وزير الخارجية اليمني يتبرأ من تصريحات نائبه حول التحالف مع الحوثيين ضد الجنوب    الذهب والفضة يحطمان مستويات تاريخية مجددا    جامع الشعب.. تدشين أنشطة جمعة رجب وفعاليات الهوية الإيمانية بحضور علمائي ونخبوي واسع    فعاليات ثقافية بمديريات محافظة صنعاء احتفاءً بجمعة رجب وتأكيداً على الهوية الإيمانية    الذهب يسجل مستوى قياسيا ويقترب من حاجز 4,500 دولار للأونصة    البنك المركزي يوقف تراخيص عدد من شركات الصرافة المخالفة ويغلق مقراتها    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم أحمد بامطرف    اتلاف 20 طنا بضائع منتهية الصلاحية في البيضاء    سفراء بريطانيا فرنسا ألمانيا هولندا والاتحاد الأوروبي يؤكدون التزامهم بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    برنامج الأغذية العالمي يعلن استمرار تعليق أنشطته في مناطق سيطرة سلطات صنعاء    إصابة مواطن بنيران العدو السعودي في منبه بصعدة    وجعي عليك يا حاشد    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تداعيات ما بعد أحداث حضرموت    رئيس مجلس الشورى يعزّي في وفاة القاضي محمد عبدالله عبدالمغني    مخيم طبي مجاني لإزالة المياه البيضاء وزراعة العدسات بالحديدة    محمد منصور: المال الخليجي يصنع الفوضى في اليمن والمنطقة    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    نابولي بطلا للسوبر الإيطالي على حساب بولونيا    بين "سايكس بيكو" القديمة و"أجندة التقسيم" الجديدة: اليمن في عين العاصفة    رويترز: أميركا تنفذ جولات استطلاع فوق نيجيريا بعد تهديدات ترامب    الابتزاز الرخيص آخر وسائل الشرعية    حسابات مصطفى النعمان السياسية.. حين يُستدعى الحوثي كورقة ضغط على السعودية    تصريحات النعمان تفضح إفلاس الشرعية وسقوطا أخلاقيا يكشف رغبة بالتحالف مع الحوثي    أبين.. إصابة 3 جنود من الحزام الأمني جراء هجوم بطائرة مسيّرة    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    الصحفي والناشط الحقوقي نشوان النظاري    تواصل منافسات بطولة الرماية المفتوحة للسيدات والناشئات    صنعاء : تخصيص 600 مليون ريال للمشاريع الصغيرة وعدم منح أي تصريح لأي مول    ما الذي يعنيه تعليق صندوق النقد أنشطته في اليمن؟    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزّي في وفاة الشيخ حسين جابر بن شعيلة    هيئة المواصفات تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    رشيد تعز يفوز على تضامن شبوة في دوري الدرجة الثانية    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    خبير مصري: إخوان اليمن يلتقون المخابرات البريطانية    خطوة إيرانية لتشويه الجنوب واستهداف الانتقالي    الإصلاح بحجة ينعى الشيخ مبخوت السعيدي ويذكّر بمواقفه الوطنية وتصديه للمشروع الحوثي    فيفا: السعودية معقل كرة القدم الجديد    الذهب يتجاوز 4400 دولار للأونصة والفضة عند مستوى تاريخي    اغتيال جنرال في الجيش الروسي في موسكو    الأرصاد يتوقع أجواء شديدة البرودة وتشكّل الصقيع    المغرب يفتتح كأس إفريقيا 2025 بهدفين رائعين في شباك جزر القمر    خلال مراسم تشييع جثمان الصحفي الأميري.. المشيعون: الإعلام اليمني فقد أحد الأقلام الحرة التي حملت هموم الوطن    بهويته الإيمانية.. شعب الحكمة والإيمان ينتصر للقرآن    مرض الفشل الكلوي (33)    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي ملاك وممثلي معامل الدباغة ومصانع الجلديات    الدوري الاسباني: برشلونة يهزم فياريال ويؤكد انفراده بالصدارة    تدشين البطولة المفتوحة للرماية للسيدات والناشئات بصنعاء    تقرير أممي: ثلث الأسر اليمنية تعيش حرمانًا غذائيًا حادًا    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاهة المقدسة
نشر في المشهد اليمني يوم 13 - 07 - 2023


مقالات
د.محمد جميح
هناك تقدم تكنولوجي مذهل اختصر المسافات والأزمنة من جهة، ومن جهة أخرى هناك توظيف لهذا التقدم المذهل في نشر وتقديس كل أنواع «التفاهة».
ولنا أن نتصور كيف توظف آخر مبتكرات التكنولوجيا في مجال «التواصل والاتصال« في نشر الخرافة، وتزيين الجهل، وتزييف المعلومة، و«تقديس التفاهة» وتضليل الجمهور.
واليوم يوظف القادة الدينيون تلك المبتكرات لخداع المؤمنين عن طريق الكثير من المعتقدات التافهة التي صنعوها هم ثم نسبوها لله، والقادة السياسيون يوظفونها لخداع الجمهور، بنشر الشعارات التافهة التي ابتكروها هم ثم نسبوها للقيم.
وتظهر اليوم ملايين القنوات الفضائية والرقمية التي تتحدث عن السحر والشعوذة والحروز وطرد الجان من الإنسان، والمقويات الجنسية، ناهيك عن نشر الشعوذة السياسية والأيديولوجية، وغسل أدمغة الناس، وسرقة أموالهم، وألعاب بهلوانية من أشكال وأنواع مختلفة، عدا عن قنوات الإثارة التي تربح الكثير بعزفها على الأوتار الغرائزية.
في اليمن فتحت جامعة ذمار الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي أبوابها للطلبة للعام الأكاديمي 2023-2024، وبعد شهرين من فتح أبواب التسجيل لم يتجاوز عدد المسجلين في جميع كلياتها بأقسامها المختلفة 45 طالباً وطالبة. تصوروا جامعة كانت تستقبل الآلاف سنوياً يصل اليوم عدد من سجل للدراسة في جميع كلياتها 45 طالباً وطالبة في وقت يحشد الحوثي – عبر تقنيات الاتصال – الآلاف من أطفال اليمن في دورات صيفية لكي يقول لهم فيها التفاهة التالية: الله اختار عبد الملك الحوثي ليكون عَلَم هداية وقيادة لليمنيين، لأنه – كما يقول – من ذرية علي بن أبي طالب، وغير تلك من المعلومات التافهة!
يذكر الدكتور عبدالله صلاح أستاذ الأدب والنقد في الجامعة – مقارناً – أن عدد طلبة دفعته في قسم اللغة العربية في عام 2002 بلغ 500 طالب وطالبة، مقارنة ب45 تقدموا للتسجيل في كل كليات الجامعة بمختلف أقسامها اليوم، قبل أن يعلق على المأساة بقوله إننا «أمام مستقبل زاخر بالجهل المركب».
أثقل الحوثيون كاهل الطلبة بالرسوم و«الإتاوات» المختلفة، ولم يصرفوا مرتبات أساتذة الجامعة في مناطق سيطرتهم، رغم تحصيلهم مبالغ طائلة تغطي نفقات كل موظفي الدولة، علاوة على أن الجامعات والتعليم تعد في ذيل قائمة اهتمام جماعة لا يحمل زعيمها مؤهل الصف السادس الابتدائي، الأمر الذي كرس لدى أتباعه مشروعيته كونه يشبه في ذلك «جده النبي الأمي» كما يرى هؤلاء الأتباع.
إنه بالفعل زمن التفاهة الذي لم يسجل فيه في إحدى أكثر الجامعات اليمنية إقبالاً إلا هذا العدد القليل من الطلبة في حين أن أحد مشاهير السوشيال ميديا الذي لا يجيد إلا التلفظ بكل ألفاظ السب والقدح والشتيمة، هذا «التافه» يتابعه الملايين على قنواته المختلفة فضائياً ورقمياً.
زمن التفاهة هذا، فيه علماء ومفكرون كبار يتابعهم على وسائل التواصل قلة من المختصين، في حين أن «يوتيوبر» كل جهدها أن تصنع محتوى رخيصاً يعتمد على إثارة الغرائز يتابعها الملايين، وهذا الرجل البدين الذي كل عمله أن يحرك كرشه المنسدلة على أعلى فخذيه يتابعه الملايين، ويدعى لحفلات رئاسية ويُقلد الأوسمة ويعطى الجوائز والهبات، بسبب حساباته التي تُجمع محتوياتها على هيئة صفر مزخرف كبير، دون أن نتحدث عن «تافهات» يحملن جوازات سفر دبلوماسية ويتم استقبالهن في صالات كبار الضيوف، في هذا المسرح الهزلي الذي يتفنن في عرض أنماط من الكوميديا السوداء على مشاهديه صباح ومساء.
وهنا يمكن الإشارة إلى عدة عوامل في «ترميز التافهين» على حد تعبير الفيلسوف الكندي ألان دونو منها أن التكنولوجيا ووسائل التواصل كان لها الدور الأكبر، كما ساعدت شركات الدعاية وغيرها في إبراز المحتوى التافه، وذلك بما تغدقه على التافهين من أموال وصلت ملايين الدولارات، الأمر الذي ساعد على ترميزهم وجعلهم نماذج ساعدت على توليد المزيد من التافهين ضمن «نظام التفاهة» الذي يسيطر فيه «التافهون» على معظم جوانب الحياة المختلفة، لتتم مكافأة التفاهة والرداءة والوضاعة بدلاً من تشجيع الجدية والجودة والمثابرة والعمل.
هي – إذن – منظومة ساعد على توسعها مزاج شعبوي يتسع كل يوم، هرباً من واقع لا حيلة له في تغييره، تماماً كما يلجأ كثيرون للإدمان على الكحول والمخدرات، هرباً من واقعهم الذي لن يتغير بذلك الهروب، كما أن ميل الناس إلى الضحك والنكتة والهزل والتخلص من أعباء الحياة أسهم في نشر محتويات التفاهة، إضافة إلى مزاج عام أسهمت التكنولوجيا في توسعه وانتشاره، بسبب قدرتها على الانتشار السريع، وتوفرها لدى الكثير من المستهلكين، ناهيك عن حرص «مشاهير التفاهة» على مراكمة الإعجابات والثروات، الأمر الذي ضاعف جهودهم في نشر محتوياتهم الهزيلة، كما أن استضافة القنوات الفضائية ل«التافهين» أسهمت في نجوميتهم، حيث صار يمكن لأية جميلة بلهاء أو وسيم فارغ، أو «فاشنست» لعوب أن يفرضوا أنفسهم على المشاهدين، عْبَر عدة منصات رقمية أو فضائية لا تُخرج أيّ منتج قيمي نافع أو هادف.
يشير ألان دونو إلى نقطة مهمة، وهي مسؤولية العمليات النظامية الروتينية التي لا تساعد على إبراز المبدعين الحقيقيين، ويضرب لذلك مثلاً بأنه «المدرس» المبدع قد يفصل من المدرسة إذا حاول تجريب طرق إبداعية تخالف المألوف في نظام التدريس، وهذا يتيح الفرصة للتافهين للاستمرار وربما قيادة المدرسة كلها، لأن الفرصة ستكون أمام المدرسين أو الموظفين ذوي الكفاءات العادية وربما التافهة، ليزيحوا الكفاءات الأعلى من مواقع القيادة والريادة.
وهنا إشارة إلى مسؤولية المجتمع الذي غير نظرته عن صور النجاح الحقيقية والتي تعني الابتكار والعمل الجاد والمواطنة الصالحة واحترام القوانين وحسن الخلق وقيم الأسرة وغيرها إلى إعادة تفسير النجاح المتمثل في «الحصول على المال« معياراً وحيداً لنجاح الأشخاص والأسر والمجتمعات.
كما أن قدرة هؤلاء التافهين على العمل والمثابرة لنشر التفاهة كان لها دور في ترميزهم وتحويلهم إلى نماذج شجعت الكثيرين من الصغار على التخلي عن مواصلة دراستهم، بحثاً عن النجومية السهلة والربح السريع.
أذكر قبل فترة أنني كنت أحاول مع أحد المراهقين لكي يواصل دراسته الجامعية بعد أن فكر في الاكتفاء بالثانوية العامة، لأن «تيكتوكر» شهيراً «يكسب في ساعة ما لا يكسبه آلاف الخريجين في شهور طويلة» ولم يكن أمامي من حيلة إلا أن أقول له: أنت لا تضمن أن تكون مثل «التيكتوكر الشهير» إذا تركت الجامعة، والأولى أن تواصل دراستك، لكي تجد وظيفة في حال الفشل في الوصول إلى القمة التي يتربع على عرشها هذا «التافه العظيم».
* الحوثي
* اليمن
* ذمار
* السحر
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.