تحدت صحيفة جمهورييت المعارضة التركية الضغوط والانتقادات، لتكون الوحيدة في بلد مسلم التي تعيد نشر بعض رسوم صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة، بالتزامن مع صدور عددها امس وعلى صفحتها الأولى رسم مسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونفاد جميع النسخ التي وصلت الى خمسة ملايين خلال دقائق في أنحاء فرنسا. فبعد اسبوع على الاعتداء الذي تبناه فرع القاعدة في اليمن، تهافت الفرنسيون امس على شراء عدد صحيفة شارلي ايبدو الساخرة التي اصدرها الناجون من فريق عملها وعلى صفحتها الاولى رسم جديد مسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، لتنفد جميع نسخ هذا العدد بعد ان قرر الناشر زيادة عددها الى خمسة ملايين خلال دقائق من توزيعها على أكشاك بيع الصحف في أنحاء فرنسا. وعلق اصحاب الاكشاك لافتات كتبت بسرعة تقول «نفدت شارلي ايبدو» منذ السابعة تغ، ما حدا بالزبائن الى شراء صحيفة «لو كانار انشيني»، وهي اكبر صحيفة ساخرة فرنسية تلقت تهديدات غداة الاعتداء على شارلي ايبدو. وتبنى «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، في تسجيل نشر امس على الانترنت، الهجوم وقال ناصر بن علي العنسي، في شريط الفيديو، الذي تتجاوز مدته 11 دقيقة: «أساء أولئك الكفرة الفجرة إلى أنبياء الله المصطفين الأخيار، وتمادوا في كفرهم حتى أساءوا إلى خليل الله وصفوته من خلقه محمد بن عبدالله، فضجت أمة الإسلام وهاجت وتقرحت أكبادها غيظا وجزعا على عرض رسول الله». وتابع: «انتدب الأبطال فلبوا، ووعدوا فوفوا، فشفى الله بهم صدور المؤمنين، وأذهب بهم غيظ القلوب، وأطفأ بهم لهيب الأكباد، فهنيئا لك يا أمة الإسلام بهذا الثأر وهذا الانتقام، الذي شرح الصدور، وأفرح الأفئدة، وهنيئا لك بهؤلاء الأسود البواسل، الذين نفضوا غبار الذل». كما استشهد المتحدث بقول الزعيم السابق لتنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، قائلا: «إذا كانت حرية أقوالكم لا ضابط لها، فلتتسع صدروكم لحرية أفعالنا». وأعلن مسؤولية التنظيم عما أسماه ب «غزوة باريس المباركة»، مضيفا أن «الذي اختار الهدف ورسم الخطة ومول العملية وانتدب قائدها، هم قيادة التنظيم، استجابة لأمر الله ونصرة لرسول الله، وتنفيذا لأمر أميرنا العام الشيخ أيمن بن محمد الظواهري». وتكثف الطلب على شارلي ايبدو، التي تحولت الى رمز، حول العالم حتى في الهند واستراليا، مما جعل الصحيفة تصدر 300 الف نسخة في اكثر من 20 بلدا. من جهته اعتبر تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» نشر الصحيفة الساخرة رسوما جديدة للنبي محمد «خطوة بالغة الحماقة»، بحسب نشرة اخبارية لاذاعة تابعة للتنظيم. اما وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف فدعا الى «الاحترام» المتبادل للقيم و«المقدسات» والا «سيكون ذلك صعبا للغاية في عالم فيه وجهات نظر مختلفة وثقافات وحضارات مختلفة». وكانت الخارجية الايرانية نددت بنشر شارلي ايبدو رسم النبي في عددها الجديد، معتبرة انه «خطوة مهينة» و«يسيء الى مشاعر المسلمين». كما ندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الداعية القطري من اصل مصري يوسف القرضاوي، بنشر الرسوم الجديدة للنبي، معتبرا ان هذه الخطوة «ليست من الحكمة» و«تساعد المتطرفين». اما الازهر في القاهرة فدعا المسلمين امس الى «تجاهل هذا العبث الكريه» معتبرا انه «سيؤجج مشاعر الكراهية». ونددت صحف اردنية بعدد الصحيفة الجديد، معتبرة ان الرسم «عبث» و«عدوانية» و«استفزاز غير مبرر» لمشاعر المسلمين حول العالم. واعتبر المنسق الاميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية جون آلن ان هجمات الجهاديين في باريس وغيرها من المدن الغربية، تظهر الحاجة الى «رد عالمي» ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي يسيطر على مساحات من سورية والعراق. ومع استمرار التحقيق للعثور على شركاء محتملين، اصدر القضاء الفرنسي مؤخرا حوالى 50 ادانة بتهمة «الاشادة بالارهاب» بحق اشخاص رحبوا بهجمات الاسبوع الفائت. وأوقف امس الفكاهي الفرنسي المثير للجدل ديودونيه في اطار تحقيق مماثل. وأكد رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس مجددا في خطاب امام الجمعية الوطنية لقي ترحيبا عارما على حزم فرنسا مشددا على التمسك ب «العلمانية» التي تبقى المبدأ الاول في النظام الفرنسي. وبعد دقيقة صمت حدادا على ارواح القتلى بدأ النواب جميعا انشاد النشيد الوطني الفرنسي، في سابقة لم تحدث منذ 1918، قبل توجيه تحية كبيرة الى قوى حفظ النظام. وقال مانويل فالس، إنه وبدون اليهود فإن فرنسا لم تعد فرنسا التي نعرفها، لافتا إلى أن اليهود هم من أقدم المجتمعات في البلاد. وتابع فالس في مقابلة مع سي ان ان: «المجتمع اليهودي في البلاد فرنسيون منذ الثورة.. وعلينا طمأنتهم بأننا سنقاتل هذا الشكل الجديد من معاداة السامية وسأقاتل من أجل ذلك.. أنا متزوج من موسيقية يهودية أيضا». وأضاف: «أريد الإشارة إلى أن غالبية المسلمين في فرنسا يدينون ما جرى.. هناك أزمة هوية في البلاد، ولكن هكذا هو الحال في دول أخرى بشمال أوروبا كبريطانيا وبلجيكا». ماذا في العدد الجديد؟ الأناضول: نشرت «شارلي إيبدو» في عددها أمس رسما جديدا كاريكاتوريا مسيئا للرسول صلى الله عليه وسلم بعد نحو أسبوع من الهجوم عليها. احتوى أيضا عدد المجلة على رسومات أخرى ساخرة للأخوين «كواشي» المتهمين بتنفيذ الهجوم على «شارلي إيبدو» واللذين أعلنت الشرطة الفرنسية قتلهما في وقت لاحق. وخرج العدد في 16 صفحة بدلا من 8 صفحات، كما كان مقررا. كما احتوت المجلة على رسومات كاريكاتورية تعبر عن وفاء الصحيفة لضحاياها الذين قتلوا في الهجوم كما أعيد نشر رسوم كاريكاتورية لهم. وتناول العدد كذلك رسما كاريكاتوريا للأخوين كواشي المتهمين بتنفيذ الهجوم على المجلة ويظهرهما الرسم في زي أسود مدججين بالسلاح يحلقان في السماء بأجنحة يبحثون عن «الحور العين»، ليقول لهم شخص آخر: «إنهن مع فريق شارلي ايبدو (...)». وفي نفس السياق، أعادت الصحيفة رسما كاريكاتوريا قديما ل«تيجنوس» وأحد من ضحايا الهجوم ظهر فيه 3 من المتشددين يقولون لبعضهم «لا يجب المساس بأحد من شارلي ايبدو وإلا فسوف يتحولون لشهداء ويدخلون الجنة ويظفرون بكل الحور التي تخصنا». وفي الصفحة الأخيرة، يظهر رسم كاريكاتوري آخر يعقد مقارنة بين من أسماهم بالمتطرفين القتلة والعاملين بصحيفة «شارلي ايبدو». وظهر في الكاريكاتور رسام يعمل بجدية وكتب أسفل الرسم «25 عاما من العمل»، وفي المقابل «شخص ملثم يقتل أبرياء وكتب على الكاريكاتور «25 ثانية من العمل». ولم يغفل فريق «شارلي ايبدو» الإشادة بالمظاهرات والمسيرات الضخمة التي شهدتها فرنسا الأحد الماضي بمشاركة رؤساء وسياسين من دول مختلفة. ورسمت «كورين ريى» مشهدا للمظاهرات الداعمة «لشارلي ايبدو» على صفحتين ووضعت عنوانا لها «أكتب اسمك أيتها الحرية». وفي الصفحة الأولى، كتب رئيس تحرير المجلة «جيرارد بيارد» يقول: «منذ أسبوع استطاعت شارلي الصحيفة الملحدة، صنع المعجزات». كما كتب «باتريك بيلو» أحد أصدقاء الرسام شارب أحد أبرز رسامي شارلي ايبدو والذي راح ضحية هجوم الأربعاء الماضي مقالا قال فيه «سيكون شارب سعيدا جدا بارتفاع مبيعات هذا العدد التاريخي».
