"شبكة الإتصالات والإنترنت هي عصب القوة" أوه هذا هراء يقول قائل. إذا حسنا نتمنى أنها ليست كذلك، نتمنى لو أنها مجرد طريقة سهلة لمشاهدة الأفلام والمسلسلات، والتواصل والسؤال عن الحال، ومقاربة البشر ببعضهم البعض، لتشارك المعرفة والثقافة البشرية، ولا بأس بقليل من المماحكات والمهاترات والمنشورات والتغريدات وفيديوهات التيكتوك التافهة التي تلقى رواجا وتحقق لأصحابها أرباحا كما يقال.. لكنها ليست كذلك قطعا للإسف.. إن شبكة الإنترنت هي عصب القوة الذي يقيم العالم الحديث، ويمنح الدول والشركات القدرة على التحكم بالبشر، وبناء على قدر تحكم الدولة او الشركة بهذة الشبكة تكون قوتها. وبناء على هذا المعيار، تكون الحكومة اليمنية الشرعية هي الأضعف على مستوى العالم، ضعيفة الى درجة أن شبكتها العصبية ومحور قوتها تقبع تحت سيطرة المليشيا الإنقلابية التي تتحارب معها منذ سبعة أعوام.. ومعنى ذلك أن اكثر من كذا مليون تيرابايت او ايا يكن الرقم المحتمل من البيانات التي تنظم الهيكل الهش للدولة ولجيشها وقواتها يمر فعليا من تحت رقابة المليشيا الإنقلابية، بما في ذلك الرسائل والإتصالات والدردشات والصور والفيديوهات والإيميلات والمدخلات في المواقع الإلكترونية التي يتداولها او يتناقلها او ينشرها كل المواطنين والمسؤولين في ظل سلطة الشرعية بشكل عفوي، او بجهل مطبق، تصبح فعليا متاحة للشركة التي تدير شبكة الإتصالات وهي في اليمن شبكة يمن نت التي تدار من صنعاء، وتحت أعين المليشيا وتحكمها. حسنا لا داعي لتعقيد الأمور؟ كم سيكون بوسع المليشيا هذة أن تتبع او تراقب او تتلصص على ملايين المستخدمين، كيف تجد وقت لذلك، في تساؤل كهذا تأكيد مريح نوعا ما.. لكن العلم والتقنيات تقول غير ذلك، ثمة تقنيات عالية المستوى تعمل بناء على الذكاء الإصطناعي بوسعها الفلترة والفرز لكل ما يرد او ينشر او يتم تبادله بين المستخدمين حول موضوع معين، خوارزميات صممت بقدرة تفوق معدل ذكاء الإنسان، وتنتجها شركات حوسبة رأس ماليه لا تهتم مطلقا لمن تبيعها ما دام سيدفع الثمن المناسب. علاوة على أن التطبيقات التي تستخدم في الدردشات والتواصل الإجتماعي كفيسبوك وتويتر وواتس0ب تحتفظ بكل البيانات او data ، بل وتتنافس في هذا الصدد مما أدى الى نشوء ما يسمى "بنوك البيانات" او Data banks ويحتوي ذلك على ما يشبه السيرة الذاتية لكل المستخدمين معلوماتهم وبياناتهم الشخصية بالإضافة الى أمور أخرى مثل ما توجهاتهم ما ميولاتهم ما رغباتهم ردود أفعالهم حيال مواقف او قضايا معينة، وهذة البيانات المؤرشفة بنظام عالي الدقة والكفاءة غالبا تباع لشركات الإعلانات التجارية ومؤسسات البحث وقياس اتجاهات الرأي العام، لكن من ذا يضمن أنها لا تباع أيضا للعصابات والمليشيات الخارجة عن القانون. هذة مجرد سيناريوهات بسيطة لما يمكن أن تفعله شبكة الإتصال والإنترنت، فالمتفائلون من خبراء التقنية وعلمائها، يقولون إنه ما دام الإنسان يملك جهازا ذكيا متصلا ببطارية فإنه ليس وحده.. إما المتشائمون فيذهبون الى ما هو أبعد من ذلك. والآن في ظل هذة المعطيات التي يضعها علماء التقنيات وخبرائها، هل تستطيع حكومتنا التفكير ولو لوهلة أنها لاتملك عصب القوة هذا، ولا تسيطر عليه، وهل ستواصل صم آذانها عن مطالبات المواطنين في اليمن بتحرير شبكات الإتصال والإنترنت من سيطرة المليشيا... بالطبع ستفعل ذلك. ستواصل التجاهل وكأن شيء لا يعنيها. وحتى لا نكون من أولئك الذين ينتقدون المشكلة ويشرحونها ولا يضعون حلا، فسأقترح حلا يبدوا منصفا، إن يترك المجال لرجال أعمال مقتدرون لإنشاء شركة إتصالات تجارية حديثة يكون مركزها في مأرب أو حضرموت او المهرة ، او تقوم الحكومة بإنشاء شركة جديدة للإتصالات اليمنية في هذة المحافظات إن كان ثمة ما يمنع إنشاء واحدة في عدن.