إلى يوسف البدجي في ليلته الأولى دون عود وغصن ، وسهرة ودان ، رقص ومراقصة ، الليلة وحدك لاشريك لك في الظلام تغني "سهران ليلي طويل" تضع يدك اليمنى على قلبك وتصيح "قلبي جريح" فلا عود يتفاعل معك ، ولا شواترة أعراس يصيحون حولك يا "ليلاه"... أخبروك كما أخبروا من قبلك لا سهرة ولا سمرة في المدينة يحكمها الظلام ولا حاكم لها سوى آلة القتل والترهيب والإرهاب ، أخبروك كما أخبروا من قبلك لكنهم لم يحذروك كما حذروا أصيل أبو بكرة الذب أدخلوه ليلة في سجنه ليخرج وقد حصل على كرت أصفر لايمكن تجاوزه إلى الكرت الأحمر... لم يحذروك لأنك يوسف البدجي المنقلب على قواعد اللعبة ، رأس حربة الفنانين ، وأخطرهم في اقتناص البقعة في الخيمة والقاعة هل تستطيع أوتار صوتك أن تحكي لك وتقول "يا نجوم الليل" أم أن كل شيء حولك ينادي "غاب عني واحتجب" ولربما يجيبك السجان " خلوه يبكي لكن لما عيونه تحرق " فيمازحه ضابط عجوز منهمك في ثموله " لو معي 5 ملايين دولار"... إنه زمن الحفاة الشعث ، المختالين المتخيلين أن الفنان كائن قادم من خارج الكوكب بشفايف منتفخة ورموش صناعية مايعة متميع يعزف بأنامل مخضبة ويشدو بصوت الرخاوة والتراخي ، يقضون حوائجهم ببهارات وبرفانات الإغراء وقصات الموضة وتلميع الوجه ولبس العدسات ، هم يظنون هكذا لأنهم لا يعرفون تراث وحضارة هذا الوطن منذ عهد الأجداد وكيف يعرف ويتعرف أحد على ملامح فنان بعد منتصف الليل وهو ضارب التعميرة "شمة سوداء ، بيضاء ووو الكثير من لوازم الجولة في ليالي البورة"... دع عنك الحزن يا يوسف البدجي ، ولا تلعن الظلام الذي تبرز من خلاله ملامح حسين محب وهو يهمس في أذنيك " شل قلبي شل" ليدعوك نحو قراءة طلامس السجن بعنفوان الأصالة وأبجدية الموسيقى فتغني حينها بصوتك الشجي "رغم كيد الأعادي"... وحدك الليلة من يستحق فواكهة الجنة وأكاليل المحبة وتراجيديا التضحية لا ملامح غير سحنات وجهك يجب أن تزين جدران وجنبات السوشال ميديا ، فمن ذا غيرك يستحق غزل القصائد ، وسرد أناشيد الوفاء ، صبر ساعة تجلد حاكم طاغ حتى تهوي به في قعر بؤسه وخيبته سبعون ذراعا. "من آخر باص في المدينة ... عائد للمنزل".
