من المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اليوم السبت، اجتماعا استثنائيا في الرياض لدراسة الوضع المتدهور في اليمن، وسط توقعات باتخاذ مواقف صارمة، عقب انقلاب جماعة الحوثي او من يسمون انفسهم "أنصار الله" على السلطة الشرعية، وإصدار إعلان غير دستوري تضمن حل المؤسسات الشرعية الدستورية في البلاد. وقالت مصادر مطلعة إن "الاجتماع سيخصص لمناقشة مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية إضافة إلى بحث آخر التطورات والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وسبل التنسيق والتعاون حيالها". ولم تستبعد المصادر أن يتخذ وزراء خارجية التعاون قرارا يقضي بفرض عقوبات على جماعة الحوثي. وأشارت إلى عزم دول مجلس التعاون الخليجي تجديد رفضها التام الاعتراف بأي إجراءات أو ترتيبات متخذة من الجانب الحوثي بموجب الإعلان غير الدستوري الصادر منهم. وتوقع عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي في تصريح إلى "الوطن" أن تخرج اجتماعات الوزراء ب"موقف قوي" وربما تذهب في اتجاه دعم ما يسمى ب"العقوبات الاقتصادية" على جماعة الحوثي ومصالحهم تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، فيما لم يستبعد أن تكون هناك خطوة خليجية تذهب لمصلحة معاقبة كل من شارك في الانقلاب وإدراج أسمائهم في لائحة العقوبات المرتقبة. وسبق أن عقد وزراء دول مجلس التعاون اجتماعا استثنائيا يوم 20 يناير الماضي، واعتبروا آنذاك اقتحام الحوثيين دار الرئاسة اليمنية انقلابا على الشرعية، كما دعوا إلى انسحاب الحوثيين من صنعاء وإعادة سلطة الدولة. وقد وصف الوزراء تلك الأحداث بالتصعيد الخطير المرفوض الذي لا يمكن قَبوله بأي حال، واعتبروا أنه يعرض وحدة وسيادة وأمن اليمن للخطر. وكان مجلس التعاون الخليجي قد ندد بانقلاب الحوثيين الذين حلوا البرلمان وأنشأوا مجلسا رئاسيا يتولى إدارة شؤون البلاد. كما اعتبر المجلس في بيان له، «الإعلان الدستوري» الذي أصدره الحوثيون، نسفا كاملا للعملية السياسية السلمية التي شاركت فيها كل القوى السياسية اليمنية، واستخفافا بكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته وتحقيق تطلعات الشعب اليمني. وقوبل الانقلاب الحوثي برفض داخلي وخارجي، ما وضع الحوثيين في عزلة تامة، وخرجت مظاهرات شعبية للتنديد به، كما أعلنت محافظات يمنية قرارها بعدم تلقي أي أوامر من صنعاء ولا التنسيق معها بعد أن سيطر فيها الحوثيون على مؤسسات الدولة. وتوقع محللان سياسيان سعوديان أن يسفر اجتماع وزراء خارجية الخليج اليوم عن قرارات مفصلية فيما يتعلق بالموقف من الانقلاب الحوثي، لتجنب انزلاق اليمن إلى حرب أهلية. ورأى المحلل الاستراتيجي فضل البوعينين، أن اليمن في عزلة تامة عن محيطه الجغرافي بعد الانقلاب الحوثي على المؤسسات الشرعية، ما سيتسبب في كارثة اقتصادية وإنسانية موازية للكارثتين السياسية والأمنية. وأفاد أن اجتماع الرياض اليوم وهو الثاني خلال شهر الذي يناقش الوضع في اليمن، ربما يتمخض عن موقف صارم وموحد، يسعى إلى العمل على إيجاد حلول تسهم في معالجة الأزمة؛ وحماية اليمن من التفكك. ولفت إلى أن التصريحات الأولية تشير إلى عدم رغبة دول المجلس في التدخل العسكري لحماية مصالحها، وهو قرار حكيم، إذ إن إنقاذ اليمن يفترض أن يكون من الداخل أولا؛ إضافة إلى الجهود الدولية، مفيدا أن أي تحرك خليجي لن يكون بعيدا عن الأممالمتحدة، إلا أن تلكؤ المبعوث الأممي قد يزيد من أمد الأزمة ويتيح الوقت الكافي للحوثين للسيطرة التامة على المدن اليمنية. وشدد على أن مواجهة ما يحدث في اليمن يفترض أن يكون من الشعب اليمني أولا؛ ثم الدعم القوي من دول الخليج؛ إضافة إلى قرارات صارمة من مجلس الأمن تمكن القوى الدولية من مواجهة الانقلاب الحوثي هناك. وقال البوعينين: إن على الدول الخليجية التفكير أولا في حماية حدودها؛ من أي تداعيات مستقبلية قد تحدث لأسباب مرتبطة بالحوثيين، ثم اتخاذ موقف موحد من الحوثيين، والعمل بقوة وسرعة من خلال المنظمة الدولية لإعادة الشرعية؛ وتجريم الانقلاب. من جانبها، أكدت الباحثة السياسية سكينة المشيخص، أن المواجهة الخارجية المباشرة خطر على اليمن لأن الوضع أشبه ببرميل متفجرات قابل للاشتعال، ومن ثم ينبغي السماح للعملية التفاعلية داخل اليمن أن تمضي إلى أن يبدأ الحوثيون ارتكاب الأخطاء بحق الإنسان والدولة، بعدها يتم التدخل الخارجي بدعم مجلس الأمن والأممالمتحدة. ورأت أن الحوثي من واقع أدائه الاستبدادي في بلد ثائر سيعمل على تآكل نفسه وفقدان الدعم الداخلي وبروز مقاومات تضعفه وتربكه، لذا يمكن الجزم أن اليمنيين يمكنهم حسم الفوضى الحوثية، وإن لم يحدث ذلك يتم الحسم من الخارج عبر الشرعية الدولية. ولفتت إلى ضرورة التعامل من خلال المنظمات الدولية للتضييق على الحوثيين، والعمل على تأمين الحدود ضد أي اختراقات محتملة. الجدير بالذكر ان جماعة الحوثي سيطرت في 20 يناير الماضي على مبنى دار الرئاسة والقصر الجمهورية وحاصرت منزل الرئيس عبدربه منصور هادي الذي قدم استقالته في 22 من الشهر نفسه بالتزامن مع استقالة رئيس حكومة "الكفاءات" رفضا لما أقدم عليه الحوثيون. وأصدرت جماعة الحوثي العاصمة صنعاء الجمعة قبل الماضية، 6 فبراير إعلانا دستوريا حلت بموجبه مجلس النواب (البرلمان) وشكلت مجلسا وطنيا بديلا عنه قوامه 551 عضوا ومجلس رئاسيا من 5 أعضاء. وأسقط الحوثيون العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي واحتلوا جميع مؤسساتها دون أي مقاومة تذكر.