جاء إعلان الرئيس اليمني عبدربه هادي، عن تغييرات وزارية، اليوم الثلاثاء، بعد فترة تعد قصيرة من تصاعد خلافاته مع رئيس الوزراء اليمني، خالد بحاح، حول عدة ملفات، ليثير التساؤلات، حول أهداف هذا التغيير وتوقيته ولماذا تمت الإطاحة بوزير الخارجية رياض ياسين الذي كان يرفضه بحاح وهل ذلك بمثابة تفوق جبهة بحاح على جبهة هادي، أم أن تعيين "هادي" لثلاثة نواب لبحاح لتمهيد الطريق لتفريغ "بحاح" من مهامه، والاستعداد لعزله أم أن الوضع اليمني والحرب القائمة، ومعارك التحرير تتطلب ذلك، وما انعكاسات تلك التغييرات على الواقع اليمني الحالي ميدانيًا وسياسيًا. لمعرفة أسباب هذه التغييرات وأهدافها وانعكاساتها على المشهد اليمني، ومستقبل الأزمة المشتعلة والمعارك الدائرة والمفاوضات المرتقبة في "جنيف2" بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثيين "الشيعة المسلحة" والمخلوع صالح، "شؤون خليجية" استطلع أراء محللين للإجابة عن هذه الاستفسارات...
سياسة خارجية مختلفة عن سابقتها في البداية، اعتبر المحلل السياسي فيصل المجيدي، أن التغيرات مهمة وتمثل ضخ دماء جديدة بالحكومة اليمنية، قائلا:"اعتقد أنه تغيير مهم خصوصا فيما يتعلق بحقيبة الخارجية، وكذا إدخال دماء جديدة للحكومة مثل جباري الذي يتبوأ لأول مرة منصب تنفيذي". وأضاف المجيدي، في تصريح خاص ل"شؤون خليجية"، أن تلك التعديلات "ربما تعني انتهاج سياسية خارجية مختلفة عن سياسة الضبابية السابقة، كما أن توقيت هذه القرارات جاءت في توقيت هام بعد عودة الرئيس إلى عدن". ولفت إلى أن التعيينات جاءت من مناطق جغرافية مختلفة معتبرًا إياها، تعكس رغبة الرئيس في توزيع المهام على الجغرافية المختلفة، مضيفًا :" حيث يمثل عبدالعزيز جباري، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية الإقليم الشمالي، وهو سياسي قريب من كافة الأوساط وأمين عام حزب العدالة والبناء، كما أن وزير الخارجية الدكتور المخلافي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية من تعز، وهو قيادي ناصري، ويمثل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اللواء حسين عرب الجنوب". وأضاف أن من "اللافت أيضًا هو تعيين وزير من الحراك الجنوبي من الجناح المطالب بالانفصال، وهو صلاح الشنفرة بما يعكس انفتاح السلطات اليمنية على كافة المناطق، والجغرافيا اليمنية ومحاولة لحلحلة القضايا المعقدة في الوسط اليمني". وتابع "المجيدي" أن تلك التعديلات قد لا تلقى قبولا لدى بعض القوى، مضيفًا إلا أنها "تسحب للبساط من تحت رجال تحالف الحوثي وصالح باعتبار أن وزراء مثل الخدمة المدنية كانوا موالين للحوثيين وكذا رئيس الأمن السياسي الذي تم إقالته وتعين وزير الداخلية السابق عبده الحذيفي مكانه". واعتبر أنه بتغير رياض ياسين فقد تم نزع الخلاف بين الرئيس ونائبه المتمثل حول وزير الخارجية واختتم المحلل السياسي، تصريحه بالتأكيد على أن "المهم هو الأداء على الأرض وما يمكن أن تعكسه هذه التغيرات على السياسة الداخلية والخارجية للدولة والخدمات التي يمكن أن يشعر بها المواطن على الأرض".
لا جديد من جانبه قال المحلل السياسي، غمدان اليوسفي، إن "التغيير الوزاري الذي حصل هو حركة أراد فيها الرئيس هادي تحريك بعض المياه الراكدة كون الضغط الشعبي بات يتصاعد عليه جراء بروده في إدارة الملفات التي يستطيع حلها". وأضاف "اليوسفي" في تصريح ل"شؤون خليجية"، أنه "من الناحية الواقعية لا أثر حقيقي يمكن أن ينتج جراء هذا التشكيل، ربما الإيجابية الوحيدة فيه هو حل مشكلة وزير الخارجية التي صارت مسخرة عند الشارع العام". وأشار إلى استعانة "هادي" في التعديل بمسؤولين قدامى، قائلًا :" هناك عودة إلى القديم وتشتت بتعيين وزير الإعلام الذي كان طبيبا ثم دبلوماسيًا، وأيضا عودة وزير الداخلية القديم في عهد صالح إلى موقعه في الداخلية".وتابع متهمًا هادي بالتأخر في أخذ القرارات :"هادي بطيء الحركة وهذا ما يجعل كل خطواته متأخرة جدا" وأكد أن التغييرات قد تكون محاولة فعلية لإزاحة رئيس الوزراء، قائلًا :" قد تكون هذه محاولة لإزاحة بحاح لأن التشكيلة تمت بدون موافقة بحاح كونه هو المخول باقتراح وزراء على رئيس الجمهورية والرئيس يصدر بها قرارات"، مشددا على أن هادي غير قادر على إزاحة "بحاح"، موضحاً "الصراع بين بحاح وهادي حقيقي، لكنه ليس قادرا على إزاحة بحاح، فالرجلين كل منهم متكئ على ظهر إقليمي".
حل مشكلات هادي وتهميش المقاومة بدوره، هاجم المحلل السياسي ومدير مركز أبعاد للدراسات والبحوث، محمد عبد السلام، تلك التعديلات معتبرًا إياها غير هادفة لاستعادة الدولة اليمنية، مضيفًا أنها جاءت "لحل مشكلات واجهت الرئيس هادي والحكومة خلال الفترة الماضية". وقال "عبد السلام"، في منشور على صفحته بموقع "فيس بوك": إن "تعديلات الرئيس على الحكومة حكمت على الفترة الانتقالية بالشيخوخة، فلا يوجد وزير شاب على الإطلاق". ولفت إلى اعتماد التعديلات على ما وصفه ب"المحاصصة المناطقية" الواضحة بين الشمال والجنوب"، مضيفًا: "لكن الملاحظ منذ وصول هادي للرئاسة انه لا يعرف شيئا عن إقليم ضمن لأقاليم الجمهورية اسمه تهامة". واتهم المحلل السياسي، "هادي" بتهميش المقاومة على الأرض، قائلًا :"هناك تهميش واضح للمقاومة على الأرض وحضور الحراك الجنوبي في التشكيلة معناه أن الأولوية حماية عدن وليس تحرير صنعاء"، وقال: إن "القرارات كشفت أن الرئيس خضع للمزايدات الخارجية على حساب اللحمة الوطنية وبذلك غاب عن التعديلات التوازن السياسي". واعتبر أن التعديلات لا تقدم أي رسالة واضحة للعبور باتجاه دولة تخلد طموح الشعب اليمني المناهض للعنصرية، مضيفًا أنه "كان يفترض تأسيس وزارة خاصة معنية بشهداء وجرحى اليمنيين ومتابعة ملف توثيق انتهاكات الانقلاب وخلق ثقافة جديدة مناهضة للسلالية والمناطقية". وأكد أن تلك التعديلات تكشف اتجاه اليمن نحو التقسيم، قائلا: "اليمن ماضية على طريق التفكيك شئنا أم أبينا". وحول صلاحيات "بحاح"، اعتبر "عبد السلام" أن التعديلات تفرغ رئيس الوزراء من مهامه قائلا: "تعيينات نواب رئيس الوزراء هو سحب واضح لصلاحيات رئيس الحكومة". متسائلا: "هل بعد هذا التفريغ سيقبل هادي بمشاركة بحاح في إدارة الملف الرئاسي معه بصفته نائب رئيس الجمهورية؟ أم أنه بداية التخلص من الشريك المفروض عليه في مرحلة ما بعد سقوط الدولة ". واختتم "عبد السلام" منشوراته حول التعديلات الوزارية قائلًا :" على طريق استعادة الدولة اليمنية وبمناسبة التعديلات الحكومية نحيي الرئيس ونائبه والحكومة على هذا التحرك الجاد باتجاه استعادة المؤسسات مع تحفظنا على أسلوب الإدارة المعتمد على التدوير لا التحديث "