لا يظهر بعض الأطراف العربية المشاركة في تحالف عاصفة الحزم حماسا من أي نوع لسيناريو القفز إلى الاشتباك البري مع الحوثيين في اليمن بالرغم من التقارير الفنية الميدانية التي تصل لغرفة العمليات في الرياض وتفترض استحالة فرض حل سياسي على الحوثيين عبر استمرار طلعات وآليات القصف الجوي. التقارير المشار إليها تأخذ بالاعتبار أن سلاح الطيران وإن كان يلحق الأذى بمرافق ومنشآت الحوثيين ينجح في إعاقة تقدمهم وتحديدا لليمن الجنوبي فقط، لكنه حتى اللحظة على الأقل يخفق في دفعهم للجلوس على طاولة التفاوض مرة ثانية أو العودة إلى وضعهم وحجمهم الطبيعي كما يرى القرار السعودي. الأمريكيون من وراء الطاولة يعارضون تقدم قوات نخبة برية من البر أو البحر باتجاه اليمن حتى في ظل الحصول على شرعية عربية أو غطاء عربي وإسلامي. وجهة نظر الإدارة الأمريكية في الجانب العسكري من عاصفة الحزم تم تداولها في تقارير فنية وزعت على رؤساء الأركان والسفراء الغربيين في عواصم المنطقة. التقارير التي اطلعت «القدس العربي» على بعض مضامينها تتحدث عن وقف نمو النفوذ الحوثي ميدانيا في العديد من المناطق، وعن تمكن الغارات الجوية من وقف زحفهم وتحالفهم مع قوات الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وعن إعاقة إمدادات السلاح واللوجستيات لكنها تشير – التقارير – إلى صعوبة فرض وضع سياسي جديد غير معقد حتى اذا ما استمرت الغارات والطلعات الجوية لعدة أسابيع وفي الوتيرة نفسها. الموقف الأمريكي العسكري أثار لغطا في كواليس الدول العربية المشاركة في تحالف عاصفة الحزم حيث تميل القيادة السعودية إلى التشكيك في مضمون التقييمات الأمريكية والحديث عن نظرة مستجدة لواشنطن مرتبة تماما على أساس حسابات الاتفاق النووي مع إيران. حتى في النادي الخليجي الضيق ظهرت اجتهادات تحذر من الاسترسال في التورط بعاصفة الحزم وتحديدا تشير إلى أن طرفا في الإدارة الأمريكية خطط لاستخدام عاصفة الحزم في سياق ميزان التفاوض مع إيران.والحدودية. في السياق نفسه تبرز وتستمر التباينات التي لا تظهر أي حماس من أي نوع لنسخة برية من عاصفة الحزم. وهو الخيار الذي تعارضه دول عربية بحزم وعلى رأسها الأردن وبينها الإمارات، كما تتحفظ عليه بخجل الدولة المصرية وكل من الكويت والبحرين. المأزق يتمثل اليوم في ان الطلعات والغارات الجوية قد لا تؤدي في المنظور القريب لخلخلة ميزان التحالف بين علي عبد الله صالح والحوثيين وبالنتيجة قد لا تؤدي إلى إعادة انتاج المشهد السياسي اليمني بقدر ما تثير من الفوضى وردود الفعل السلبية التي تتحدث عن ضحايا مدنيين مرة، وعن ضرر بالغ بالبنية التحتية المتهالكة أصلا في اليمن مرة ثانية. السعودية بدورها لا تبدو مستعدة لوقف العمليات العسكرية بدون إنجاز سياسي. الأردن وكما علمت» القدس العربي» رفض وبحزم الخيار المتمثل بالانتقال لمستوى الاشتباك البري في اليمن محذرا من سيناريو دخول قوات برية أو حتى إنزالات لقوات برية عبر البحر أو الجو. الأردنيون أبلغوا بوضوح رأيهم الفني والميداني وأعربوا عن الاستعداد لإرسال قوات برية تخدم داخل حدود السعودية وليس في اليمن فيما لم يحسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد قراره وكلمته في الخصوص وإن أظهر الاستعداد لتكثيف العمل في المراقبة العسكرية على الواجهة البحرية وفي المجال الاستشاري. معنى هذا الكلام سياسيا ان المرحلة التالية، من عاصفة الحزم والتي تهدف لإخضاع الحوثيين وتتطلب مواجهة برية، مرحلة لا تحظى بأي شعبية داخل نطاق التحالف خصوصا بعد توثق الجميع من مخاوف الانشغال بعاصفة الحزم على حساب المعركة الأساسية المفضلة لحلفاء السعودية العرب وهي المعركة ضد تنظيم الدولة. وبالمعنى نفسه يمكن استخلاص الصورة المعقدة التي يعيشها تحالف عاصمة الحزم الآن، فوقف الغارات الجوية حتى مع وجود ثمن سياسي بسيط أو متوسط ليس خيارا سعوديا واستئناف العمل الجوي عسكريا لا يحسم الأمور ولا يخضع الحوثيين أو يجهز عليهم والطريق نحو السيناريو البري (غير نافذ ). من هنا بدأت أطراف أمريكية وغربية تتحدث عن فتح صفحة جديدة تنضم لملفات الرفوف في مطبخ التسوية الشاملة لأزمات المنطقة الأمر الذي تحدث عنه وبتوسع وبلغة لا تخلو من الابتزاز السياسي والدبلوماسي للسعودية وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، عندما توقف على محطة الرياض في الساعات القليلة الماضية حيث التقى الملك سلمان وتحدث لوسائل الإعلام. .. هذه الصفحة اسمها اليمن وعاصفة الحزم والحوثيين.. ذلك عمليا وحتى اللحظة المنتج الوحيد سياسيا البارز لعاصفة الحزم، وهو ما يمكن تلمسه من المناورات الدبلوماسية التي قام بها وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أمس الأحد وهو (يلاعب) فابيوس.