سلطات مدينة تعز تفكك مخيمات الاعتصام بالقوة    لقاءات علمائية تندد بالإساءة للقرآن وتعتبرها حرب على هوية الأمة    الأرصاد: طقس بارد إلى بارد نسبيًا على المرتفعات    الأحد المقبل.. تدشين مخيم مجاني للعيون في الزهرة بالحديدة    تعز.. انفجار جوار مقر تجمع الإصلاح يخلف ضحايا    الإيطالي الذي أحب المكلا واعتنق الإسلام فيها    شبكة فوكس نيوز الأمريكية: الانتقالي الجنوبي يدعو واشنطن إلى شراكة أعمق مع الجنوب    المحافظ لملس يعزّي الصحفي صلاح السقلدي في وفاة والدته    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري حسين عبده الحداد    الترب:ليكن 2026 عام تطهير اليمن من الخونة وعملاء السعودية والامارات    اجتماع أمني بصنعاء يؤكد على سرعة انجاز القضايا    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    من بنى الأهرامات؟ عالم آثار مصري يشتبك مع عالم زلازل هولندي    الانتقالي و«إسرائيل».. تطبيع سياسي وأمني تحت مظلة أبو ظبي    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    بالهوية الجنوبية لا باليمننة يتحقق الاستقلال    مبارزو الأمانة يحصدون ذهب بطولة منتخبات المحافظات وصنعاء وصيفا وتعز ثالثًا    أستاذ قانون دولي: تغطية إعلامية إقليمية ودولية غير مسبوقة تدفع القضية الجنوبية للصدارة    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    بعد أن أُوصِدت في وجهه أبواب الإنصاف.. رجل أعمال يقرّر الرحيل إلى مرّان بصعدة    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    الصحفي والمقدم الإذاعي المتميز محمد السامعي    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    أيها المؤرخ العلم: ما نسيناك !    بوادر أزمة غاز جديدة وقطاع قبلي في مأرب على ذمة أحداث حضرموت    الرئيس المشاط يعزّي الشيخ عبدالله الرزامي في وفاة أخته    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    تفقد سير أعمال الترميم في جامع الجند التاريخي    الخراز يكشف عن اختلاس مليشيا الحوثي ل 7 مليون دولار من التمويلات الدولية لليمن    الرئيس الزُبيدي يزور وزارة المياه والبيئة ويطّلع على المشاريع المنفذة لتعزيز الموارد المائية    ضبط زعيمة تهريب في المياه الاقليمية بقطاع خليج عدن    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    اليابان تقدم حزمة مساعدات إنسانية جديدة لليمن بقيمة 13.8 مليون دولار    اليمنية تفرض شروط جديدة على المسافرين بنظام الترانزيت إلى جيبوتي    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير محبوب علي    أزمات خانقة تضرب المحافظات المحتلة: الغاز والوقود والرغيف تتزامن وسط انهيار الخدمات    الماجستير بامتياز للباحث عبدالله صبرة من الاكاديمية اليمنية العليا بصنعاء    إنشاء أكبر بحيرة مائية في أمانة العاصمة    هامبتون تتوج بجائزة فيفا لافضل حارسة مرمى في العالم 2025    اوفالي تتوج بجائزة فيفا مارتا 2025 لأجمل هدف في كرة القدم النسائية    دوناروما الأفضل في العالم: جائزة تاريخية لحارس إيطاليا في 2025    الأرصاد تتوقع أمطاراً متفرقة وانخفاضاً في درجات الحرارة    صباح المسيح الدجال:    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    مرض الفشل الكلوي (32)    الصحفي والمراسل التلفزيوني المتألق أحمد الشلفي …    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
نشر في المشهد اليمني يوم 26 - 01 - 2023


مقالات
منذر فؤاد
منذ اقتحام الحوثيين سوق القرية، وإقامتهم نقاط تفتيش أمنية على طول الطريق المؤدّي للقرية، لم تنعم القرية وساكنوها بالأمن والسكينة، بل أضحت ساحة حرب ونقطة تماس في آن. أحدثكم عن قريتي الآن، لربما أجد في حديثي هذا تخفيفاً عمّا يعتمل في نفسي.
قبل اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، كان كثير من الآباء والأمهات في القرية يحدثون أبناءهم عن سماعهم أصوات الانفجارات القادمة من المناطق القريبة من عدن خلال حرب صيف 1994، لكن أيّا منهم لم يكن يتوقع أن تصبح هذه الأصوات حاضرة في القرية، بفعل الصلف المليشياوي للحوثيين، وإصرارهم على إيصال أصوات الحرب إلى قرى نائية لم تعرف الحرب منذ عقود، وربما قرون طويلة، كما حال قريتي.
تحوّل السوق بعد دخول الحوثيين إليه إلى منطقة ميتة في غالب الأيام، بعد أن كان يملأه الصخب والضجيج، ونقاشات مرتاديه في شتى المواضيع. ولا أزال أتذكر الفارق المذهل بين رمضان في عهد ما قبل دخول الحوثي وما بعد دخوله، إذ كانت الحركة تدب في أوصال السوق عقب صلاة التراويح، لكنها خبَت تدريجيا بعد اقتحامهم للسوق.
لم تكن سيطرة الحوثيين على السوق مجرّد سيطرة على مكان يعجّ بالحركة، فقد أهانوا فيه أناس كثيرين، وفي ذلك حوادث عدة مروية. أحدهم تبوّل داخل سرواله بعدما صوّب مسلح حوثي البندقية باتجاهه وأمطر محيطه بالرصاص، إرهاباً له بسبب إلقائه القمامة في مكان قريب من نقطة تفتيش حوثية، وآخرين اتخذ منهم مشرف حوثي (ذات مرة) درعاً بشرياً؛ إذ رصّهم في صفّ واحد خلفه، ثم بدأ بإطلاق نيران رشاشه باتجاه موقع قريب للجيش، فإذا ما ردّ هذا الأخير يكون الدرع البشري جاهزاً لتلقي الرصاص. أرأيتم سفالة كهذه؟
وإذا ما انتقلنا للجبايات المالية التي يأخذها الحوثيون، عنوةً وطوعاً، من التجار، أو من المتشاكين إليهم من المواطنين في قضايا خلافية، أو من سائقي السيارات والمواطنين في نقاط التفتيش، فسنجد أنّ ثمّة تجارة رابحة تجري في أوردة الحوثيين، ومالاً حراماً يتنفسونه في رئاتهم، تجعلهم يستلذون البقاء أكثر في المكان، ما بقي المال في الجيوب، وهذا حال كثير من قرى الريف التي لا تشكل أهمية عسكرية للحوثيين سوى أنها تدر مالاً.
يشعر الأهالي أنّ القرية لم تعد قريتهم، والتراب الذي يدنسه الحوثيون لم يعد يحمل الرائحة نفسها التي احتفظوا بها زمناً طويلاً في تلافيف الذاكرة
أما نقاط التفتيش الأمنية، فقد حوّلها الحوثيون إلى ساحة للقتل، ولتذكير المواطنين بالإهانة التي يعيشونها، ذلك أنّ هذه النقاط المقامة على مداخل القرية لا تكف عن استفزاز وابتزاز المواطنين، ولك أن تتخيّل كم هو مهين أن تسافر ساعات طويلة، وعند وصولك إلى باب قريتك، يطلب منك الغريب الحوثي هويتك الشخصية ليسمح لك بالمرور، وتارة يتهمك بالدعشنة لأنه لم يرك سابقا، أو لأنّ طريقة كلامك لم تعجبه، وكم حبس أبرياء ساعات طويلة لمجرّد الاشتباه بهم أو لعدم امتلاكهم هويات شخصية، وإذا كان هذا حال قرية سيطروا على مدخلها، فما يكون حال اليمن بأكمله إذا أحكموا سيطرتهم عليه؟
في أحد أيام عيد الفطر المبارك 1442ه، مرّ شاب من أبناء المنطقة بدراجته النارية أمام نقطة تفتيش حوثية مرابطة عند أحد المداخل، وعلى الرغم من معرفة الحوثيين بالشاب ومروره مرّات لا تحصى أمامهم، فقد أصرّوا على طلب هويته الشخصية، ولما لم يعجبهم الرد، أردوه قتيلا في الحال، وفي حين نجا القاتل بجلده وهرب، ما زال القتيل في ثلاجة الموتى حتى يومنا هذا!
لقد هزت الجريمة وجدان كثيرين، وأيقظت ضمائر بقيت خائفة طوال الوقت، لكن مع مرور الوقت خفت الغضب، وعاد الخوف إلى الناس، وعادت النقطة الأمنية إلى مكانها بعدما غادرتها مؤقتاً تحسّباً لردّة فعل الأهالي، أما المضحك في هذه الجريمة، فهو ما أظهره المشرف الحوثي من مرونة للناس، إذ سمح لهم باستخدام هواتفهم المحمولة في السوق بكلّ حرية، بعد أن كانوا يخفونها في جيوبهم خشية المصادرة أو تفتيشها وابتزازهم بما تحويه من رسائل تسيء للحوثيين الغرباء!
لقد عشت قرابة ثلاثة عقود في قريتي، لكن جزءاً منها على الأقل بات غريباً عني الآن، والعيش فيها لم يعد مصدر أمان لقاطنين كثر وأنا منهم. إنهم يشعرون بأن القرية التي يحيط بها الغرباء لم تعد قريتهم، والتراب الذي يدنسه الحوثيون لم يعد يحمل الرائحة نفسها التي احتفظوا بها زمناً طويلاً في تلافيف الذاكرة.
*العربي الجديد
* اليمن
* الحوثي
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.