ذكرت صحيفة "العرب" اللندنية في تقرير لها أنه بعد إثبات فاعلية الضغط العسكري على ميليشيا الحوثيين في اليمن، قد تتخذ إيران إجراءات يصفها البعض بالمجنونة لتوسيع نطاق المواجهة في محيط منطقة الخليج العربي، سعيا لإجبار السعودية ودول مجلس التعاون على التراجع استراتيجيا داخل حدود منطقتهم والحد من التمدد العربي في العراقوسوريا ولبنان. بدأت إيران مرحلة جديدة انتقلت فيها من نفي الاتهامات حول الملف النووي وقمع الحريات إلى توجيه الاتهامات والنصائح إلى دول المنطقة، وخاصة البحرين التي تلعب فيها دورا تخريبيا كبيرا منذ اضطرابات دوار اللؤلؤة عام 2011.
وتريد طهران على ما يبدو إغفال الطرف عن دعمها للحوثيين في اليمن، الذين باتوا في مأزق كبير بمواجهة الضربات الجوية لقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وفتح جبهة جديدة مع دول الخليج في البحرين.
ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته القوى الغربية وإيران من أجل التوصل إلى اتفاق نووي بحلول نهاية شهر يونيو المقبل، استعاد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي لهجة التهديد التي اعتاد تبنيها تجاه المنامة طوال الأربعة أعوام الماضية.
وأعلن خامنئي أن بلده يبذل ما في وسعه لدعم الشعوب "المظلومة" في المنطقة. ونقلت وكالة إيرنا الرسمية للأنباء عن خامنئي قوله "شعوب الیمن والبحرین وفلسطین هي شعوب مظلومة ونحن ندعم المظلوم بأي قدر نستطیع".
واتهم الزعيم الإيرانيالولاياتالمتحدة بأنها "هي الداعم والمصمم للإرهاب"، وقال إن "إيران حاربت الإرهاب، ووجهت له صفعة وضربة قاسية، وستفعل الشيء نفسه من الآن فصاعدا".
وعادة ما يضع خامنئي كل المناهضين للهيمنة الإيرانية في المنطقة في خانة الإرهاب. ويدعم في المقابل جماعات شيعية تتبنى العنف في البحرين التي تحاول السلطات فيها التوصل إلى اتفاق مصالحة مع المعارضة وتنفيذ خارطة طريق من أجل الإصلاح السياسي.
وبينما استدعت الخارجية البحرينية القائم بالأعمال الإيراني اعتراضا على تصريحات خامنئي، كما أقدمت طهران على القيام بالمثل، يشعر الأميركيون بمخاوفهم الخاصة من دعم طهران للأعمال الإرهابية في البحرين. وألقت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي الأخير لمكافحة الإرهاب الضوء على شحنة حديثة من الأسلحة الإيرانية المتوجهة إلى البحرين عن طريق العراق.
وفي مطلع الشهر الجاري، قام عدة أشخاص بإلقاء قنابل حارقة على مركز للشرطة في المنامة، مما أدى إلى إلحاق أضرار بواجهات المحلات إلا أنه لم يُسفر عن وقوع إصابات. وقد اشتدت حدة هذه الأحداث على مدى الأشهر القليلة الماضية في القرى الشيعية المحيطة بالعاصمة، المنامة.
ففي مارس، قُتل ثلاثة من ضباط الشرطة عقب وقوع تفجير في الديه، وفي الشهر الماضي، أصيب ضابط بانفجار آخر في نفس القرية؛ وبعد أيام من ذلك، ألقيت قنبلة حارقة على سيارة تابعة للشرطة في مدينة حمد.
وتعكس هذه التوجهات إصرار دوائر صنع القرار في طهران على استئناف الحرب التي بدأتها السعودية في اليمن، لكن هذه المرة على الأراضي البحرينية.
ويقول مراقبون إنهم لا يستبعدون تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف الشرطة ورجال الأمن البحرينيين خلال الفترة المقبلة. وتريد طهران بتبنيها هذه الاستراتيجية أن تتمدد القدرات الأمنية والاستخباراتية السعودية على أكثر من جبهة.
وإن كان هذا التمدد في الماضي، هو الحال خلال المواجهات الإقليمية بين الجانبين في سوريا ولبنان والعراق، إلا أن خلق الاضطرابات في اليمنوالبحرين يشعر إيران بأنها باتت قريبة من الحدود السعودية أكثر من أي وقت مضى.
ويقول الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإيرانية عباس قيداري "بالنظر إلى تصريحات زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله حول ما يحصل في البحرين فقد يجري تسليح الجماعات الشيعية هناك".
وأضاف "أنّ بعض المجموعات داخل البحرين قد تلقّت تدريبا عسكريا وأنّ حزب الله لديه القدرة والخبرة لإيصال الأسلحة إلى بلدان أجنبيّة، بما فيها البحرين كما يروج نصرالله".
ومن بين هذه المجموعات البحرينية التي تحظى بالدعم الإيراني المباشر "سرايا المختار". ويشير اسم هذه المجموعة إلى أنصار المختار الثقفي الذي كان شخصيّة إسلاميّة شيعيّة بارزة في الماضي سعت إلى الانتقام لمقتل الإمام الحسين، وجرى تصميم شعار هذه المجموعة بدقّة كبيرة لتظهر فرادته مع دمج جميع العناصر البصريّة للشعار الرسمي للحرس الثوري الإيراني، مثل الكلاشنكوف، والقبضة المشدودة وإحدى الآيات القرآنيّة.
وتقول تقارير إن هذه الجماعة، بالإضافة إلى جمعية الوفاق أكبر جماعات المعارضة البحرينية، تتصل مباشرة بمدينة قم الدينية في إيران.
وبين أروقة الحكومة الإيرانية هناك من يزال يعتقد أن ثمة إمكانية متاحة لاختراق الخليج عبر البحرين التي لطالما كان المسؤولون الإيرانيون ينظرون إليها باعتبارها حلقة ضعيفة في دائرة مجلس التعاون الخليجي.
إلا أن إصرار السعودية مؤخرا، على أخذ زمام المبادرة في اليمن ضد الحوثيين وبعدها في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد أحدث ارتباكا ظهر جليا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين مؤخرا التي لم يستبعدوا فيها إمكانية إجراء محادثات مع مسؤولين خليجيين حول ملفات المنطقة المختلفة.