منذ ان تأسس في 1981 يواجه مجلس التعاون الخليجي الذي ردا على قيام الثورة الإسلامية في إيران الشيعية أزمة داخلية بعد قرار السعودية والإماراتوالبحرين سحب سفرائها من قطر بسبب سياسة تنتهجها الدوحة والمؤيدة لجماعة "الإخوان المسلمين". قررت السعودية والبحرينوالإمارات اليوم الأربعاء سحب سفرائها من قطر احتجاجا على سياستها التي تشجع علنا الإسلاميين أن كان ذلك في بلدان الشرق الأوسط مرورا بشمال أفريقيا وانتهاء بجيرانها مباشرة. وبالإضافة إلى هذه الدول الأربع، يضم مجلس التعاون الخليجي الكويت وسلطنة عمان، وقد تم الإعلان عنه في أيار/مايو 1981 إبان الحرب بين العراقوإيران وبعد عامين من قيام الثورة الإسلامية في طهران ما أدى إلى انكشاف دول الخليج ذات الغالبية السنية أمام الأخطار. ويبلغ عدد سكان الدول الست 47 مليون نسمة بينهم حوالي 23 مليون من الأجانب أي أكثر من 48 في المئة، بحسب أرقام الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي. ولم تشهد دول الخليج احتجاجات على نطاق واسع كتلك التي شهدتها دول الربيع العربي. الاستثناء الوحيد هو البحرين التي شهدت احتجاجات قادتها الغالبية الشيعية ضد حكم آل خليفة. وفي خضم الربيع العربي، أطلقت السعودية في 2011 مبادرة لإنشاء اتحاد بين دول مجلس التعاون، إلا أن تفاصيل الاتحاد المقترح لم تتضح قط. وأعلنت سلطنة عمان رفضها الاقتراح وعزمها الانسحاب من المجموعة إذا ما قام الاتحاد. وعلى المستوى السياسي، تحظى الكويت وحدها ببرلمان منتخب بشكل كامل ويتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية، بينما تحظى البحرين بمجلس نواب منتخب ذي صلاحيات تشريعية يقابله مجلس شورى معين. وفي سلطنة عمان، يحظى مجلس الشورى المنتخب ببعض الصلاحيات التشريعية والرقابية التي يتقاسمها مع مجلس الدولة المعين. أما الإمارات فتحظى بمجلس تمثيلي منتخب جزئيا هو المجلس الوطني الاتحادي، إلا أن هذا المجلس لا يتمتع بصلاحيات تشريعية. وليس هناك أي هيئات برلمانية منتخبة في السعودية وقطر حيث تلعب مجالس الشورى دورا استشاريا. وتحظر دول الخليج قيام الأحزاب، إلا أن جمعيات سياسية تلعب دور الأحزاب في البحرين وخصوصا جمعية الوفاق الشيعية، فيما تنشط تكتلات سياسية ذات توجهات مختلفة في الكويت. وتملك دول مجلس التعاون قوات مشتركة هي قوات "درع الجزيرة"، إلا أن هذه القوات فشلت في منع الغزو العراقي للكويت في 1990. وبالرغم من جهود التكامل الاقتصادي، لم تفلح دول مجلس التعاون في اعتماد عملة موحدة، كما فشلت في إتمام الاتحاد الجمركي الكامل في ما بينها. إلا أن دول المجلس اتخذت في المقابل إجراءات وقرارات تسمح بحرية التنقل لمواطنيها ولرؤوس الأموال، منها إلغاء تأشيرات الدخول بينها والسماح بتملك مواطني كل منها في أراضي الدول الأخرى. وتضخ دول المجلس 17,5 مليون برميل من الخام يوميا، أي حوالي خمس الإنتاج العالمي و55% من إنتاج منظمة الدول المصدر للنفط. وبفضل ارتفاع أسعار الخام، بلغ إجمالي الناتج المحلي لدول الخليج العربية مجتمعة 1600 مليار دولار في 2012 بحسب أرقام صندوق النقد الدولي . وبلغت العائدات النفطية لدول المجلس 740 مليار دولار العام 2013 مقارنة ب680 مليار دولار في 2012. وأفادت المؤسسة المالية العالمية أن معدل الدخل الفردي بلغ 33 ألف دولار سنويا، فيما يتوقع أن تبلغ الموجودات الخليجية في الخارج ألفي مليار دولار العام الحالي و2400 مليار العام المقبل. وكانإعلان السعودية والإماراتوالبحرين بمثابة "ضربة موجعة" لسوق قطر للأسهم، فقد هبط المؤشر العام أكثر من 11600 نقطة، بانخفاض وصل إلى 2.64%. أوضح السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن قرار سحب سفراء السعودية والإماراتوالبحرين من قطر هو إنذار مبكر لها، وقد يكون هناك ما هو أشد. أكد «حسن» أن التمادي في العناد من جانب قطر في عدم احترام مبدأ أساسي في العلاقات الدولية، والتمادي والخروج عن الموقف التوافقي لدول مجلس التعاون، خاصة أنهم أعطوا قطر مهلة منذ نوفمبر الماضي، مشيرًا إلى أن السفير المصري في قطر متواجد في القاهرة، ومن الممكن استمراره في الإجازة، وقد يتم سحب السفير أسوة بالدول الثلاث. ويبدو أن اللون الأحمر القاني قد امتد إلى غالبية أسهم الشركات، ولن تقف تداعيات قرار دول الخليج الثلاث على حركة بورصة قطر اليوم فقط، فبحسب المحللين سيشد سوق الدوحة المزيد من الهبوط خلال الأيام المقبلة. وبمتابعة سريعة للسوق، فإن القرار أصاب عدداً من المستثمرين الأجانب بحالة من الخوف، خصوصاً أن بيان الدول الخليجية التي سحبت سفراءها ركز على أمن المنطقة واستقرارها، وهو أمر بالغ الأهمية لدى المستثمر الأجنبي الذي سيحاول الفرار باستثماراته إذا ما استمر الحال. السواد الأعظم من الأسهم المتداولة تلطخت ب"اللون الأحمر" بعد القرار الخليجي مباشرة، وبحسب مصادر في البورصة، فقد قام عدد من المستثمرين والمضاربين ببيع الأسهم التي يمتلكونها، وكأنها محاولة للتخلص مما لديهم، خوفاً من تداعيات القرار الذي قد يمتد لأيام وأسابيع. وزادت عمليات بيع الأسهم خاصة في الساعة التي تلت القرار مباشرة، حيث تجاوزت مستويات السيولة حاجز المليار ريال قطري، من خلال تداول أكثر من 19 مليون سهم. لكن أكثر سهم سقط إلى الهاوية من خلال متابعة بورصة قطر هو سهم شركة "أوريدو"، الذي وصل تراجعه إلى 9%. من جهته، قال الخبير المالي، صالح السلمي، ل"العربية"، إن القرار سيكون وقعه سيئاً وكبيراً، وبورصات الخليج ستتأثر كثيراً، مضيفاً أن أسواقنا تأثرت بتداعيات أحداث أوكرانيا، فما بالكم إذا كان الحدث بيننا ولدينا كدول خليجية. وأوضح أن ما حدث اليوم ستكون له تأثيرات سلبية، وبورصة قطر ستكون الأكثر تراجعاً بطبيعة الحال، وسيترتب على القرار انخفاضات كبيرة جراء سحب السفراء.