خطوة إنسانية تخفف المعاناة.. السعودية ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين    انعقاد اللقاء الأسبوعي الخامس بين الحكومة والقطاع الخاص    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية الصيانة الدورية لشبكة الطرق    تنفيذية انتقالي لحج تشيد بالحشود الجماهيرية لأبناء المحافظة إلى ساحة الاعتصام بعدن    وقفة لأبناء صنعاء القديمة نصرة للقرآن الكريم    1.6 مليون فلسطيني يواجهون المجاعة في غزة ووفاة 1200 مريض بسبب الحصار    لقاء موسع للعلماء بالعاصمة صنعاء انتصارًا للقرآن الكريم    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    الرئيس:لن نقبل بتحويل الشراكة إلى تمرد وعلى الجميع منع انزلاق البلاد نحو صدام داخلي    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    الأمريكي للعدالة يرحب باتفاق مسقط ويدعو المليشيا للوفاء بالتزاماتها وإطلاق جميع المختطفين    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    تهديد بالتحالف مع الحوثي.. حين تنكشف عقيدة الشرعية وتُسقط آخر أقنعتها    قيادات يمنية تهدد بالتحالف مع الحوثي ضد الجنوب.. صمت بن بريك والزنداني    بن حبتور يعزّي في رحيل الأكاديمي اليمني أحمد بامشموس    النازحون.. عامٌ من القطيعة    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية تطوير البنى التحتية لمطار عدن الدولي    فعاليات ثقافية بمديريات محافظة صنعاء احتفاءً بجمعة رجب وتأكيداً على الهوية الإيمانية    جامع الشعب.. تدشين أنشطة جمعة رجب وفعاليات الهوية الإيمانية بحضور علمائي ونخبوي واسع    الذهب يسجل مستوى قياسيا ويقترب من حاجز 4,500 دولار للأونصة    اتلاف 20 طنا بضائع منتهية الصلاحية في البيضاء    سفراء بريطانيا فرنسا ألمانيا هولندا والاتحاد الأوروبي يؤكدون التزامهم بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    البنك المركزي يوقف تراخيص عدد من شركات الصرافة المخالفة ويغلق مقراتها    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم أحمد بامطرف    برنامج الأغذية العالمي يعلن استمرار تعليق أنشطته في مناطق سيطرة سلطات صنعاء    وجعي عليك يا حاشد    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    رئيس مجلس الشورى يعزّي في وفاة القاضي محمد عبدالله عبدالمغني    مخيم طبي مجاني لإزالة المياه البيضاء وزراعة العدسات بالحديدة    نابولي بطلا للسوبر الإيطالي على حساب بولونيا    بين "سايكس بيكو" القديمة و"أجندة التقسيم" الجديدة: اليمن في عين العاصفة    الابتزاز الرخيص آخر وسائل الشرعية    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    أبين.. إصابة 3 جنود من الحزام الأمني جراء هجوم بطائرة مسيّرة    الصحفي والناشط الحقوقي نشوان النظاري    تواصل منافسات بطولة الرماية المفتوحة للسيدات والناشئات    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزّي في وفاة الشيخ حسين جابر بن شعيلة    هيئة المواصفات تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    رشيد تعز يفوز على تضامن شبوة في دوري الدرجة الثانية    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    الإصلاح بحجة ينعى الشيخ مبخوت السعيدي ويذكّر بمواقفه الوطنية وتصديه للمشروع الحوثي    فيفا: السعودية معقل كرة القدم الجديد    اغتيال جنرال في الجيش الروسي في موسكو    الذهب يتجاوز 4400 دولار للأونصة والفضة عند مستوى تاريخي    الأرصاد يتوقع أجواء شديدة البرودة وتشكّل الصقيع    المغرب يفتتح كأس إفريقيا 2025 بهدفين رائعين في شباك جزر القمر    خلال مراسم تشييع جثمان الصحفي الأميري.. المشيعون: الإعلام اليمني فقد أحد الأقلام الحرة التي حملت هموم الوطن    مرض الفشل الكلوي (33)    الدوري الاسباني: برشلونة يهزم فياريال ويؤكد انفراده بالصدارة    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تثبيت الهدنة قبل انهيارها
نشر في المشهد اليمني يوم 25 - 05 - 2022

للمرة الأولى منذ سبع سنوات، أمضى اليمنيون شهر رمضان بلا هلع وقلق من قصف يقض مضاجعهم، وذلك على الرغم من بعض الانتهاكات المتوقعة في محيط مأرب وتعز على وجه الخصوص، وجاء الإعلان عن الهدنة محققاً اختراقاً إنسانياً وأخلاقياً انتظره كل يمني ليخفف من معاناة الراغبين في السفر والعودة عبر مطار صنعاء بعد إغلاق غير مبرر وغير محرز لأي إنجاز أمني مما روِّج له على مدى سنوات.
الأهم في هذه الهدنة، التي ستنتهي خلال أيام قليلة، أنها أولاً أتاحت فرصة للغالبية العظمى من اليمنيين المحاصرين في الداخل والعالقين في الخارج لالتقاط أنفاسهم لأيام معدودة ولري عطشهم لفسحة بعيداً من أصوات المدافع والقذائف وإطلاق النار العشوائي، وثانياً أنها أبرزت حيوية الدور الإقليمي وقذفت به صراحة إلى الواجهة لتثبيت الهدنة الحالية والبحث في استمرارها من أجل الإنسان اليمني المنهك الخائف والجائع ومن أجل الإقليم.
سيبرز سؤال يتكرر همساً عن إمكانية استمرار الهدنة وارتباطها بالعملية السياسية إجمالاً... والجواب هو أن الأولى مقدمة منطقية للثانية. وهذا أمر فيه جانب كبير من الصحة. ولكن المنطقي أيضاً هو أن العملية السياسية ما عادت شأناً يمنياً خالصاً بعد دخول الحرب عامها الثامن واختلاط المحلي بالإقليمي مع التذكير بأنها ما كانت لتندلع لولا التدخل الإقليمي الذي أقلقته التحولات المفاجئة في صنعاء بعد سبتمبر (أيلول) 2014. ثم بعد ذلك، تضخمت المصالح المحلية الخاصة المستفيدة من استمرار الحرب وتصديها لشروط وقفها قبل بدء البحث عن العملية السياسية.
قد تبدو الأمور يسيرة ومفهومة على السطح، لكن اليمن ليس ذاك البلد الذي يمكن التعامل مع تعقيداته المحلية بكل مستوياتها الجغرافية والتاريخية والمذهبية من دون معرفة مجمل تفاصيله المجتمعية. وهذا أمر أخفقت فيه كل قوة خارجية حاولت بسط نفوذها على مجمل المساحة اليمنية من دون اهتمام بأغوار التفاصيل الصغيرة التي تتحطم أمامها طموحات لا تحاكي ولا تقترب من الواقع.
وفي الواقع، فإن مشاورات الرياض التي عقدت بين 29 مارس (آذار) 2022 و7 أبريل (نيسان) 2022، كانت من الفرص الثمينة لحوار يمني جاد ومثمر لولا غياب جماعة أنصار الله الحوثية (كما أسماها رئيس الحكومة حين ألقى البيان الختامي للمشاورات). وهكذا، صارت المشاورات تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج حواراً بلون واحد تقريباً، ومن الضروري تفهم قرار الحوثيين بعدم الحضور إلى الرياض لأنهم يرون أن المحاور الحقيقي والجاد والقادر هو المملكة العربية السعودية، ويعلنون صراحة أن الأطراف اليمنية ليست نداً وليست ذات حق للبحث في التسوية النهائية وأنها لا تمتلك القرار السياسي.
يجب الاعتراف بأن شكوكاً وأسئلة كثيرة صاحبت، وما زالت، ما دار في المشاورات اليمنية - اليمنية في الرياض، إلا أن ما حدث بعدها وتم الإعلان عنه يمكن استغلاله للدفع بالأحداث خطوة إيجابية إلى الأمام، إذا ما أحسنت الأطراف الفاعلة على الأرض التعامل في ما بينها، على الرغم من التناقضات التي تفرقها في غاياتها النهائية. ولا يكفي التعويل هنا على دور التحالف المحوري في مخرجات المشاورات، بل إن الأصل هو في إدارة الأوضاع بواقعية، ومن دون بث الآمال التي لا أساس لها في الواقع ولا قدرة على تحويلها إلى مشاريع حقيقية تخفف من الفقر وسوء الخدمات ومن أعداد البطالة المرتفعة التي تشكل البيئة الحاضنة والرئيسة لتجنيد الشباب وجذبهم نحو الجماعات الإرهابية.
اليوم، تظهر مرحلة نرى ملامحها بجلاء بأنها أشد قتامة مما مضى بفعل استمرار التناحر الداخلي والأوضاع الدولية الضاغطة على العالم، في ما يخص المواد الغذائية والوقود وارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة مع ندرة في الكميات المعروضة في الأسواق. وهذه قضايا لا يمكن التعويل على الإقليم لمساعدة اليمن على تجاوزها، ولا التوقع من المجتمع الدولي أن ينتبه إليها، ذلك أن الجميع واقع تحت ضغوط الظروف نفسها مع اختلاف القدرات على احتمالها والتعامل معها وتحمل كلفها المادية الباهظة.
وهكذا، يصبح من المهم استخدام ما تبقى من الحكمة والعقل والضمير عند المتحاربين، ويبدأ ذلك بأن يتفهموا ضرورة الفصل بين الممكن والمطلوب.
لا ينتبه الداعون إلى استعجال العملية السياسية أنها مسار طويل معقد وغير معروفة النتائج النهائىة، لأنها مرتبطة بحسابات متغيرة لما يجري على الأرض والتبدلات المستمرة وموازين القوى وما يمتلكه كل طرف من المساحات الجغرافية. ومثل هذا المسار يصعب احتماله على المواطنين الرازحين تحت وطأة المعاناة والخوف من الحاضر، ناهيك عن المستقبل الذي يجهلون مآلاته مستسلمين له.
في الجهة المقابلة، إن الحديث يجب أن يركز على إنجاح المساعي التي تنادي بتثبيت الهدنة لأشهر مقبلة، وهي على الرغم من بداياتها المتعثرة تجاوزت مرحلة الانطلاق نحو الاستمرارية، وقد تم تشغيل مطار صنعاء (وإن مرحلياً بصورة غير دائمة) والسماح بكميات من الوقود عبر ميناء الحديدة... وأخيراً، ستكون المباحثات التي طال انتظارها خطوة عظيمة في طريق التخفيف من الحصار الذي خنق مدينة تعز وضواحيها ومزق رقعتها الجغرافية أوصالاً وخلق حالاً من المعاناة الإنسانية التي أرهقت الناس وزادت من كلفة التنقل، فانعكس ذلك على أسعار البضائع.
إن الحديث عن معبر الحوبان صار قضية دولية، وهو مؤشر على تدهور المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عند القيادات التي لم تستجب للنداءات والمساعي والمقترحات لفتح المعبر ولو لساعات قليلة للتخفيف عن المرضى والعاجزين والأطفال ولتقليل كلفة نقل البضائع إلى المدينة وضواحيها.
وإذا كان الكلام مركزاً، وعن حق، على معبر الحوبان، فلا بد من الحديث عن الطرق التي تربط بين عدن وصنعاء عبر الضالع، وطريق كرش الذي يربط عدن بتعز، والطريق الذي يربط بين مأرب وصنعاء.
لقد أكدت مراراً أن فتح الطرق سيسمح بتنقل الناس بسهولة، وكذلك البضائع. وهذا، إذا ما أنجز، سيخلق انفراجاً نفسياً ومجتمعياً يمكن التعويل عليه بقوة لتحقيق مصالحات مجتمعية داخلية ستكون هي الأساس للتوصل إلى مصالحة وطنية شاملة لا أتصور أنها قريبة منا كما نأمل.
*نقلًا عن إندبندنت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.