تحوّلت المبيدات الزراعية إلى كارثة في اليمن، مسبّبها تهريب وإدخال أصناف محرمة الاستخدام دولياً ويسهّل من عبورها عجز السلطات عن الضبط وفرض شروط عملية تجنّب السكان الآثار الصحية المدمّرة وما تسببه من امراض كثيرة. ولم تجد استغاثات وزارة الزراعة للحكومة التدخّل ووضع حد لتهريب المبيدات آذاناً صاغية، إلّا أنّ الانشغال بالتطوّرات السياسية الراهنة والغرق في تفاصيلها حجب عن أعين القائمين على الأمر ما أشرع الأبواب وعلى مصرعيها لتفشّي الظاهرة. مواد مضافة ويرى المختصون أنّ «الخطورة أحياناً لا تأتي من المبيد نفسه قدر ما تأتي من المواد التي تضاف إليها، على الرغم من أنّ اليمن أول دولة عربية تشترط على الشركات المصنعة عدم إضافة أية مواد لتسبّبها في تفشّي مرض السرطان»، لافتين إلى أنّ «تهريب المبيدات يجعل من الصعوبة التأكّد من خلوها من هذه الإضافات». ووفق الإحصاءات الرسمية فإنّ «ما يزيد على ألفي طن تصل اليمن سنوياً من المبيدات الزراعية بأشكال متعدّدة من طرق التهريب البحرية والبريّة». عجز حكومي بدورها، تقول السلطات إنّها غير قادرة على ضبط الشريط الساحلي الذي يزيد طوله على 2000 كيلومتر، فيما تعد شواطئ البحر الأحمر المواجهة للقرن الإفريقي أهم مركز تهريب المبيدات يتورّط فيها قادة عسكريون وشيوخ قبائل. ويوضح تقرير رسمي صادر عن وزارة الزراعة والري، أنّ «إجمالي ما تمّ ضبطه من المبيدات المخالفة والمهرّبة خلال خلال عام بلغ 61.22 كجم/ لتر»، متوقّعاً ارتفاع الكمية إلى أضعاف مضاعفة حال تمّ إجراء مسح دقيق للمبيدات المهرّبة. نقاط تفتيش وأقرّت الوزارة بأنّ «المبيدات المهرّبة تمر من خلال نقاط التفتيش العسكرية والأمنية المنتشرة على الحدود ومداخل ومخارج المدن»، ما يشير وبوضوح إلى وجود تواطؤ كبير من قِبل الأجهزة الأمنية والعسكرية والجهات الجمركية في بعض المنافذ. وبلغ إجمالي ما في أحد مخازن منفذ بري واحد حوالي 50 طناً من المبيدات الممنوع دخولها البلاد. تحمّل مسؤولية وطالبت وزارة الزراعة في وقت سابق الحكومة وجهات الرقابة ومكافحة التهريب تحمل مسؤوليتها واتخاذها إجراءات عاجلة وقرارات تقضي بإعادة المبيدات الممنوعة والمقيدة التي يتم تهريبها إلى بلد المنشأ على نفقة المُهرِّب وتحت إشراف الجهات المعنية أو إحراقها في محارق دولية متخصّصة خارج البلاد على نفقة المهرّب.. واستخدام المبيدات المسموح بتداولها لصالح وزارة الزراعة في حملات الآفاق الوبائية مجاناً للمزارعين. ووسط تجاهل السلطات لهذه الكارثة التي كانت سبباً في انتشار أمراض خطيرة أبرزها السرطان، طالبت وزارة الزراعة إلزام مصلحة الجمارك عدم التصريح بإنزال أية كمية مبيدات غير مصرح باستيرادها من على وسائل النقل وإعادتها على نفس وسيلة النقل، وإلزام الجهات القضائية بسرعة النظر والبت في قضايا المبيدات المحالة إليها كي لا تتعاظم المشكلة. تعميم وفي تدليل على تفشّي الكارثة أصدرت وزارة الداخلية مؤخّراً تعميماً بالبحث عن 4 شاحنات محملة مبيدات نباتية خطرة دخلت البلاد عبر أحد المنافذ البريّة. وذكرت الوزارة أنّ «الشاحنات الأربع رصدت في صحراء المحافظة، وأنّ فريقاً مكوّناً من خمس محافظات هي الجوف وصعده ومأرب وعمران وشبوة يتولى البحث عن الشاحنات»، مشيرة إلى أنّ «العملية ما زالت مستمرة حتى يتم ضبط تلك الشاحنات وحمولتها من المبيدات الخطرة».