العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هم آل البيت ولمن الولاية في القرآن؟
نشر في المشهد اليمني يوم 18 - 07 - 2022

المتدبر للقرآن تدبّرَ المعتبر لا المعتذر، سيلحظ أن قصة الخلاف بين آدم والشيطان على الخلافة والولاية العامة هي القصة المحورية التي ذكرها القرآن في سورة البقرة ثم في العديد من السور الأخرى، بما يؤكد أن موضوع الخلافة والولاية العامة من أصول الدين بخلاف ما ذهب إليه الكثير من علماء السنة.
ولو تدبُرنا سبب غضب الله على الشيطان وطرده من رحمته لوجدنا أن مشكلة الشيطان ليست في عدم إيمانه بالله فهو مؤمن بالله بصريح القرآن «قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» الحجر 36، وإنما مشكلته التي أخرجته من الدين وجعلته شيطاناُ هي مشكلة سياسية تتمثل في رفضه للتعيين الإلهي لآدم خليفة في الأرض «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً»البقرة 30، "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ«11» قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ«12» قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ«13»" الأعراف.
فهذه الأيات البينات تكشف بوضوح أن إبليس رفض خلافة آدم السياسية وولايته العامة بحجة وضاعة نسب آدم وأفضلية إبليس عنصراً ونسباً (قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) وأراد احتكار السلطة السياسية والخلافة في البطنين الملائكة والجن واشترط الأفضلية العنصرية كشرط من شروط الخلافة والولاية العامة (أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ).
وبهذا البيان القرآني يتبين لنا أن الذي صيّر رئيس الملائكة وطاووسهم شيطاناً هو خلافه مع الله سبحانه وتعالى حول الخلافة السياسية والولاية العامة وتكبره واستعلائه برفضه لخلافة آدم وبنيه من بعده بحجة وضاعة نسبهم وأفضليته العنصرية.
كما بيّن لنا القرآن الموقف الشرعي ممن يجعل الأفضلية العنصرية شرطاً من شروط الخلافة والولاية العامة بقوله تعالى: «قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ» الأعراف13 «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» البقرة 34.
فهاتان الآيتان الصريحتا الدلالة، قد أوضحتا موقف القرآن من كبر الشيطان عندما رفض خلافة آدم واشترط الأفضلية العنصرية كشرط من شروط الولاية بأنه كافر خارج عن الإسلام (اسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)، وبسبب هذا الخلاف انقسم العالم إلى ميدان للصراع السياسي بين الله والشيطان، بين حزب الله وحزب الشيطان.
حزب الله هم الذين يرون أن الخلافة والولاية العامة تصلح في كافة بني آدم الأعلم منهم والأتقى دون اشتراط أفضلية النسب والعنصر.
وحزب الشيطان هم الذين يرون أن الخلافة لا تصلح في عموم بني آدم وإنما يشترطون الأفضلية العنصرية وأفضلية النسب كشرط من شروط الخلافة.
ومن هذا المنطلق نقول إن اشتراط أفضلية النسب والعنصر كشرط للولاية هي منهجية الشيطان لا منهجية القرآن، ومن قال بها وفسر الدين تفسيراً عنصرياً قاصداً فهو من ذرية الشيطان لا من ذرية الإيمان «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً» الكهف 50، «فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ» الأعراف 30، «يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ» الأعراف 27.
وبهذا البيان القرآني الصريح الدلالة، ندرك أن نظرية الإمامة في المذهب الهادوي التي تحصر الولاية العامة في البطنين وتشترط أفضلية النسب والعنصر هي نظرية شيطانية استكبارية استعلائية مع أن الرسول (صلى الله عليه وسلّم) قال (كان الملك في حمير) فأبناء اليمن كانوا أول ملوك الأرض من بعد نوح عليه السلام والقرآن الكريم أكد الحقيقة التي أشار إليها الرسول، بقوله تعالى عن قوم عاد بلسان نبي الله هود عليه السلام جد اليمنيين «وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ «65» قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ «66» قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ «67» أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ «68» أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» الأعراف.
فأول خلفاء الأرض بعد نوح عليه السلام هم قوم عاد، وعاد هم أبناء اليمن، والرسول صلى الله عليه وسلّم الذي قال: (كان الملك في حمير) قال: (وسيعود إليهم) بما يؤكد شرعية تولي اليمنيين للولاية العامة والخلافة بخلاف نظرية الإمامة الشيطانية في المذهب التي حرمت أبناء اليمن من حقوقهم السياسية، ولم يكتفِ الأئمة بحرمان اليمنيين من قيادة أنفسهم وتولي السلطة بل قاموا بتقسيم المجتمع اليمني تقسيماً طبقياً بشعاً (طبقة السادة) و(طبقة العبيد) وهذا الكبر والاستعلاء الذي مارسه الأئمة على أبناء اليمن وصل إلى حد أن الأئمة فرضوا على أبناء اليمن إطلاق كلمة (سيدي) لأبناء الطبقة الأولى وتقبيل ركبهم ورفض الأئمة أن ينادي أبناء اليمن من زعموا أنهم سادة بكلمة (يا أخي) مع أن القرآن الكريم يقول (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وإذا أخطأ أحد اليمنيين وقال للسيد (يا أخي) يرد عليه بكل صلف (أخوك الكلب، سيدك وعينك)، فهل هذا الكبر والاستعلاء مذهب الشيطان أم مذهب القرآن.
ولم يكتفِ الأئمة باحتكار السلطة السياسية وتقسيم المجتمع تقسيماً طبقياً بشعاً (طبقة السادة وطبقة العبيد) بل فرضوا على أبناء اليمن سياسة الفقر والجهل والمرض وعملوا على إشعال العصبيات القبلية بين أبناء اليمن وإشعال الحروب الدائمة كما قال أحد الأئمة:
ولأضربنّ قبيلةً بقبيلةٍ
ولأتركنّ بيوتهن نياحا
وأبناء اليمن الذين كرّمهم الرسول بقوله: (الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان)، أهانهم الأئمة بأن فرضوا عليهم عند مراسلة الإمام أن يذيّلوا آخر الرسالة بكلمة (خادم تراب نعالكم)، وكان الأئمة يراسلون مشائخ القبائل برسائل يفتتحونها بقولهم (خدامتنا حاشد – خدامتنا بكيل) فهل هذا الكبر والإستعلاء من الإسلام في شيء.
وكل هذا الكبر والإستعلاء على أبناء اليمن مرّّره الإماميون تحت شعار أنهم آل رسول الله وأهل بيته.
وبعد أن أوضحت الموقف القرآني من نظرية الإمامة في المذهب الهادوي المحتكرة للولاية العامة والخلافة بدعوى الأفضلية العنصرية سأبين من هم آل البيت في المنظور القرآني بإيجاز على النحو التالي:
- أهل البيت وآل البيت في المنظور القرآني هم المنتسبون إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلّم) ديناً (المؤمنون) وليس المنتسبون للرسول طيناً (بني هاشم) لأن بيت النبوة هو بيت الدين وليس بيت الطين.
- وقوام هذا البيت هم المؤمنون لقوله تعالى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ".
- وهؤلاء المؤمنون أمهاتهم نساء النبي لقوله تعالى "وأزواجه أمهاتهم" والنبي أبو المؤمنين أبوّةَ دين لا أبوة طين.
- كما أن البيت قد تم تجسيده ب"الكعبة"، وأبو هذا البيت هو إبراهيم عليه السلام، وأبوّتُه هذه دينية لا طينية، لقوله تعالى "مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ".
- وبالتالي فآل إبراهيم وآل محمد صلى الله عليهم وسلم هم المؤمنون الطائفون بالبيت العتيق العاكفون الركع السجود وهذا المعنى العظيم يتجسد في كل حجٍّ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
- وأولياء بيت الله الحرام بيت النبوة، هم المتقون لا بني هاشم الزاعمين أنهم آل محمد صلى الله عليه وسلم ولا اليهود الزاعمين أنهم آل إبراهيم لقوله تعالى: «وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» الأنفال 34، وقوله تعالى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" وهذا ما أزعج الشيطان «قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً» الإسراء 62.
- ويتعزز هذا الفهم بأن أهل البيت وآل النبي هم الأتباع من المؤمنين المرتبطين به بآصرة الدين لا بآصرة الطين، بقوله تعالى رداً على نوح عليه السلام: "وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ «45» قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ «46» قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ «47»".
فالله سبحانه وتعالى يرد على نوح بقوله (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) مع أن ابن نوح هو ابنه من دمه، وهذا دليل قاطع على أن مفهوم الأهل والآل في القرآن يغلّب آصرة الدين على آصرة الطين ويعتبر أهل البيت وآل البيت هم الأتباع من المؤمنين ويتعزز هذا الفهم بأن الآل هم الأتباع من المؤمنين بقوله تعالى «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» آل عمران 68، ورحم الله عالم اليمن الكبير نشوان الحميري القائل في بيان من هم أهل البيت:
آلُ النبيّ هم أتباع ملّتهِ
من الأعاجم والسودان والعربِ
لو لم يكن آله إلا قرابتهُ
صلى المصلي على الطاغي أبي لهبِ
- كما أن الزاعمين بأحقيتهم بالولاية بدعوى أن لهم نسباً يرتبط بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فهذه الدعوى مردود عليها بالقرآن الذي أكد وحدة الأصل البشري فكل البشرية تتحدر من صلب أبينا آدم وهو رسول الله ونبيه، فإذا كان للانتساب بالرسل ميزة فهذه الميزة يشترك فيها كل البشر مسلمهم وكافرهم، فكل البشرية هم آل آدم وآل بيته، وصدق رسول الله القائل: (يا أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى) رواه الإمام البيهقي، من حديث جابر رضي الله عنه، وكذلك رواه أحمد في المسند (2 /361 ح8721) عن أبي هريرة بلفظ: "إن الله عز و جل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي والناس بنو آدم وآدم من تراب لينتهين أقوام فخرهم برجال أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن".
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "يقول الله يوم القيامة أيها الناس إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا فجعلت أكرمكم عند الله أتقاكم فأبيتم إلا أن تقولوا: فلان بن فلان وفلان أكرم من فلان وإني اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم ألا إن أوليائي المتقون". وأخرج الخطيب، عن علي رضي الله عنه نحوه مرفوعا.
فكل هذه الأحاديث أكدت وحدة الأصل البشري وأفضلية التقوى وقول الرسول عن ربه (وإني اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم ألا إن أوليائي المتقون)، تأكيد لما أسلفته من أن هناك نسب دين ونسب طين، وأن نسب الدين هو نسب الإيمان والتقوى.
ولا يسعنا في الأخير إلا أن نقول إن الذين يفسرون الدين تفسيراً عنصرياً يسيئون إلى أديانهم وإلى الرسل صلوات الله عليهم حيث يظهرون أديانهم وكأنها أديان عنصرية تحصر الحقوق السياسية في الهاشميين أو العرب في حين أن الإسلام دين عالمي نزل بالحقوق السياسية المتساوية لكافة بني آدم، بل إن القرآن أكد أن إرادة الله هي نصرة العبيد المستضعفين وخذلان السادة المستكبرين بجعل الولاية والإمامة فيهم دون المستكبرين لقوله تعالى: «وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» القصص 5، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلّم القائل: (اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة).. والله الهادي إلى سواء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.