاء النفوس في الاتجار بالآثار وتهريبها وسيلة سهلة للثراء السريع.
ولعل إحدى أكبر المشاكل التي يعاني منها قطاع الآثار اليمني غياب التنسيق بين الأجهزة والدوائر ذات العلاقة، إذ إن الأمر يتعلق هنا بمستوى الحماية الأمنية المتوفرة، ومستوى الوعي لدى المواطنين، فمعظم مواقع آثار اليمن القديم بنيت في مناطق بعيدة عن السيطرة الأمنية، وبعض المدن التاريخية مدفونة في الرمال دون أسوار لحمايتها إلا أسوارها القديمة، وهو ما يجعلها عرضة للنهب المستمر، في ظل غياب التوعية بأهمية مثل تلك النفائس الحضارية التي لم تتعرض للسرقة وحسب، ولكن بعضها تعرض للهدم واستخدام بعض صخورها ذات النقوش المهمة في بناء منازل بعض السكان القريبين من تلك المواقع.
وعلى الرغم من صعوبة وجود قاعدة بيانات دقيقة لحصر القطع الأثرية النفيسة التي تم تهريبها وإعادة استخدامها في منازل حديثة إلا أن ذكر بعض الأمثلة يسلط الضوء على حجم الكارثة.
فقبل سنوات اختفى نقش ضخم كتب بخط المسند على لوحة صخرية، تم تهريبه من أحد المعابد السبئية في محافظة مأرب، وهذا النقش يعد وثيقة تاريخية ودينية مهمة، وفيه تفاصيل كثيرة عن أنماط الحياة الدينية والسياسية والمعاملات في مملكة سبأ القديمة.
وقبل فترة عرض في العاصمة الفرنسية باريس «وعل برونزي» تم تهريبه من مدينة «مريمت/مريمة» اليمنية القديمة في مديرية حريب بالمحافظة نفسها.
وخلال الشهور الماضية ضبطت أجهزة الأمن اليمنية شحنة كبيرة من القطع الأثرية النفيسة كانت قادمة من العاصمة صنعاء وفي طريقها للخارج، حسب المسؤولين في الأجهزة الأمنية.
وقبل ذلك وبعده تستمر عمليات النهب والتجريف المنتظم للتراث الحضاري اليمني في ظل استغلال واضح لظروف الحرب وارتخاء القبضة الأمنية وغياب الحماية المطلوبة، حتى وصل الكثير من القطع المهربة إلى كثير من المزادات والمتاحف وصالات العرض ومنازل رجال أعمال يحبون اقتناء التحف الأثرية في عدد من الدول والعواصم حول العالم.
وإذا كان تهريب الآثار يعد جريمة في القوانين والمعاهدات الدولية فإن سرقة القطع الأثرية والاستئثار بها في منزل خاص يعد أكثر ضرراً من عرض القطعة في متحف أو صالة عرض عامة، مع ذكر بلد القطعة والإشارة إلى سياقها الحضاري، حيث يسهل الوصول إلى القطعة المعنية، ويمكن أن تسهم في الترويج السياحي لبلد المنشأ.
وعند الحديث عن الأطراف المتورطة في عمليات التهريب يمكن ذكر المليشيات المسلحة والإرهابية والمهربين وتجار التحف والمخدرات وغيرهم.
فالحوثيون - على سبيل المثال - لا ينظرون بتقدير لتاريخ اليمن القديم وتراثه الحضاري، ومؤسس الجماعة حسين الحوثي كان يسخر مما يراه أعمدة في مأرب تمثل حضارة غير إسلامية، ويسخر من الاعتداد ببعض أعمدة المعابد القديمة، على اعتبار أنها تمثل حضارة كافرة تتعارض مع عقيدة المسلمين.
وبعيداً عن التراث المادي، وعد دخول الحوثيين صنعاء أواخر العام 2014 تم تهريب نسخة يمنية نادرة من التوراة عبر مطار صنعاء مع أسرة يهودية يمنية هاجرت إلى إسرائيل عن طريق المطار الذي يسيطر عليه الحوثيون.
وعلى ذكر مخطوطة التوراة المهربة ينبغي الإشارة - في هذا الخصوص - إلى عدم القدرة على الوصول إلى المتاحف ودور المخطوطات الوطنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حيث لا يُعرف بالضبط ما الذي يجري داخلها، وسط تقارير عن فقدان الكثير من المقتنيات واختفاء الكثير من المخطوطات القديمة من دور المخطوطات تلك، مع حرص جماعة الحوثي على إعادة صياغة التاريخ والهوية اليمنية، بما يتوافق مع توجهاتها السلالية والطائفية.
وقبل فترة، منع الحوثيون موظفي وزارة الثقافة في العاصمة صنعاء من الوصول إلى مكتبتي دار المخطوطات، والجامع الكبير بصنعاء، وفي المكتبتين مخطوطات نادرة دينية وتاريخية وأدبية لا تقدر بثمن، ولا أحد يستطيع التحقق مما جرى لتلك المخطوطات حتى الآن.
ومع كل ذلك الخطر الذي يهدد التراث الحضاري العالمي في اليمن فإنه ينبغي عمل كل ما يمكن أن يقلل من نسبة الخطر الذي يهدد ذلك التراث بشكل مستمر، وتكثيف الجهود - بهذا الخصوص - على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
ويأتي في مقدمة تلك الإجراءات تفعيل دور شرطة الآثار، والعمل على توفير الحماية الكافية لمواقع التراث القديم، إضافة إلى ضرورة تنظيم حملات توعية للسكان المحليين بأهمية تراث بلادهم الحضاري، ناهيك عن تفعيل التواصل مع المؤسسات العربية والدولية المعنية لتسليط الضوء على الحالة الراهنة، وتكثيف الجهود لمتابعة القطع المهربة واستعادتها، والعمل على تسجيل ما يمكن تسجيله من مواقع التراث الثقافي اليمني على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لضمان المزيد من الدعم والحماية لتلك المواقع من عبث العابثين وسرقة المهربين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.