ساهمت الظروف السياسية المشتعلة في اليمن منذ نحو 6 سنوات، بشكل كبير إلى حضور "الميركاتو" (سوق الانتقالات) بقوة في الدوريات الخليجية والعراقية، وخلق ممر واسع لمغادرة معظم لاعبي المنتخب اليمني الأول لكرة القدم لخوض تجارب احترافية في تلك الدول. ويلعب 12 لاعبًا يمنيًا في 3 دوريات خليجية إضافة للدوري العراقي، جلّهم يمثلون أهم الركائز الأساسية للمنتخب اليمني منذ عدة سنوات. وشهدت الأندية الخليجية إقبالًا متصاعدًا على ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺪ ﻣﻊ اللاعبين اليمنيين ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﻠﺤﻮﻅ الذي قدمه منتخب بلادهم في بطولة "خليجي 22" التي أقيمت في العاصمة السعودية الرياض عام 2014، وهو ما شكل نقلة نوعية للتعريف باللاعب اليمني وانتقاله للاحتراف الخارجي. وما ساعد في عملية انتقال اللاعبين اليمنيين لدوريات الخليج في السنوات الأخيرة، التوقف التام للأنشطة الرياضية بمختلف أشكالها في البلاد، وأبرزها منافسات الدوري اليمني. كما مثل قرار حظر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إقامة المباريات في اليمن، جراء الأوضاع السياسية المضطربة واشتعال فتيل الحرب في البلد الذي يعشق أبناؤه كرة القدم، "نكسة كبرى للكرة اليمنية". ويعد صانع لعب فريق اليرموك صنعاء سابقًا، الدولي عبد الواسع المطري الذي تعاقد مع نادي العروبة العماني نهاية يوليو/تموز 2015، أشهر لاعب يمني محترف خارجيًا. وساهم المطري بقوة في تحقيق فريقه بطولة الدوري العماني الموسم الفائت، من خلال المستوى الكبير الذي قدمه والأهداف الحاسمة، ما دفع نادي العروبة للتجديد معه لموسم آخر. وتقاسم الدوري العمانيوالبحريني عدد المحترفين اليمنيين بأربعة لاعبين في كل بلد، حيث يتوزع اللاعبون اليمنيون في فرق الدوري الممتاز والدرجتين الأولى والثانية، بينما يلعب يمني واحد ضمن الدوري السعودي، بعد أن خاض لاعب آخر تجربة احترافية فيه قبل أن يغادره دون تجديد العقد، ويشارك لاعبان في نفس النادي بالدوري العراقي الممتاز. "احتراف عدد من اللاعبين سينعكس بصورة إيجابية على مستويات المنتخبات اليمنية في مشاركاتها المقبلة"، بحسب المدرب اليمني علي العبيدي الذي تولى الإشراف الفني على منتخب بلاده وعدة أندية محلية يمنية. وفي حديث خاص للأناضول عبر الهاتف، أرجع العبيدي السبب إلى أن مشاركة اللاعبين اليمنيين في دوريات متطورة تتفوق على الدوري اليمني بمراحل، سيساهم في تطوير مواهبهم من خلال المباريات القوية والانضباط الاحترافي الذي يخلق لاعبًا مميزًا. وأضاف "تحسين المستويات المعيشية للاعبين يخلق استقرارًا نفسيًا جيدًا، يساهم بقوة في تفرغ اللاعب لتطوير قدراته البدنية والتكتيكية، فضلًا عن توفر مدربين جيدين يتفوقون على اليمنيين بلا شك، وهي عوامل مهمة للاعب". وقال اللاعب اليمني أيمن الهاجري، مهاجم فريق النجمة البحريني، إن تجاربه الاحترافية في البحرين أكسبته الكثير من الفائدة البدنية والفنية وعززت من مستوى ثقته بنفسه، وطورت من قدراته أضعاف ما كان عليه مستواه في اليمن". وأضاف الهاجري للأناضول أن "الاحتكاك بلاعبين أجانب يتفوقون على اللاعب اليمني والتمارين التي نتلقاها على أيدي مدربين محترفين، طور كثيرًا من مستوياتي وزملائي وأكسبنا الخبرة والثقة التي تزداد يومًا بعد آخر، بعكس الفترة التي كنا نقضيها في اليمن، حيث كل شيء كان يسير على رتم واحد دون إحداث تجديد أو تطور". وعن انعكاس ارتفاع مستواهم على منتخب بلادهم قال الهاجري "النتائج المرجوة ستكون كبيرة جدًا ومفيدة وانعكست على مستوانا مع المنتخب مؤخرًا، حيث بات ينافس ولا يخوض البطولات لأجل المشاركة فقط، وتنتظرنا مباريات حاسمة في الدور الثاني لتصفيات كأس أمم آسيا، وسنسعى بقوة لكسب بطاقة التأهل للنهائيات". والرأيه نفسه، كان لزميله في المنتخب اليمني، المدافع محمد بقشان الذي التحق في ال25 من سبتمبر/أيلول الماضي بفريق النهضة العماني، قادمًا من فريق الهلال بالحديدة. بقشان، قال إنه يعيش أجواءً جيدة جدًا مع فريقه الجديد، وأكد أن كل العوامل في الدوري العماني تساعده كثيرًا على تقديم مستويات كبيرة. كما تحدث المدافع عن الفارق الكبير الذي وجده في عمان مقارنة بما كان عليه الحال في بلاده، بالقول "الفرق كبير ولا مجال للمقارنة حيث التفرغ التام لمزاولة التمارين اليومية وتطوير القدرات البدينة والفنية كما أن مستوى المعيشة تحسن بشكل كبير ما سينعكس إيجابًا بشكل كبير على مستوياتنا جميعًا". ويعول الشارع الرياضياليمني، على أن يساهم تواجد هذا العدد من المحترفين اليمنيين في دوريات تتفوق على مسابقات بلدهم، في تطوير قدراتهم وأدائهم مع المنتخب، من أجل إبقائه في دائرة المنافسة على بطاقة التأهل لنهائيات أمم آسيا بالإمارات عام 2019.
