السأم الذي يتعرض له الإنسان في موطنه هو ما يجعله يفرط في الغضب تجاهه ويقسو أكثر ويشتم أكثر على بلاده مما يتعرض له من جحيم المعاناة في حياته اليومية. ثمة من يعصبون على الجرح اليومي وهم متمسكين في حب بلدانهم التي يتذوقون فيها مرارة الوجع من أجل الحصول على أبسط الحقوق، عدا دفع الثمن فالطريق أمامك سالكة ستدفع الثمن في أول لحظة تفكر فيها، كل شيء صعب هنا إلا المعاناة في متناول الجميع. حتى حين تنتهي الحروب يجحد الوطن ما قدمته، ويغلق الأبواب في وجه أبنائه. بلاد تنزف روحك من أجلها، لكن حين تحتاج إليها تُدير لك ظهرها، هذا السام والجحيم يدفعك إلى احتقار الوطن ، ولهذا قال كورتازار، المنفى كان أفضل وسيلة لضمان الوفاء للوطن. نحتاج الرحيل إلى البعيد لكي نبقى أوفياء لأوطاننا.