أربعة شهداء و13 جريحاً من القوات الجنوبية بهجوم إرهابي في أبين    بن بريك: مغامرة إصلاح إقتصادي في ظل أزمة وفساد    البيت الأبيض يحاول منع نتنياهو من الانسحاب من اتفاق غزة    القانون يطبق على الجميع    سام تدين استمرار اختطاف المحامي صبرة وتدعو لتحرك عاجل للضغط على المليشيا لإطلاقه    الشؤون الاجتماعية تدين انتهاكات المليشيا وتدعو المنظمات لنقل مقراتها إلى عدن    "ذي كريدل": الانتخابات السورية الأخيرة 'شكلية وبنيت على الطاعة'    الكرسي والوطن    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    عدن تغرق في الظلام لليوم الثاني.. خطر وشيك على المياه والصرف الصحي    عدن.. الإفراج عن طيار في الخطوط الجوية اليمنية    خبير في الطقس: منخفض مداري عميق في بحر العرب وصقيع خفيف في بعض المرتفعات    خبير اقتصادي يكشف عن حجم خسائر الكيان من الحصار اليمني    إيران تفرض معادلات جديدة في الملف النووي والصاروخي    مقتل أكثر من 10 مرتزقة كولومبيين في مقاطعة خاركوف    أقوى 6 مباريات في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا    حادث مروري مروّع في مأرب يودي بحياة أكثر من 10 ركاب (أسماء)    ارتفاع ضحايا انفجار مأرب إلى 18 قتيلاً وجريحاً على طريق الموت بالعبر    دورة أوساكا.. ليلى تقصي تيريزا وتتوج باللقب    رباعية تمنح الأهلي أكبر فوز على الفرق القطرية    برشلونة يمنح ألفاريز السعادة في أتلتيكو    عرض أزياء يمني في ماليزيا    الجنوب العربي يمثل بوابة مصر نحو المستقبل، والبحر هو طريقها إلى السيادة.    الإعلام الإخواني... صوت الفتنة ضد الجنوب    يدعم مؤسسة المياه ب20 ألف لتر ديزل لضمان استمرار إمدادات المياه    الجنوب بين العتمة والحق.. معركة البقاء من أجل الدولة والحياة    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    هم لدينا وديعة فقط.. وتهمتهم التواصل مع منزل    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    المغرب يتوج بلقب كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    "تنمية المهارات" يؤهل 20 كادر من مؤسسة الشهيد زيد مصلح في المونتاج والجرافيك    مرض الفشل الكلوي (24)    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مختل عقلياً في قسم شرطة بإب    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    الخدمة المدنية بعدن تعلن عن فتاوى لآلاف الوظائف الجديدة وتتجنب الحديث عن معايير توزيعها    انقطاع الكهرباء في عدن يهدد بتوقف خدمات المياه والصرف الصحي    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    برشلونة غارق في الديون: 159 مليون يورو مستحقة لأندية أوروبا    الراية الثقيلة... عام على رحيل صالح الناخبي الحاضر في الغياب    الونسو: مبابي لاعب حاسم يمنحنا النقاط، وهذا ما نحتاجه    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    ريال مدريد يستعيد صدارة الليجا على أنقاض خيتافي    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن. "17"    فيما تم تدمير 300 لغم من مخلفات العدوان .. المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يبحث توسيع الشراكة والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزي الشيخ نائف العكيمي في وفاة والده    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تثبيت الهدنة قبل انهيارها
نشر في المشهد اليمني يوم 25 - 05 - 2022

للمرة الأولى منذ سبع سنوات، أمضى اليمنيون شهر رمضان بلا هلع وقلق من قصف يقض مضاجعهم، وذلك على الرغم من بعض الانتهاكات المتوقعة في محيط مأرب وتعز على وجه الخصوص، وجاء الإعلان عن الهدنة محققاً اختراقاً إنسانياً وأخلاقياً انتظره كل يمني ليخفف من معاناة الراغبين في السفر والعودة عبر مطار صنعاء بعد إغلاق غير مبرر وغير محرز لأي إنجاز أمني مما روِّج له على مدى سنوات.
الأهم في هذه الهدنة، التي ستنتهي خلال أيام قليلة، أنها أولاً أتاحت فرصة للغالبية العظمى من اليمنيين المحاصرين في الداخل والعالقين في الخارج لالتقاط أنفاسهم لأيام معدودة ولري عطشهم لفسحة بعيداً من أصوات المدافع والقذائف وإطلاق النار العشوائي، وثانياً أنها أبرزت حيوية الدور الإقليمي وقذفت به صراحة إلى الواجهة لتثبيت الهدنة الحالية والبحث في استمرارها من أجل الإنسان اليمني المنهك الخائف والجائع ومن أجل الإقليم.
سيبرز سؤال يتكرر همساً عن إمكانية استمرار الهدنة وارتباطها بالعملية السياسية إجمالاً... والجواب هو أن الأولى مقدمة منطقية للثانية. وهذا أمر فيه جانب كبير من الصحة. ولكن المنطقي أيضاً هو أن العملية السياسية ما عادت شأناً يمنياً خالصاً بعد دخول الحرب عامها الثامن واختلاط المحلي بالإقليمي مع التذكير بأنها ما كانت لتندلع لولا التدخل الإقليمي الذي أقلقته التحولات المفاجئة في صنعاء بعد سبتمبر (أيلول) 2014. ثم بعد ذلك، تضخمت المصالح المحلية الخاصة المستفيدة من استمرار الحرب وتصديها لشروط وقفها قبل بدء البحث عن العملية السياسية.
قد تبدو الأمور يسيرة ومفهومة على السطح، لكن اليمن ليس ذاك البلد الذي يمكن التعامل مع تعقيداته المحلية بكل مستوياتها الجغرافية والتاريخية والمذهبية من دون معرفة مجمل تفاصيله المجتمعية. وهذا أمر أخفقت فيه كل قوة خارجية حاولت بسط نفوذها على مجمل المساحة اليمنية من دون اهتمام بأغوار التفاصيل الصغيرة التي تتحطم أمامها طموحات لا تحاكي ولا تقترب من الواقع.
وفي الواقع، فإن مشاورات الرياض التي عقدت بين 29 مارس (آذار) 2022 و7 أبريل (نيسان) 2022، كانت من الفرص الثمينة لحوار يمني جاد ومثمر لولا غياب جماعة أنصار الله الحوثية (كما أسماها رئيس الحكومة حين ألقى البيان الختامي للمشاورات). وهكذا، صارت المشاورات تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج حواراً بلون واحد تقريباً، ومن الضروري تفهم قرار الحوثيين بعدم الحضور إلى الرياض لأنهم يرون أن المحاور الحقيقي والجاد والقادر هو المملكة العربية السعودية، ويعلنون صراحة أن الأطراف اليمنية ليست نداً وليست ذات حق للبحث في التسوية النهائية وأنها لا تمتلك القرار السياسي.
يجب الاعتراف بأن شكوكاً وأسئلة كثيرة صاحبت، وما زالت، ما دار في المشاورات اليمنية - اليمنية في الرياض، إلا أن ما حدث بعدها وتم الإعلان عنه يمكن استغلاله للدفع بالأحداث خطوة إيجابية إلى الأمام، إذا ما أحسنت الأطراف الفاعلة على الأرض التعامل في ما بينها، على الرغم من التناقضات التي تفرقها في غاياتها النهائية. ولا يكفي التعويل هنا على دور التحالف المحوري في مخرجات المشاورات، بل إن الأصل هو في إدارة الأوضاع بواقعية، ومن دون بث الآمال التي لا أساس لها في الواقع ولا قدرة على تحويلها إلى مشاريع حقيقية تخفف من الفقر وسوء الخدمات ومن أعداد البطالة المرتفعة التي تشكل البيئة الحاضنة والرئيسة لتجنيد الشباب وجذبهم نحو الجماعات الإرهابية.
اليوم، تظهر مرحلة نرى ملامحها بجلاء بأنها أشد قتامة مما مضى بفعل استمرار التناحر الداخلي والأوضاع الدولية الضاغطة على العالم، في ما يخص المواد الغذائية والوقود وارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة مع ندرة في الكميات المعروضة في الأسواق. وهذه قضايا لا يمكن التعويل على الإقليم لمساعدة اليمن على تجاوزها، ولا التوقع من المجتمع الدولي أن ينتبه إليها، ذلك أن الجميع واقع تحت ضغوط الظروف نفسها مع اختلاف القدرات على احتمالها والتعامل معها وتحمل كلفها المادية الباهظة.
وهكذا، يصبح من المهم استخدام ما تبقى من الحكمة والعقل والضمير عند المتحاربين، ويبدأ ذلك بأن يتفهموا ضرورة الفصل بين الممكن والمطلوب.
لا ينتبه الداعون إلى استعجال العملية السياسية أنها مسار طويل معقد وغير معروفة النتائج النهائىة، لأنها مرتبطة بحسابات متغيرة لما يجري على الأرض والتبدلات المستمرة وموازين القوى وما يمتلكه كل طرف من المساحات الجغرافية. ومثل هذا المسار يصعب احتماله على المواطنين الرازحين تحت وطأة المعاناة والخوف من الحاضر، ناهيك عن المستقبل الذي يجهلون مآلاته مستسلمين له.
في الجهة المقابلة، إن الحديث يجب أن يركز على إنجاح المساعي التي تنادي بتثبيت الهدنة لأشهر مقبلة، وهي على الرغم من بداياتها المتعثرة تجاوزت مرحلة الانطلاق نحو الاستمرارية، وقد تم تشغيل مطار صنعاء (وإن مرحلياً بصورة غير دائمة) والسماح بكميات من الوقود عبر ميناء الحديدة... وأخيراً، ستكون المباحثات التي طال انتظارها خطوة عظيمة في طريق التخفيف من الحصار الذي خنق مدينة تعز وضواحيها ومزق رقعتها الجغرافية أوصالاً وخلق حالاً من المعاناة الإنسانية التي أرهقت الناس وزادت من كلفة التنقل، فانعكس ذلك على أسعار البضائع.
إن الحديث عن معبر الحوبان صار قضية دولية، وهو مؤشر على تدهور المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عند القيادات التي لم تستجب للنداءات والمساعي والمقترحات لفتح المعبر ولو لساعات قليلة للتخفيف عن المرضى والعاجزين والأطفال ولتقليل كلفة نقل البضائع إلى المدينة وضواحيها.
وإذا كان الكلام مركزاً، وعن حق، على معبر الحوبان، فلا بد من الحديث عن الطرق التي تربط بين عدن وصنعاء عبر الضالع، وطريق كرش الذي يربط عدن بتعز، والطريق الذي يربط بين مأرب وصنعاء.
لقد أكدت مراراً أن فتح الطرق سيسمح بتنقل الناس بسهولة، وكذلك البضائع. وهذا، إذا ما أنجز، سيخلق انفراجاً نفسياً ومجتمعياً يمكن التعويل عليه بقوة لتحقيق مصالحات مجتمعية داخلية ستكون هي الأساس للتوصل إلى مصالحة وطنية شاملة لا أتصور أنها قريبة منا كما نأمل.
*نقلًا عن إندبندنت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.