حين تُغتال النظافة في مدينة الثقافة: افتهان المشهري شهيدة الواجب والكرامة    تعز.. إصابة طالب جامعي في حادثة اغتيال مدير صندوق النظافة    تجربة الإصلاح في شبوة    صندوق النظافة بتعز يعلن الاضراب الشامل حتى ضبط قتلة المشهري    وعن مشاكل المفصعين في تعز    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    القوات المسلحة: ضرب أهداف حساسة في (يافا وأم الرشراش وبئر السبع)    عاجل: بيان مجلس القيادة الرئاسي – 18 سبتمبر 2025م    اللجنة الوطنية للمرأة والأمن والسلام تدين جريمة اغتيال القيادية افتهان المشهري وتطالب بالعدالة الفورية    تدشين بطولة سبتمبر لكرة اليد في مأرب    وقفة احتجاجية في المعهد العالي بالجوف تنديدا بجرائم العدو الصهيوني    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    السيد القائد يوجه تحذير شديد للسعودية : لا تورطوا أنفسكم لحماية سفن العدو    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    الأرصاد: حالة عدم استقرار الأجواء ما تزال مستمرة وتوقعات بأمطار رعدية على أغلب المحافظات    المحرّمي يعزِّي في وفاة المناضل والقيادي في المقاومة الجنوبية أديب العيسي    استمرار نزوح الفلسطينيين هربا من القصف الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزه    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    تغييرات مفاجئة في تصنيف فيفا 2025    أمنية تعز تحدد هوية المتورطين باغتيال المشهري وتقر إجراءات صارمة لملاحقتهم    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    برغبة أمريكية.. الجولاني يتعاهد أمنيا مع اسرائيل    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    يامال يغيب اليوم أمام نيوكاسل    مفاجأة طوكيو.. نادر يخطف ذهبية 1500 متر    النصر يكرر التفوق ويكتسح استقلول بخماسية أنجيلو    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    مجلس وزارة الثقافة والسياحة يناقش عمل الوزارة للمرحلة المقبلة    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الباحث والمفكر العربي فاضل الربيعي في "فلسطين المتخيلة-أرض التوراة في اليمن القديم"-1/3
نشر في المشهد اليمني يوم 21 - 05 - 2014

فلسطين-القدس: كتب رئيس تحرير (نقطة واول السطر) د.ابراهيم العربي
لم يكتب بدقة وعلمية وموضوعية تاريخية كما كتب المفكر العربي الكبير فاضل الربيعي حول تاريخ المنطقة المزور والمؤسطر
وإذ تأتي أبحاثه العميقة في سياق أساليب جديدة في المقارنات والبحث العلمي الملتزم فإنه ممن ينسب له الفضل بإعادة طرح قضية فلسطين والقدس وما شاب تاريخها من أكاذيب توراتية-صهيونية خاصة في ظل التعنت الاسرائيلي ومحاولة بنيامين نتنياهو المستميتة أخذ صك اعتراف من الضحية أي أهل فلسطين أن هذه الأرض "يهودية" بطلبه الشاذ وحكومته اليمينية الاعتراف بما يسميه "الدولة اليهودية
أو دولة اليهود القومية
ومن هنا فإن اكاذيب وأساطير التوراة تعود الى السطح ثانية في ثوب التزييف السياسي الخطير حيث يسلب شعب فلسطين من حقائق التاريخ وتسلب الأمة العربية من حقيقتها الحضارية بأوهام الغطرسة والقوة الغربية-الصهيونية التي تريد صناعة شعب أو صناعة أرض ما كانت ابدا وكما يقول متنورو الاسرائيليين أنفسهم
لقد كتب المفكر العربي فاضل الربيعي عديد الكتب الثرية بالمجال ومنها السفر من 1200 صفحة الذي يُعرض له اليوم المعنون (فلسطين المتخيلة-أرض التوراة في اليمن القديم)
إننا إذ نعرض لملخصات كان قد أدرجها حزب الشعب الفلسطيني في موقعه لكتاب فلسطين المتخيلة أرض التوراة في اليمن القديم فإننا نشد أيادينا على أيادي كل من يتحركون لاعادة تصخيخ التاريخ من أجل يوم أفضل وغد بلا أساطير
أورد كل من البروفيسور كيث وايتلام والبروفيسور شلومو ساند دراسات وأبحاثا تاريخية موثقة تضمنت تمرد التنقيبات والأبحاث في ماضي فلسطين على معطيات أسفار التوراة. نسفت الدراسات التأريخية للمؤرخين الوارد ذكرهما كل ما يسند دولة إسرائيل غير أدوات القتل والتدمير. تكشفت الدراسات اللاهوتية للتوراة عن أضاليل، فأكد البروفيسور ساند، بناء عليه، أن التاريخ المتداول ليس سوى تخيل للماضي من نسج عقول بعض كتبة التوراة وواصل الأخذ به مؤرخو التوراة المحدثون والباحثون فيها.
ومن قبله استخلص مؤرخون على رأسهم وايتلام أن تأويل التوراة مجرد نسخة متخيلة أملتها تطلعات الفكري الاستشراقي للاستحواذ على فلسطين والهيمنة على المنطقة، وهو يتوارى تحت عباءة الحياد.
فمنذ أن نشأ علم الآثار أحد مواضيع العلم الحديثة ، تواصل في المنطقة العربية ميدانا لعلاقات الصراع والهيمنة التي ميزت موقف الغرب من الأرض العربية في فلسطين في سعيه لتحقيق أهدافه الاستعمارية، بما فيها زرع كيان غريب ، خالقا لها تاريخا موهوما في المنطقة. تم إسكات صوت التاريخ الفلسطيني ، ومن الإسكات تناسلت المجازر الدموية التي نظمت ضد الشعب الفلسطيني منذ النصف الثاني للقرن الماضي.
من جانب آخر طمست الصهيونية ممالك يهودية نشأت في العصر القديم والعصر الوسيط حفاظا على صدقية النقاء العرقي لليهود. ركز بن غوريون على اللاهوت التوراتي ، خاصة سفر يهوشع المنطوي على قداسة المجازر العرقية الموحى بها من الرب، وأرضاه اقتناع الجمهور بتأويلات الأسفار التوراتية في صيغتها الرسمية ، ولم يأبه بعدم وجود مرويات تاريخية مؤكدة للتاريخ القديم تفيد بقدوم يهود إلى فلسطين من غير الجزيرة العربية. ولم تتحرج الحركة الصهيونية من كون النص التوراتي والديانة اليهودية طرأ عليهما تطورات وتبدلات منذ الاتصال بالفكر أو الأفكار الشائعة في القرن السادس قبل الميلاد، وعلى الأخص الهلينية التي ساهمت أكثر من أي شيء آخر في تحويل عقيدة التوحيد اليهودية إلى دين ديناميكي مهود على مدى أكثر من 3000 سنة، حظيت خلاله بالأتباع .
في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي ، وبينما أعدت حكومة بيغن الليكودية خطة كبيرة للاستيطان، طلع آرثر كوستلر، وهو صهيوني، بكتاب " القبيلة الثالثة عشرة" ، وفيه يفضح أصول اليهود الأشكيناز غير المرتبطة بفلسطين ، وأنهم يمتون بصلة إلى قبيلة الخزر في جنوب روسيا، التي اعتنقت الدين اليهودي في القرن التاسع الميلادي. طعن الكتاب في أقدس الطروحات الصهيونية بصدد نقاء العرق اليهودي الضارب في عمق التاريخ، وبصدد نفي اليهود القسري من "أرض الميعاد".
ودخل ميدان الدراسات التوراتية باحث عربي جلود، أمضى أكثر من عقد وربما العقدين في تعلم لغة " التناخ " ونقد الترجمة إلى العربية عن الآرامية واليونانية، ثم وقع بين يديه صدفة كتاب رحلات إلى اليمن محقق ومدقق أتاح له إجراء مقارنة عانية ودقيقة مع نصوص التوراة ليتوصل أخيرا إلى أن النص القديم للتوراة ، وهو ما يعرف ب" التناخ" جرت أحداث حكاياته في مناطق جغرافية لا تنطبق بتاتا على جغرافية فلسطين ؛ إنما تنطبق على منطقة السراة اليمنية. وجدت التوراة في جزيرة العرب لدى العرب البائدة.
تعرّف العرب قبل الإسلام على بقايا مملكة مزدهرة دان سكانها بدين اليهودية على ساحل البحر الأحمر ، وأن هذه المملكة هي التي أرسل الرسول محمد إلى بقايا سلالتها الحاكمة في اليمامة .
وجد التناقض الإشكالي بين النص التوراتي والتاريخ الفلسطيني حله في البحث العلمي الذي قام به باحث عربي وأثبت التعسف في إسقاط وقائع التوراة على المنطقة الجغرافية لفلسطين؛ بينما أحداث التوراة ووقائعها وأماكن وقوعها تنطبق على بقعة محددة باليمن.
فطبقا لمنهجية هالبيرن في الاستدلال على معالم الحضارات والربط المقارن بين النص التوراتي ونصوص أخرى أمكن العثور على التطابق والانسجام ما بين السرد والمكان والزمان. أثبت الباحث العربي من العراق، فاضل الربيعي في مؤلفه" فلسطين المتخيلة" [ د ار الفكر دمشق 2008] الصادر في مجلدين وستة أجزاء ضمن 1200 صفحة ، أن وقائع التوراة وحكاياتها الأساس جرت في سراة اليمن ، المحاذية للبحر الأحمر. أما حملة التوراة فهم من نسل قبيلة عربية خاضوا حروبهم وبنوا حضارتهم في اليمن وليس في فلسطين.
وهم ينتسبون لقبيلة حمير اليمنية . "إن الالتزام بتحديدات القراءة الاستشراقية للمواضع المتخيلة في فلسطين يقود إلى الفوضى إذا ما جرى التقيد بها على أنها تحديدات جغرافية صارمة في فلسطين الحقيقية؛ وبالعكس تقودنا تحديدات يشوع والهمداني والشعر الجاهلي إلى الأماكن نفسها في أرض اليمن دون عناء أو تكلف". [ فاضل الربيعي: فلسطين المتخيلة المجلد الثاني الجزء الرابع، ص435].
يشوع الوارد في النص هو كاتب السفر التوراتي المسمى باسمه ؛ والهمداني( الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني) رحالة عربي عاش في القرن الثالث الهجري سجل مشاهداته في جغرافية اليمن والأحداث التاريخية التي مرت على أرضه، وذلك في كتابه ["صفة جزيرة العرب" تحقيق العلامة محمد بن علي الأكوع سلسلة خزانة التراث، بغداد 1989].
توسعت الدراسة وفصلت بدقة في الجغرافيا، خاصة منطقة السراة على ساحل البحر الأحمر ومناطق صنعاء وعدن وأ بين. ناقش الباحث، الربيعي، في المجلدين النفيسين الزيوف المتعسفة والمتعمدة للتوراة، فانتشلها من التناقض والاضطراب والشكوك في مصداقيتها ، إذ تم إسقاط مواقعها على الفضاءات الفلسطينية .
" لقد سار الهمداني بنفسه هذه المرة وبعد مئات السنين على خطى النبي اليمني، يشوع، ليعيد توصيف سراة اليمن كما وصفها النبي من قبل ، وليسجل الأسماء نفسها وبالتسلسل نفسه ؛ ولكن دون أن يعلم أي شيء عن هذا النوع المثير من التطابق، ومن دون أي تلميح إلى أي ادعاء ديني للقبائل اليمنية التي عاشت وانقرضت في المكان نفسه.
مثل هذا الادعاء لا يصدر إلا عن مخيلة استشراقية وجدت في التطابق الشكلي الزائف أحد مصادر الهيمنة على سرد الرواية التاريخية ، ومن اجل تلفيق تاريخ إسرائيلي في فلسطين القديمة يلعب الفلسطينيون فوق مسرحها الجاهز دور غزاة متسللين من جزيرة كريت اليونانية ؛ بينما يصبح المستوطنون الجدد أحفادا لبناة امبراطورية إسرائيل القديمة ضمت، إلى جانب فلسطين، كلا من الأردن وسوريا ولبنان وشواطئ الفرات العراقي"[ الربيعي، المجلد الثاني، الجزء الرابع، 453].
ترى هل سيجد البروفيسور وايتلام في هذا البحث الرائد مفتاحا ل "إثبات أصالة تستمد من بطن التاريخ المكنون في باطن الأرض، وهي سجل فكر وسجل تطور حضاري؟ وهل حقا قدم الربيعي ما يسند استخلاصه بأن "التلاعب بالحقيقة التاريخية والجغرافية لم يكن عملا بريئا؛ بل كان مصمما لتمرير أكبر عملية خداع في التاريخ البشري، وذلك حين جرى تصوير المدن والقرى والمواضيع الواردة في أسفار التوراة على أنها ذاتها المواضيع والقرى والمدن في فلسطين التاريخية "؟
ونعلم أن إعلان موت التاريخ التلمودي واقع ، وإهالة التراب عليه واقع آخر تفصل بينهما مرحلة ممتدة من الصراع الحاد والمرير؛ فالأوهام التي رسختها الدعايات التوراتية وأبحاثها وتعسف استخلاصاتها والمصالح العديدة القابعة خلف زيوفها تستقر طويلا في أذهان الجمهور الذي لا يتابع النقاشات والاكتشافات، وهو يتعرض لعمليات متواترة من غسيل دماغ وتعبئة الرأي العام وشحنه بالخرافات والأوهام بواسطة آلة إعلامية شديدة التأثير متخصصة في " صنع الموافقة".
المجلدان تضمهما ألف ومائتا صفحة ، الأمر الذي يشكل صعوبة في مطالعته واستيعابه من قبل الجمهور الواجب إطلاعه على حقيقة المكيدة الثقافية للاستشراق الغربي. ولكي يتاح إطلاع القارئ العادي على الحقيقة في هذا المجال يقتضى إصدار طبعة ملخصة ومكثفة لهذه الدراسة القيمة.
جاء الربيعي مكملا لأعمال المؤرخين للتوراة، ومستجيبا لتطلعات الغيورين على الحقيقة التاريخية من أمثال البروفيسور وايتلام، إذ عبر عن الأمل بأن " الشروع بالأبحاث والتنقيب عن التاريخ الفلسطيني سيجعل من الممكن انتزاع التاريخ الفلسطيني وتحريره من قبضة المصالح التي ساهمت في إسكاته طوال المدة الطويلة من الزمن[وايتلام : 324].
التوراة العربية
يسمح قانون العودة في إسرائيل للملحدين واللاأدريين والمتحولين إلى ديانات أخرى الحصول على حقوق التجنس في إسرائيل، بناء على الدم فقط. وحوالي ثلث سكان إسرائيل لاأدريون أو ملحدون . وحتى عام 1970 لم يمنح قانون العودة الجنسية إلا لأبناء الأمهات اليهوديات( بموجب تعريف الهالاخا لليهودي). وفي عام 1970 عدل القانون ليسمح "لأي ابن أو حفيد يهودي أو لزوج ابن يهودي أو زوج حفيد يهودية بحق التجنس ، "ما عدا فردا تخلى عن ديانته اليهودية ".
أما الحقيقة الصلدة فتقول أن يهود القرن الواحد والعشرين ليسوا بالضرورة من نسل أولئك الذين طردوا على أيدي الرومان من يهودا أيام التهجير. وبكل الاحتمالات بقي عدد كبير من هؤلاء في مجتمع متعدد الأعراق يضم الأشوريين واليونان والرومان وغيرهم ، والعديد من هؤلاء يهود فلسطينيون تحولوا فيما بعد إلى المسيحية والإسلام؛ يعني أن العديد من سكان يهودا لم يغادروا .
أن مفهوم " إسرائيل حق الولادة" يتغذى من الأوهام العرقية.
كان الباحث العربي من سوريا ، الدكتور كمال الصليبي، قد توصل إلى استنتاج يؤكد أن التوراة أصلها في جزيرة العرب. أوردت الدكتورة سحر الهنيدي تعليقا على جهود الدكتور الصليبي ضمنته هامش كتاب وايتلام المترجم (ص227، 228)، قالت فيه:
" ان بحث الدكتور الصليبي اعتمد على فقه اللغة( الفيلولوجيا)في تفسير التوراة ، وبالتحديد سفري صموئيل الأول والثاني في أصلهما العبري. ونظرا إلى أن القصص التوراتية المتعلقة بمملكتي داود وسليمان قد وردت في معظمها في هذين السفرين ،فإن الصليبي يرى أن على الباحثين التوراتيين أن يبدأوا بقراءة نقدية للتوراة العبرية وذلك لتحديد ما تقوله هذه التوراة، بل الأهم لمعرفة ما لا تقوله.
ويرى عبث الاعتماد على النصوص الحالية للتوراة دون الرجوع إلى النص العبري؛ لأن التوراة التي بين أيدينا اليوم هي المعروفة بالترجمة السبعينية ( نسبة إلى عدد مترجميها )، والتي ترجمت من الآرامية ( التي كانت آخذة بالحلول محل العبرية القديمة ) إلى اليونانية. وكان النص العبري قد تعرض إلى الإعلال والتشويه في النطق .
وهذه العوامل أدت إلى تشوه في النص. لهذا يرى الدكتور الصليبي أن التوراة العبرية لم تقم لغويا بشكل صحيح حتى الآن ؛ فلا بد من العودة إلى المعجم العربي؛ إذ العربية لغة سامية لها الأصول نفسها التي للغة العبرية ؛ وذلك لإعادة النظر في تفسير ما جاء في التوراة ، ولحل بعض المعضلات اللغوية. ويقول د. كمال الصليبي أيضا ، إن الدراسات التوراتية أصبحت بشكل متزايد " مبحثا زائفا" من مباحث علم الآثار التوراتي. وهو زائف لأنه يبحث عما يأمل أن يجده ، وعلم اللاهوت المسيحي هو أيضا زائف لأن عقائده ليست مبنية على أرض صلبة .
"وضع الصليبي مؤلفا عنوانه " تاريخية إسرائيل التوراتية ، دراسات في صموئيل الأول والثاني وصدر عن Nabu Publications، لندن 1998. والكتاب غير مترجم إلى العربية. وللدكتور الصليبي كتابان بالعربية يعالجان موضوعات مشابهة : الأول بعنوان " خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل " [ دار الساقي ط2، 1991] والثاني " حروب داود ، الأجزاء الملحمية من سفر صموئيل الثاني مترجمة عن الأصل العبري" [ دار الشروق ، ط1، 1990] انتهى الحديث عن الصليبي.
أما فاضل الربيعي فقد رجع إلى اللغة العبرية القديمة ، وهي بعض لهجات عربية يمنية قديمة اندثرت مع اندثار العرب البائدة ممن حملوا التوراة القديمة. وتوفر لديه وسائل تدقيق النص التوراتي وإظهار ما فيه من عيوب الترجمة ، المقصودة والعفوية، وكذلك البرهنة على وجود أرض للتوراة في منطقة باليمن. "وهي براهين لا تجعل الاستخلاص حقيقة تصمد أمام النقد أو التحامل والتجني، أو القناعات الكونكريتية المترسبة في الوعي والوجدان نتيجة التعبئة المتواترة". اقتحم ميدان البحث الشاق في التوراة الباحث العراقي فاضل الربيعي، معتبرا كتاب الصليبي "فتحا معرفيا عظيما في الثقافة العربية " [ فاضل الربيعي:المجلد الأول، 17].
كان لا بد للباحث الجاد والموضوعي أن يبحث عن الحقيقة التاريخية، مسلحا بمعرفة معمقة بلغة التوراة القديمة كي يتغلب على عيوب الترجمة إلى العربية، والإسقاط المختل للأماكن والأشخاص والتواريخ، ولكي يمسك بتلاوين التلفيقات والزيوف المتعمدة ، والتي خلطت بين الأفعال والأسماء وتعسفت في ربط سيرورة الحوادث مع الموقع الجغرافية بحيث جاءت على نسق يتعذر تصديقه.
اعتمد الباحث أسلوب المقارنات بين نصوص التوراة ونصوص الشعر الجاهلي القديم وكذلك نص الهمذاني العائد إلى القرن الثالث الهجري. خرج الباحث بقناعة معْدية أن أحداث التوراة ومواقعها هي بالحتم غير منطبقة على الفضاء الفلسطيني؛ إنما يجوز القول أنها تنطبق على اليمن في المنطقة الساحلية الممتدة من جبال عسير. ." الهيكل لم يبن في القدس قط ؛ بل إن أسوار أورشليم التي أشرف نحميا على إعادة ترميمها لا وجود لها هناك أصلا ؛ وفوق ذلك ليس ثمة هيكل لسليمان تحت قبة الصخرة ؛ فيما نجد الهياكل في السراة اليمنية كما وصفها الهمداني، بالتلازم مع ذكر أسماء القبائل اليمنية اليهودية [ الربيعي : ج1، 13]
حول قصة الكتاب يقول الربيعي:"بدأت حكاية الاكتشاف المثير عندما كنت أعيد قراءة الهمداني بعيد وصولي إلى هولندا بقليل . وأشد ما أثار دهشتي أنني وجدت الهمداني يسرد أمامي أسماء الجبال والوديان والهضاب وعيون الماء في اليمن، كما لو أنه يسرد الأسماء نفسها الواردة في التوراة، والتي أكاد أحفظها عن ظهر قلب[14]. وهي ذاتها وتماما كما في نصوص التوراة دون أدنى تلاعب.(.. ). عثرت على مقالة( من كتاب عبد الرحمن الشهبندر (الأعمال الكاملة ،قضايا وحوارات النهضة العربية 12 دمشق 1993) يعود تاريخها إلى العام 1936، نشرتها مجلة الرسالة المصرية (عدد 192 ،8آذار ص5)؛ وفيها إشارة إلى ما كنت أبحث عنه : الدليل على أن مملكة إسرائيل القديمة لم تكن قط في القدس .
ومن ثم فإن التماثل والتطابق بين النصين مصدره مسرح آخر للأحداث التوراتية غير المسرح الفلسطيني. " يعود الربيعي إلى كتاب الرحالة السوري نزيه المؤيد العظيم( رحلة في بلاد العربية السعيدة،سبأ ومأرب الجزءان الأول والثاني، مؤسسة فادي بريس، لندن الطبعة الثانية ،1985ص140 141)، والذي استقى منه الشهبندر معلومته ويجد فيه نصا عن مقابلة مع الحاخام باليمن عام 1916م:
تقابلت في القاع قاع اليهود في اليمن مع عدة أشخاص من كبار اليهود وعيونهم وسألتهم أسئلة متعددة عن أصل اليهود اليمانيين وعن أحوالهم وأشغالهم ، وها أنا أنقل حديثا جرى بيني وبين حاخامهم الأكبر المدعو يحيى بن إسحق في داره. سألته ماذا تعرف عن أصل اليهود في اليمن وعن مدنيتهم ؟ فقال " كانت لليهود مدنية عظيمة وكان لهم ملك فخيم في شرقي صنعاء. وقد أسس ذلك الملك وتلك المدنية الملك سليمان بن داوود(..) وهل قامت تلك المملكة في نجران؟ لا أعلم بالضبط ولكنني لا أشك أنها كانت في شرقي صنعاء ومن المحتمل أنها كانت في نجران" [الربيعي :ج1، 14 16].
يستشهد الربيعي بفقرة من كتاب الهمداني(ص73) يقول فيه " وأما سائر أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط جميع الأرض المسكونة وما يقع فيها من مثل أرض سورية وأرض فلسطين وبلاد اليهودية العتيقة من إيليا ، وتسمى بالعبرانية يرشلم ، وتعربها العرب فتقول اوراشلم" . ثم يسأل الربيعي : " ما معنى التمييز بين هذه البلدان؟ هذا المعنى يتمثل هنا أن بلاد اليهودية العتيقة التي دارت فيها أحداث سفر المكابيين ليست أرض فلسطين(... ) وبكل تأكيد فإن هذا المكان الذي تم تمييزه بأنه أرض اليهودية العتيقة ( أي البلاد التي ورثت مملكة يهوذا وتواصلت مع ديانتها حتى ظهور الملك الحميري ذي نواس ، الذي أعاد بعث اليهودية في أرجاء اليمن في العام 524 م، كان يعرف عند الجغرافيين اليونانيين باسم يروشليم . ولو كانت يروشليم هذه هي ذاتها مدينة القدس العربية في عصر بطليموس اليوناني فمن غير المنطقي أن يميزها عن فلسطين. بل لا مبرر لتمييزها أصلا ، ولتوجب أن يقول ، وهو الجغرافي الحاذق أن يروشليم في فلسطين . بيد أن هذا سيكون أمرا مخالفا لمنطق الجغرافية في عصر بطليموس. فهو يعرف أن يروشليم هذه لم تكن في فلسطين ، ولم يكن اسمها القدس أيضا. ].
والتاريخ المقبول من وجهة نظر هذا الكتاب لبداية تدفق القبائل العربية العاربة ، بما فيها بقايا قبيلة بني إسرائيل ، من يهود اليمن وسواحل البحر الأحمر وتهامة ونجد اليمن واليمامة نحو جنوب بلاد الشام (فلسطين) لن يتجاوز حدود العام 200 ق.م.. إذ بدءا من هذا التاريخ تدفقت على شكل موجات متعاقبة وتحت ضغط الحروب والحملات العسكرية المدمرة ، جماعات وقبائل وشعوب منهكة تقلصت ، وإلى حد كبير إمكاناتها القتالية والحربية ، وأضحت قدرتها على مواصلة التمرد محدودة وتكاد تكون معدومة...."" [ الربيعي: المجلد الثاني ج5، 561 ]

عن موقع حزب الشعب الفلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.